تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خريجو المعهد العالي للفنون المسرحية..هل ينالون الفرص?!..

فنون
الأربعاء 21/5/2008
لميس علي

هل يحتاج الفن إلى دماء جديدة كما أي شيء في مجالات الحياة الأخرى? ألا يشكل توظيف الدماء الشابة والإفادة منها شرطاً لازماً للإتيان بما هو مختلف, حيوي, وصولاً إلى ماهو منعش مدهش ومتجدد باستمرار?

هي تساؤلات تطرح مقترنة مع ملاحظة الحضور القوي واللافت الذي يحققه خريجو المعهد العالي للفنون المسرحية, على خشبات المسرح السوري, ومع امتلاكهم لطاقات إبداعية خلاقة قادرة على تفجير ما هو جديد مبتكر بأسلوبية مطبوعة بهوسهم الفني اللامحدود... هوس يعلن بثقة (أنا هنا)..‏

فهل ينال هؤلاء الخريجون بعضاً من حقهم في التواجد على ساحة الدراما التلفزيونية.. وماذا عن ظروف الفرص المتاحة أمامهم?. بتعبير أدق.. هل هناك فرص حقة تقدم لهم تتناسب مع حجم مواهبهم أمام وفرة الإنتاج الدرامي? بل هل هناك من يبحث عن هذه الوجوه الجديدة ويسعى إلى استثمارها بالشكل الأمثل والأرقى والأكثر فائدة لكل أطراف العملية الإبداعية?..‏

محاولة منا لرصد ومعرفة أوضاع الشباب الخريج الجديد من المعهد المسرحي, (الثورة) التقت اثنين متميزين من الممثلين الشباب, قدما لنا آراءهما وانطباعاتهما حول هذه الأمور, هما الممثل الشاب شادي مقرش, والممثلة الشابة رغد مخلوف..وكلاهما تخرج سنة 2004م ..‏

فرص بالحد الأدنى‏

يقول شادي عن قضية توفر الفرص للخريجين الجدد: ( هناك فرص بالحد الأدنى.. وكل خريج يحتاج إلى وقت طويل, إذا لم تأته الفرصة بالصدفة أو عن طريق الحظ أو أي شيء قدري آخر. ولهذا قد ينتظر من ثلاث إلى أربع سنوات أو أكثر بعد تخرجه لأن ينال فرصته بمعنى فرصة لأدوار مهمة تقدمه بالشكل الصحيح).‏

ولكن ماذا عن الكفاءة الفنية المهنية للممثل, وهل تأتي الفرص بطريقة منصفة لمن يمتلك هذه الكفاءة ولمن لا يمتلكها? يقول شادي:(لاأستطيع القول إن الكفاءة هي الأساس, الكفاءة هي كيف يرى المخرج أو المنتج هذه الكفاءة, فالمخرجون والمنتجون ليس لديهم الوقت لكي يحضروا المسرح. وأيضاً المعهد العالي للفنون المسرحية عندما يقدم عرضاً لتخريج طلابه لا يسوق هؤلاء الطلاب. وكذلك فإن نقابة الفنانين لا تعمل لخلق فرص للممثلين الأعضاء بها, لا ترشحهم لأعمال ولا تهيئهم لفرص كما يتم الأمر في مصر.. فبالتالي من أين ستأتي فرص الكفاءة للممثل? وبالرغم من هذا تبقى فرص الكفاءة موجودة ولكنها نادرة جداً).‏

يفكر هذا الجيل الفني الشاب بطريقة عملية منطقية, قادرة على استقراء الأمور بصورة واضحة وممنهجة. بسهولة نتبين ذلك مما يقوله شادي في الكيفية التي من الممكن, إذا ما طبقت ,أن توفر فرصاً مقبولة تستوعب وتظهر إمكانياتهم التمثيلية الحقة, يقول : (أرى أن القصة لها علاقة بثلاثة اتجاهات.. أولاً المعهد العالي, كيف يقدم الطالب خلال سنوات دراسته التي يعمل فيها مشاريع, والتي من المفترض أن يدعى إليها جميع المخرجين والمنتجين في البلد, الخطوة الثانية هي إن تحققت الخطوة الأولى أن يلبي المخرجون والمنتجون هذه الدعوة, والخطوة الثالثة وهي الأهم تكمن في دور نقابة الفنانين التي من المفترض بها أن يكون لديها أناس متخصصون بتحقيق توازن وتسويق وفرص للممثلين, من خلال طريقة ما. فالمممثل بحاجة لفرصة, ولكن لا يظن المخرج أو المنتج إذا ما أعطياه دوراً, فإنهما بذلك يفيدانه هو فقط, هما يكونان بذات الوقت مستفيدين منه, المنتج يستفيد بتخفيض الأجرة, والمخرج يستفيد منه إذا كان ممثلاً جيداً فإنه يحقق له شيئاً جديداً على الشاشة. فالفرص موجودة ولكنها قليلة جداً جداً, لا تتناسب مع كم الخريجين, ولا مع كم الانتاج).‏

والحال كذلك فهذا يعني وجود نوع من التنازلات يقدمها الخريجون الجدد, يؤكد شادي أنهم بالفعل يقدمون تنازلات ,هي مادية في أغلب الأحيان.. وتنازلات بحقوقهم البسيطة أثناء التصوير, كأن يتم احترام مواعيد عمل هذا الممثل الشاب التي ينسق على أساسها .. كأبسط مثال..‏

لا يصح إلا الصحيح‏

أما رغد مخلوف فأكدت هي الأخرى أن نسبة كبيرة من الخريجين الجدد لا تأخذ فرصتها كما يجب, تقول:( ما أسباب ذلك? هناك أسباب أعرفها يمكن أن أتحدث عنها, وهناك أسباب لا أعرفها... ما أعرفه من أسباب يكمن في أن هؤلاء الخريجين لا يأخذون فرصهم لأن للحظ دوراً في الأمر. أو حتى هناك ما هو أهم من الحظ بالمرحلة الأولى -وهنا أشارت إلى قضية الكاستينغ(casting )وإلى تقصير المعهد في دعوة ذوي الاختصاص -وأضافت : في الدراما السورية هناك مفهوم النجم, بمعنى أن المسلسل يباع بناءً على أسماء الفنانين العاملين فيه. وما يحدث أن هناك أسماء تكون محفزة للقنوات لأن تشتري المسلسل.. برأيي أن هناك تخوفاً من قبل المخرجين ومن شركات الانتاج من صناعة نجوم جدد).‏

أما عن كيفية إتاحة الفرصة وإمكانية توفرها, تقول: (ممكن أن تأتي بالنسبة لي مع الوقت يعني كيف أبني تاريخي, كيف أبني اسمي وحضوري, فإذا كنت شخصاً مهماً ولدي شيء مهم وآمنت بهذا الشيء لا بد أني سأتعب كثيراً حتى أوصل وجهة نظري هذه. دائماً أقول إن كل ممثل خريج لديه ثلاثة أسئلة عليه أن يجيب عنها.. ماذا أريد, لماذا أريد, وكيف أصل إلى هذا الذي أريد ? عندما أجيب على هذه الأسئلة وعندما أحاول كل الوقت أن أثبت وجودي بالطريقة التي أراها صحيحة, ستأتي فرصتي لأنه بالنهاية لايصح إلا الصحيح. أنا من خريجي سنة 2004م ولكن لم أشتغل دوراً كبيراً حتى السنة الماضية مع المخرجة إيناس حقي, وهي ليست صديقتي ولا أعرفها, وعلى مايبدو أنها شاهدت عملي في العروض.. فالأمور بالنسبة لي هي على هذا النحو).‏

أما فيما يتعلق ب(الكيف) التي توفر الفرص, والتي تخص الطرف الآخر أي (الإخراج والانتاج) فتؤكد رغد أنها لا تعلم شيئاً عن هذه ال(كيف).. لا تعلم ما آلية تفكيرهم. بل هي تطرح إلى الآن على نفسها هذا السؤال, ولكن لا تجد له جواباً.. لنختم بسؤال نطرحه مع رغد.. هل يمكن أن يكون منطق العمل بهذا المكان له شروطه وآليته التي من الممكن أن تكون أعقد من أن نفهمها.. ولماذا.. هل لدى بعضٍ من الجهات المعنية التي ذكرناها بعض من جواب.. ربما لديها لعبة الجواب كله..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية