تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في حدث.. أطفالنا وأطفالهم!

اراء
الأربعاء 21/5/2008
د. اسكندر لوقا

في زحمة السباق إلى المنصب الأول في الولايات المتحدة الأميركية في أيامنا هذه, لا بد أن يلفت انتباه المتتبع لمجريات هذا السباق أكثر من مشهد, وخلافاً لما هو مألوف.

المألوف في زحمة السباق, أن يشاهد المتتبع مواقف الاتهامات المتبادلة بين هذا الجانب, والتي تتركز عادة على الرشاوى والتماس العون من الأثرياء المنتمين إلى الحزب الذي يمثله المرشح للمنصب,وقد يصل بهم الأمر إلى المس بأخلاقيات بعضهم بعضاً والإساءة حتى إلى علاقاتهم الأسرية, وما إلى ذلك وصولاً إلى الهدف الذي هو سدة الحكم.‏

وسدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية لها تبعاتها كما هو معروف, إنها تعني الإمساك بالقرارات الداخلية والخارجية معاً, وخصوصاً في حال أفلت الجالس على سدة الحكم من قبضة خصومه في مجلسي الكونغرس أو النواب, ولهذا الاعتبار غالباً ما يلجأ المرشحون لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية إلى وسائل قد تبعدهم عن قاعدة المنافسة الشريفة, فيجري تشويه سمعة الخصم إما على أساس اللون أو العرق أو المعتقد أو المنبت أو حتى العلاقات الشخصية مع الأصدقاء أو الأصحاب وما إلى ذلك.‏

بيد أن ما يلفت الانتباه أحياناً, إنه فضلاً عن التماس التأييد من قبل هذا اللوبي أو ذاك المتحكم بسياسة التوجه نحو الخارج أميركياً, كما هو حال اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة الأميركية هذه السنة الانتخابية على غرار السنوات السابقة, أقول إن ما يلفت الانتباه في السباق القائم الحالي, هو ابتزاز المواطن الأميركي البسيط نوعاً ما, وذلك عن طريق استخدام الأطفال عندما يحملونهم على أذرعهم أمام عدسات التصوير بهدف احتلال الوصول أولاً إلى قلوب النساء اللواتي كثيراً ما يتجاوبن مع المرشح الذي يظهر اهتمامه بالأطفال, وأحياناً حتى بالحيوانات الأليفة على المستوى نفسه.‏

وإذا جاز لنا أن ننتقل إلى الوجه الآخر من المسألة, لا بد لنا أن نتساءل: ألا يعلم أمثال هؤلاء المرشحين أن ثمة أطفالاً آخرين خارج بلادهم لا يقيمون لهم وزناً قبل أو بعد وصولهم إلى سدة الحكم في بلادهم, على نحو ما نراه على الشاشات الفضائية ليل نهار, وأن لهؤلاء الأطفال أيضاً حقوقهم في حياة آمنة على أذرع ذويهم?‏

إن احتضان المرشح لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة للأطفال, بدءاً من السيدة هيلاري رودهام كلينتون والسناتور باراك أوباما وصولاً إلى السناتور جون ماكين, كيف نفسره? هل هو ابتزاز رخيص لمشاعر النساء والأمهات منهن تحديداً, أم إنه موقف صادق يصدر عن إنسان يدرك حقاً أهمية التطابق بين الصورة والممارسة بعد الوصول إلى الهدف المنشود? هل هو سلوك مستدام أم إنه مشهد مؤقت أقرب إلى التمثيل منه إلى الحقيقة?‏

حين يعود أحدنا لتصفح صور وتاريخ التنافس بين المرشحين الساعين للجلوس على الكرسي الدوار المشار إليه, يدرك كما هو عدد الصور التي التقطت لهم حاملين أطفالاً يجوبون بهم بين كاميرات الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء المحلية والعالمية على حدّ سواء, ويدرك في الوقت نفسه كم هو البون شاسع بين الموقف والأداء على الساحات السياسية في أرجاء العالم لا في المجتمع الذي ينتمون إليه بعد الوصول إلى البيت الأبيض.‏

ترى بماذا يختلف أطفال الولايات المتحدة الأميركية, عن أطفال فلسطين والعراق ولبنان? وقد يبدو جلياً لمتتبع خطى الساعين إلى البيت الأبيض كم هو فن التمثيل واضح في حال توقف ولو للحظات قليلة محاولاً قراءة معالم الوداعة على وجه حامل الطفل ولا نقول كم هو يحاول ابتزاز عواطف النساء والأمهات الأميركيات لتحقيق مأرب.‏

Dr-louka@maktood.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية