تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الانسحاب من لبنان

معاً على الطريق
الأربعاء 21/5/2008
غسان الشامي

حالما امتطى سفير السعودية عبد العزيز خوجة صهوة اليخت رافعاً قلوعه تحت جنح الهروب نحو قبرص في 12 أيار الجاري ,كانت السياسة السعودية تنسحب من لبنان.

انتهى على بلاط بيروت زمن السعوَدة سياسياً,بعد سنوات ثلاث مارست خلالها الحرتقة والكيد والنكاية والتمذهب والتلطّي والتشفي ضد جزء كبير من أهل البلد, أما القسم الآخر فتمت محاولة سوقه حريريا إلى الشحاذة والارتزاق على أبواب جمعياتهم وخصيانهم من تنكة الزيت إلى المال الانتخابي وسندويش المظاهرة وسيارات النقل.‏

إنه الجبن والغلّ والغباء معاً معطوفاً على تقية دفينة ,ظنها البعض عند غيرهم ,لكن البنْْدَرَة والمَقْرَنة والفتح أسلمة والنمذجة السلفية الطالبانية البنلادنية التخوينية الوهابينية التي لم تطلق رصاصة على إسرائيل في الستين الأولى,لا بل مدتها بالنفط ومشتقاته , لا مكان لها على بحر بيروت.‏

انسحبت (السعودة) فقط لأنها كانت تعي أنها مارست سياسة فئوية ,وأنه لا مكان بعد لوصايتها ولا للتفاهات المتلفزة عن حياديتها ,فهي التي طحشت بالسعداوية الحريرية وتيار الوراء المسلّح الذي توّسل شياطين التمذهب نموذجاً إلحاقياً بمشروع الإدارة الأمريكية وبغالها المحافظين,مؤسِسة على فحيح لحظة خوف تاريخية على مستقبلها لإعادة التاريخ إلى دائرة الفتنة الإسلامية الكبرى.‏

ما من مكان بعد للإبداع البندَري إلاّ في مزرعة كراوفورد وبين غلاة المذهب,ومن أرسل الفقراء المتعبين المَسوْطين بحبِّ المطوِّعين من شرطة الأمر بالعصي إلى بيشاور لن يتوانى عن صب الزيت بين فقراء المذهب في لبنان المحرومين الجالسين على أطرافه المهمّشة,لكن ذلك لن يمر لأن المال وحده لا يدفع للمقاتلة إن في سبيل الله أو الوطن أو العائلة ولأن لبنان ليس أفغانستان.‏

مَخَرَ الخوجة المتوسط , فيما حلّق الإعلام الديمقرطي الشرق أوسطي البترودولاري في سماء الشحن المذهبي فانقضّت فضائية مخلجنة لنفث السم والتباكي ,وتحول حبر الجرائد التي يفوح منها المازوت إلى حقد يدور في زواريب بيروت وطرابلس وبات معلّقو الربع الخالي يحللّون من زواريب بيروت في أكبر معيبة شهدها الشرق , فالذين اشتروهم وجعلوهم ينتعلون رؤوسهم وألسنتهم باتوا أساتذة الديمقراطية وهم يحجبون النور عن نسائهم ويمنعونهن من قيادة السيارة لإيصال الأولاد إلى المدرسة..نعم وللأسف بات من لم يشاهد صندوقة اقتراع في بلاده ,بل تنحصر ثقافته بالصناديق السود في السياسة والإعلام يتفنن في إعطاء دروس مدفوعة الأجر من أولي الأمر في الدَّس المذهبي المعلن.‏

ما زالت عربية الهراء المتأمرك تبخُّ تَمْرَها وبَلحها المرّ وتصرّ على أن ما حصل في بيروت انقلاب ..ربما, لكنه يبدو الانقلاب الوحيد الذي غابت عنه أعواد المشانق..ومن له عينان غير حولاواين فليرَ.. الخوازيق .‏

ghassanshami@gmail.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية