تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


متــــى وكيــــف ســــيرد حـــــزب اللـــــه علـــــى إسرائيــــل..؟

Mondialisation ca
دراسات
الأحد1-9-2019
ترجمة: محمود لحام

يعتزم حزب الله الرد على إسرائيل في وقت قريب جداً، حسبما أكد أمينه العام حسن نصر الله وكذلك مصادر صنع القرار في الحزب، وبالفعل تم إخلاء مكاتب الحزب ومقراته الرئيسية ومقرات قادته وتجمعات قواته،

وتم إعلان حالة التأهب القصوى في حال قررت إسرائيل خوض الحرب.‏

وفي كل من إيران وسورية ولبنان وفلسطين، يضع الجميع إصبعهم على الزناد، هل سينتهي المطاف بالشرق الأوسط إلى اندلاع الحرب؟ في الواقع، كل هذا يتوقف على المدى والجهة التي يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذهاب إليها، وما إذا كان سيقبل أم لا الرد الانتقامي لحزب الله.‏

وفي بلدة العين في وادي البقاع شرقي لبنان، قام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بتوجبه تهديدات ضد إسرائيل، وأقسم نصر الله على إسقاط الطائرات بدون طيار التي تنتهك السيادة اللبنانية وهدد بالرد على الإسرائيليين، رداً على الضربة الإسرائيلية التي قتلت اثنين من أعضاء الحزب في سورية وتوعد بإرسال طائرات انتحارية من دون طيار لتدمير أهداف ذات أهمية إستراتيجية في العمق الإسرائيلي.‏

بعد ساعات قليلة وفي محاولة لتقويض قدرة حزب الله في ضواحي بيروت، ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقصف موقع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، في نفس وادي البقاع وذلك في رسالة واضحة إلى السيد نصر الله، وربما في اعتراف ضمني بقبول التحدي الذي أطلقه الحزب وكنوع من الصلف المعروف لدى نتنياهو، لكن يبقى أن نرى متى وكيف وبأي تكلفة سيكون انتقام حزب الله.‏

لم يكن لدى السيد نصر الله أي خيار سوى الرد على انتهاكات إسرائيل لقواعد الهدنة الموضوعة في عام 2006 بعد الحرب الإسرائيلية الثالثة على لبنان، فإذا امتنع عن ضرب إسرائيل وقبل الوساطة الدولية والإغراءات السياسية والمالية التي عرضت على الحكومة اللبنانية لإقناعه بالتخلي عن الهجوم الموعود فيه، فإنه سيفقد المصداقية الجوهرية التي يملكها حالياً. وخاصة أن إسرائيل ستتشجع على ضرب أهداف أكثر في لبنان، وإذا امتنع حزب الله عن الانتقام كما وعد، فسوف يخرج نتنياهو (سالما) ويزيد من فرصه في الفوز في الانتخابات المقبلة.‏

لقد وعد السيد نصر الله بالانتقام من إسرائيل أمام العالم، لذلك الجميع في العالم وخاصة في العالم العربي، بمن فيهم الفلسطينيون والسوريون والعراقيون واليمنيون وجزء من المجتمع اللبناني الذي يدعم حزب الله، يتساءل عما سيكون عليه الهدف ومتى سيحدث الهجوم ، حتى في إسرائيل، يتمتع السيد نصر الله بمصداقية كبيرة لدى الناس، كما كتبت معظم الصحف الإسرائيلية، من المتوقع أن يكبح حزب الله انتهاك إسرائيل لقواعد الاشتباك وأن يكون قدوة لجميع عناصر (محور المقاومة) لوقف الهجمات الإسرائيلية ضد سيادة هذه الدول.‏

لن يكون ممكناً منع جميع الطائرات الإسرائيلية من دون طيار من التحليق فوق لبنان وجمع المعلومات الأمنية، هذه تعتبر حيوية من قبل إسرائيل لتحديث بنك أهدافها وتحليل أي تهديدات محتملة، يدرك السيد نصر الله هذا، ولهذا قال إنه سيسعى لإسقاط الطائرات الإسرائيلية من دون طيار، منذ الهجوم على بيروت، تواصل الطائرات الإسرائيلية من دون طيار التحليق فوق العاصمة اللبنانية: (إن إسرائيل تفعل كل ما في وسعها لإثارة أي رد فعل من حزب الله ومعرفة قدرة صواريخه المضادة للطائرات ، كما قال مصدر في (محور المقاومة)).‏

تنتظر إسرائيل أيضاً معرفة ما إذا كانت ستستمر في استهداف مستودعات حزب الله أو إرسال طائرات انتحارية من دون طيار للقيام باغتيالات، لقد وضع نتنياهو نفسه في عنق الزجاجة، وهو غير قادر على الدخول ولا على الخروج، لقد دفع ثمن غطرسته في لبنان إلى الحد الأقصى، اليوم ها هو يدعو حزب الله إلى (التهدئة)، ولكن يبدو أنه تأخّر للغاية للعودة إلى الوراء، الآن في إسرائيل تتعالى ثرثرة وصراخ حول مسؤولية إسرائيل وراء الهجمات خارج حدودها، حيث يلقي العديد من القادة باللوم على نتنياهو، إنها سياسة يتبعها ويستغلها قادة إسرائيل منذ عقود لأغراض انتخابية.‏

بما أن العراق لم يرد على الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت خمساً من مستودعاته إضافة إلى اغتيال قائد عراقي (قتل بطائرة من دون طيار على الحدود العراقية السورية)، فقد خلصت إسرائيل بوضوح إلى أن جميع الأنشطة العسكرية ممكنة على المسرح العراقي. يعرف حزب الله طريقة العمل الإسرائيلية ولا يمكنه السماح بحدوث نفس الشيء في لبنان، حتى لو كان الثمن هو الذهاب إلى الحرب.‏

ما هو (الثمن الذي يجب دفعه) ؟ ما هو الثمن الذي طلبه حزب الله؟ وفقا لمصادر في (محور المقاومة)، فإن حزب الله سوف يستهدف قتل اثنين أو ثلاثة إسرائيليين أو إرسال طائرة انتحارية من دون طيار ضد تجمع عسكري إسرائيلي. (إسرائيل على بعد أمتار قليلة من الحدود اللبنانية، عندها سيتعين على نتنياهو أن يبرر لشعبه لماذا تم انتهاك وقف الأعمال القتالية منذ عام 2006 على الرغم من التحذيرات المتكررة بأن تكون هناك عواقب، إما أنه يسعى إلى الحرب، وفي هذه الحالة يجب أن يكون الطرفان جاهزين، أو أنه سيتسبب في وفيات عديمة الفائدة، وسيكون عليه أن يدفع الثمن.‏

كان السيد نصر الله مرتاحاً للموقف الصادر عن الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي وصف العدوان الإسرائيلي بأنه (عمل حربي) وحزب الله لديه ما يكفي من الدعم المحلي لاتخاذ موقف ضد إسرائيل والانتقام حتى لو خرج الوضع عن السيطرة. لم يعد السيد نصر الله مجبراً على الامتناع عن مناقشة الوضع المتقلب مع الزعماء اللبنانيين، الذين طلبوا منه قبل بضعة أشهر أن يأخذ في الحسبان الموسم السياحي، مع الأخذ بالاعتبار الوضع المتوتر للغاية في الشرق الأوسط، لا بد من القول إن الجبهات الإيرانية والعراقية والسورية واللبنانية على وشك الانفجار، وكل شيء يتوقف على الطريقة التي ستتعاطى بها إسرائيل والولايات المتحدة.‏

في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، قرر حزب الله الإبقاء على بعده وعلى إمساكه بخيوط المبادرة، لكن هذه المرة، الوضع مختلف، هناك احتمال لحزب الله أن يؤذي نتنياهو، الذي سيجري انتخابات في الأسبوع الثالث من أيلول الجاري، للقيام بذلك، يجب أن يحدث انتقام حزب الله قبل 19 أيلول، إذا قرر نتنياهو خوض الحرب، بغض النظر عن النتائج، فسوف يفقد بالتأكيد فرصه في إعادة انتخابه، إذا لم يرد على حزب الله، وهو الأكثر ترجيحاً، فسيبدو ضعيفاً، لكنه سيحصل على أضرار أقل، وهو ما يقودنا إلى تاريخ الهجوم، أولاً وقبل كل شيء ، يعتمد كل شيء على الفرصة واختيار الهدف، هذا قرار عسكري يستند إلى الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ويمكن أن يحدث خلال الـ 72 ساعة القادمة.‏

السيد نصر الله ليس ملزماً بتقديم موعد لإسرائيل، الأمر متروك لحزب الله لتقييم التاريخ الدقيق الذي يبقى في يديه، قد تكون أفضل فرصة عندما يبدأ الجنود الإسرائيليون في الاسترخاء عند الحدود بعد عدة أسابيع من التقاعس عن العمل كما قلنا ، تخلى حزب الله عن مكاتبه وجميع أماكن التجمع كتدبير وقائي، هذا تكتيك شائع عندما يتم التخطيط لحرب أو لغارة أو لهجوم إسرائيلي، وبانتظار الرد ليس لنتنياهو حقاً خيار سوى الانتظار.‏

بقلم ايليا مانيية‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية