|
دائرة الثقافة
ومن فعل ذلك, لماذا نعيش حالات من التعصب الفكري الذي يتلون بأشكال شتى, التعصب للمنطقة والفكرة والمذهب وغير ذلك, كيف يمكن الخروج من هذه الكهوف التي تفرخ كل يوم آلاف الخفافيش التي لا تعرف الا الليل والاجرام والفتك. وهل الأمر هو تعصب ديني فقط, لماذا غيب العقل ومن يدفع نحو ذلك, اسئلة كثيرة تلح دائما, ولابد من البحث عن إجابات لها وعنها, الاستاذ والباحث السوري المعروف: حسن ابراهيم احمد الذي قدم عشرات الكتب والدراسات الفكرية التنويرية في هذا المجال, يضيء باحثا عن إجابات لما طرحناه سابقا في كتابه الجديد الصادر حديثا عن دار الحوار باللاذقية وتحت عنوان: أزمة العقل الايماني المذهبي, يعول الباحث على الثقافة والفكر النير النقي للخروج من هذه الكهوف المعتمة يقول في تقديمه للكتاب: العمل الثقافي كمنتج من منتجات العقل يجب أن يكون له في مثل هذا الموقع اثر ايجابي وتغيير يتوخاه, ويبرز كأهم الأهداف المتوخاة مع العلم أنه قد تعوقه معوقات كثيرة مثل: هل يبدو مقنعا, او لايحقق الانتشار, أو تكون كتلة الواقع المتسيد أقوى بكثيرمن الشحنة الدافعة في العمل, وهذا ما هو متوقع, ويرى الباحث: اننا اليوم بحاجة ماسة لأن نتعرف على المواقع التي وصلت اليها البشرية في نشاطها ومقارنتها بحالة الاستعصاء الحضاري, وما يتربص بنا مما لم نستطع الخروج منه, ويحتاج الى التجديد القوي الجذري والملح في كل المواقع مهما لاقى مواجهة. منابر تضليلية ما دور الاعلام ووسائله المختلفة بالتضليل والاتجاه نحو التفكير المنغلق والمتعصب, يبحث ذلك الباحث احمد, ويستند الى الكثير من المقولات التي ترى ان الاعلام والثقافة يقودان العالم اليوم ويقدم مقولة ينسبها للرئيس ونائب الرئيس الاميركي الاسبق (اننا نصنع وسائطنا ثم بعد ذلك فوسائطنا تصنعنا) وبالحقيقة ان المقولة مستلة من قول تشرشل: نهندس شوارعنا لتعود فتهندس حياتنا, وربما تم تحريفها وهي تصح في هذا المقال والمكان,يرى أحمد: أن العالم رهينة إرادة وتدبير عقول جعلت من الاعلام وما حازه من قوة التكنولوجيا هذا الغول الذي يبتلع المجتمعات والسياسات والثقافات والمواقف, ويبدو انه المحرك الاساسي للارادة الكونية لكنه يبقى الأداة الخادمة المطيعة لمن يمتلكه ويديره من القوى المهيمنة عليه. فما بال الذين لم يؤمنوا يوما ما بقوة الحداثة والحضارة والتكنولوجيا باعتبار ذلك يسيء الى معتقداتهم لايترددون ولايفكرون بالتناقض بين قناعاتهم وبين دور الوسائط عندما يجدون الفرص متاحة لاحتلال الشاشات من اجل التحريض, وليت هذا التحريض بالاتجاه الايجابي وينعكس خيراعلى الجميع. إن ما نراه ونسمعه هو مزيج من التحريض والاستفزاز وانعاش الغرائز البغضاء بالتالي انه يتجاوز ما يجوز لهم, إنهم يحاولون مصادرة الارادة الالهية وتصنيف البشر كما يحلو لهم,وسائط الاعلام هذه القوة الهائلة يتم توظيفها الان لتخريب المجتمعات ونشر الفتن. أما في الحديث عن الثقافة والفكر والمفكرين, فيقف الباحث عند اثنين ممن تم تقديمهم على انهم مفكرون تقدميون, يعملون على نشر التنوير والوعي, ويقدم قراءة في نكوصهم نحوهم الانغلاق والجاهلية والردة إلى مواقف قد لاتصدر عن أمي يرعى الغنم, فكيف بهؤلاء الذين كانوا يملؤون الصحف ووسائل الاعلام على أنهم ذوو الفكر التقدمي, لكنهم فجأة ودون مقدمات يعودون إلى مربع الجاهلية العمياء التي لايمكن قبولها من اي احد فكيف بهم, وهم من سدنة الفكر كما روج لهم؟ الكتاب رحلة بحث مهمة في دهاليز وكهوف العقل المنغلق, ومحاولة تفكيك أدوات صناعته التي يجب أن تتوقف لأنها تقود البشرية إلى حافة الجنون وما التطرف والعنف الذي نراه اليوم إلا وليد تلك الادوات التي يقودها خبراء مختصون بصناعة العنف الموجه لاستثماره حيث تكون مصالح الغرب. |
|