تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصراع في سورية وعليها معيار الفصل مابين السلام والدمار

متابعات سياسية
الأحد 25-10-2015
بقلم: د.أحمد الحاج علي

هكذا هي المنازلات الكبرى في التاريخ سرعان ماتتحول إلى معايير كاشفة وإلى محطات تظهر الحقائق من العمق فلايكاد يكون حيز للتواري عن الأنظار أو للتطلي خلف أسترة الخداع والادعاء،

وندرك بأن مصادر الاستعمار والعدوان في الغرب والصهيونية لم تتغير بنيتها المفتوحة على كل ماهو شائن وعلى كل مايؤذي الآخرين ويساعد في تكوين نزعة الحقد التي تتدرج إلى مستوى العدوان الفاضح ثم تنفجر على أساس شهية الإبادة لكل وجود بشري أو تاريخي أو جغرافي على انتشارها في الكرة الأرضية‏

إن العدوان في أصوله هو نزعة متجذرة وممارسات شاذة هي الذاكرة وهي الدافع وهي الطريق الوحيد السالكة مابين المواقع الاستعمارية والمواقع البشرية على اختلاف أهميتها ومستويات قوتها،لعله من العبث أن نطارد أنماط السلوك المتحركة عند قوى العدوان لأن ذلك لن يوصلنا إلى القناعة الأكيدة والحقيقة الثاوية في صلب القوى الاستعمارية من حيث طبيتعها ومكوناتها وصيغ اعتدائها على الشعوب الحية، والتصور الراهن يقود إلى الفكرة الجهنمية التي طالما حاربها كل شرفاء العالم والتي تنطلق من مقولة صدام الحضارات بدلاً من تفاعلها وتكاملها وتضامنها وامتداد كل نموذج منها على الآخر بمواصفات الآخر بأهداف وقواسم مشتركة تغني ولاتبدو تضيف ولاتهدد، يبدو أن هذه النزعة تشكل معياراً يمتد من المصدر إلى السلوك في قوى الغرب والصهيونية التي تنشر فكرة التدمير للوطن السوري في هذه المرحلة ولذلك أخذنا في وطننا مستوى يقع في التعامل مع السياسات الغربية بما يعني كشفها وتناقضنا معها وماقلنا قط بأننا أعداء من دون مبرر الشعب أو الدولة أو الأفكار تحت الشمس ولكننا باستمرار أخذنا هذا الموقف الصحيح من سياسات الغرب ومشاريع الاستعمار على امتداد العصر الحديث بكامله، إن المنطلق مختلف إلى درجة القطيعة بيننا وبين الغرب الامبريالي هم على الضفة الأخرى يرون أن الوطن العربي مجرد مساحات جغرافية مفعمة بالثروة وماتتطلبه حضارة الغرب وحيث لايملك العرب إمكانية أو قابلية الحفاظ على الثروة أو استثمارها في سياقاتها الصحيحة، إن الثروة موجودة في المستودع العربي الكبير وهذه الأرض وهذا الحق المقدس لملكية الأرض لايعني شيئاً عند الغرب ذلك أن ملكية الثروة هي لهم والفتات المتساقط كرذاذ في الخريف هو لنا وساعدهم في ذلك وسوغ لهم الفكرة القاتلة هذه، هذيان عربي رسمي وأنظمة مازالت خلف التاريخ ومازال شرط التبعية للأجنبي هو الذي يقيم هذه الأنظمة ويعطيها المدى في الاستمرار حتى لو كان الأمر يتطلب تهديم المسجد الأقصى وتدمير مكة والمدينة وقتل الملايين من \ السائمة العربية\ وثمة اتجاه آخر يدعم هذه الثقافة الاستعمارية الغربية أساسه أن العرب هم مجرد كميات متناثرة ومتناحرة لا قيمة لها إلا على قدر ما تخدم المشروع الاستعماري والإرهابي وعلى قدر ما تنجز هذه الأنظمة من وظائف في تزوير الحقائق وتعميق الفرقة والتجزئة ونشر الكره ما بين العرب أنفسهم إلى الصورة الراهنة التي يستباح فيها الدم العربي بل الوجود العربي بكامله إن الصراع الدائر هو أعمق من حرب ونزاع, لقد اكتسب الدرجة القطعية من حيث هو صراع وجود يفصل ما بين الموت والحياة, وصراع شامل كل الأسلحة القذرة مباحة ومطلوبة لكي ينجز العدو أهدافه بالعرب أنفسهم وبالمسلمين أنفسهم بل بالعروبة والإسلام المختطفين في كل مفاصلهما في هذه الأيام العصيبة إلى الدرجة التي تردد المستعمر الأصيل في أن يطلق أحكامه ومارس الدور الخطير هذا الحاكم أو ذاك في أرض العرب الواسعة باندفاع محموم وبنذالة لا تخفى على أحد تؤكد بأن سورية العربية في نظرهم وعبر سياساتهم هي العدو المطلق من الأزل إلى الابد ولا عدو آخر سواه, وفي الارتدادات الكبرى انبعثت أيضاً مشروعية الاصطفاف الإنساني عبر مسارات ومواصفات الصراع القائم الآن في منطقتنا , حيث لا مجال لازدواجية الموقف أو رمادية القرار السياسي والعام, لقد قدمت آفاق الصراع القائم الآن فرصة تاريخية للتعبير عن حقائق الحضارات والقيم التي بنيت فيها هذه الحضارات ذلك أن نسق المصالح والنهب والنظرة إلى الآخرين على أنهم تبع ودهماء , هو الذي يؤسس للمشروع الإرهابي الغربي الصهيوني الراهن, بينما يتكرس على الطرف الثاني من المعادلة الكبرى موقف نقيض وهذا ما نرى أعماقه وملامحه والتزاماته في سياسات شعوب شقيقة وصديقة مثل إيران وروسيا الاتحادية ودول عبر حضارات أخرى, من هنا قلنا بأن الاتجاه الغربي يكرس فكرة صدام الحضارات حتى الإخفاء وسورية قدرها أن تحافظ على الإنسانية لها....‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية