تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


موسكو- واشنطن...نحو اتفاق لتقليص الأسلحة النووية

شؤون سياسية
الأربعاء 1-7-2009م
د.ابراهيم زعير

انتهت الجولة الثالثة من المفاوضات الروسية- الاميركية حول استكمال التوافق على معاهدة جديدة لنزع الاسلحة الاستراتيجية النووية،

عوضا عن معاهدة ««ستارت1»» التي ينتهي مفعولها مع نهاية العام الحالي. ورغم التصريحات الايجابية من قبل الطرفين المتحاورين الروسي والاميركي في جنيف حول تحقيق تقدم باتجاه الاتفاق، إلا ان الجانب الروسي وعلى لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، أبدى بعض القلق من عدم الوضوح في موقف الرئيس الاميركي باراك اوباما فيما يخص نية الولايات المتحدة بنشر منظومة الدفاع المضاد للصواريخ الدرع الصاروخي في أوروبا والتي حسب- لافروف ستعقد جداً مسيرة تقليص الاسلحة الاستراتيجية.‏

في الوقت الذي تؤكد فيه أميركا انه تم تسجيل تقدم كبير حيال خفض كبير لعدد الرؤوس النووية لدى روسيا واميركا، ولكن لم يشأ أحد من الطرفين الحديث عن حجم هذه التخفيضات وربما ترك الاعلان الرسمي عن ذلك للقمة المرتقبة بين الرئيسين الروسي والاميركي مدفيديف واوباما المقررة في موسكو في السادس والثامن من تموز القادم، التي ستتيح نظرة أكثر وضوحا حول جميع القضايا الإشكالية بين الطرفين ولاسيما مسألة تقرير مصير موضوعة نشر الدرع الصاروخي في اوروبا الذي تعتبره موسكو موجها إليها وليس إلى أي طرف آخر بينما واشنطن مازالت تصر على ان منظومة الدرع الصاروخي ليست موجهة إلى روسيا بل إلى ايران .‏

واذا لم يتم التوصل إلى اتفاقية جديدة بشأن هذه المشكلة المعقدة فإنه من الصعب ان توافق روسيا على اتفاقية بديلة من اتفاقية «ستارت1» لعام 1991 وبالتالي فإن رياح الحرب الباردة وسباق تسلح جديد ستعودان بين الدولتين العظميين نووياً كما كان الحال في عصر الحرب الباردة السابق الذي أرهق العالم اقتصاديا ومعنويا ، والأخطر انفلات سباق التسلح من أي ضوابط أو تحكم محدد، واذا ما انتصرت إرادة السلام والأمن وتكللت المفاوضات إلى تقدم حاسم في تقليص الرؤوس النووية الاستراتيجية في ترسانات الدولتين العظميين فإن هذا التقليص سينسحب على الدول الأخرى المالكة لمثل هذه الصواريخ ان كانت الدول الأوروبية الكبرى وفي آسيا وعندئذ فقط يمكن القول ان ارادة الخير في عالم مضطرب قد انتصرت فعلا. صحيح مازالت هناك شكوك حول أن يكون لقاء مدفيديف- أوباما حاسما في هذا التوجه، إلا ان مؤشرات ايجابية باتت واضحة للجميع في النية والرغبة في تقليص الاسلحة الاستراتيجية لكل البلدين. وقد نشرت نشرة نوفوستي اليومية أرقاماً مهمة حول سير عملية تقليص الرؤوس النووية جاء فيها: من المؤكد ان العالم لديه اليوم عشرات الآلاف من الرؤوس النووية، وكانت روسيا واميركا تمتلكان في ثمانينات القرن العشرين الماضي نحو 29 ألف رأس نووي وعدة آلاف أخرى لدى الدول النووية في اوروبا وآسيا.‏

وكان هذا العدد الهائل من الرؤوس النووية يكفي حسب رأي العلماء المختصين لتدمير الأرض اكثر من 15 مرة.‏

في عام 1991 وقعت روسيا واميركا معاهدة «ستارت1»لمدة 15 عاما دخلت حيز التنفيذ عام 1994 وتنص المعاهدة على أن يلتزم الطرفان بتقليص الرؤوس النووية إلى 6000 رأس نووي ووسائل حملها إلى 1600 وفي عام 2002 تم التوقيع على معاهدة جديدة نصت على أن يقلص كل طرف من ترسانته النووية ليصبح لدى كل منها 1700- 2200 رأس نووي قتالي حتى نهاية عام 2012 وخلال العام الحالي 2009 جرت ثلاث جولات من المباحثات بين موسكو وواشنطن لتقليص هذا الرقم الى الحد الأدنى الذي لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن لأن نتائج المفاوضات تتم في سرية تامة ولم يكشف أحد عن تفاصيلها حتى الآن.‏

ومن الواضح ان روسيا الاتحادية تشترط لأي اتفاقية حول تقليص مستمر للأسلحة الاستراتيجية غير ممكن إذا لم تتخل واشنطن عن درعها الصاروخي في بولونيا وتشيكيا والكرة الآن في الملعب الاميركي الذي يتوقف عليه إنجاز نقلة نوعية باتجاه عالم خال من الكميات الهائلة من الصواريخ النووية الاستراتيجية ليصبح العالم أكثر أمنا واستقرارا للبشرية جمعاء.‏

وبطبيعة الحال ان معاهدة جديدة بين موسكو وواشنطن تقتضي أن يفكر العالم بنزع اسلحة الدمار الشامل ولاسيما النووي من ترسانات جميع دول العالم ،وينظر العرب بأمل وترقب لكي تترجم تصريحات الدول الكبرى حول شرق أوسط خال من الاسلحة النووية ولاسيما ان اسرائيل المالك الوحيد للسلام النووي في المنطقة وهي الوحيدة التي تشكل خطراً جدياً على أمن واستقرار المنطقة والعالم المعاصر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية