تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأحمـــــر بتدرجــــات خطـوط الفضيحة

فضائيات
الأربعاء 1-7-2009م
هفاف ميهوب

نعم الأحمر الذي ومثلما يمثل العواطف الجامحة وأضواء السهرات الصارخة بالمتعة والإثارة, يمثل أيضاً لون القتل والثورات المعلنة على شتى تدرُّجات الفساد وصولاً إلى نزيفِ الأخلاق والضمائر وبما يخثر اللون فضيحة..

إذاً..هل عرفتم الآن سبب تسمية البرنامج الذي يعدّه ويقدمه الشاب (عبد المؤمن الحسن) بـ (خط أحمر)؟.‏‏

بالتأكيد ليس من أجل أن يروي ضمنه العديد من قصص العشق والإثارة, وإنما ليعكس ويعالج الكثير من القضايا التي هدرت المعقول إلى أن جعلت الأحمر مثار شبهة واتهام...‏‏

فهل سيعلِّق أحدكم ويقول إن فكرة البرنامج مسروقة من برنامج (أحمر بالخط العريض) الذي يقدم على فضائية (LBC) لأسارع وأؤكد مع من تابع البدايات بأن برنامجنا سبقه بأشهر من التقديم ودون أن يتجاوز الممنوع الذي تجاوزه الآخر فانطلق يشهر كل ماهو غير مباح, وبجرأة تتدرّج فيها ألوان الفضيحة..‏‏

من هنا, أنا لا أعيب على برنامجنا ضيق جرأته قياساً إلى تلك التي تطلّبت دعوة واستضافة وتقديم آراء كل من صاح وناح على قارعة العتب ليسارع إلى خلع رداء الحياء ويتقنّع بالأدب, مطلقاً كل مافي جعبته من تجارب وخطايا تجاوزت الممنوع فأثارت لدى المشاهد القرف والغضب. ذلك أن كل راعٍ مسؤول عن رعيّته وفي كل مجتمع ما يكفي من القضايا التي تماهت بجرأتها و بما لم يعد يكفي بأن يثير فينا مجرد العجب..‏‏

وإذا كنتُ لا أعيبُ على البرنامج التزامه بحدود الجرأة التي تعكس التجاوزات في مجتمعنا الذي يختلف عن سواه بالبيئة والعادات ومقدار الحريات, إلا أنني أتّهم أصحاب القرار بالتقصير في الاستجابة لكل ما طرحه الشاب (عبد المؤمن) من قضايا ترجّى أن تجد آذاناً صاغية وحلولاً مرضية كي لايذهب جهده الإصلاحي أدراج الإهمال..فسعى يعدُّ ويستضيف ويناقش دون أن نجد أن هناك من بارك جهده بحلٍّ يُشكر...‏‏

فإذا استعرضنا المواضيع التي أثارها منذ بداية برنامجه, والتي لم تنقصها الجرأة سنُتخم بالتساؤلات: أليست الثقافة الجنسية, الرشوة, الإدمان, أطفال الشوارع, التسول, الخيانة الزوجية ثم الطلاق التعسفي وجرائم الشرف والعلاقات العابرة والتحرش الجنسي وجميع القضايا التي طرحها وصولاً إلى مشكلة مربيات الأطفال والشغالات المستوردات ومن ثم زواج الأقارب وما يعكس من سلبيات, هي مواضيع تنزف الويل وتخثر الفضيحة الحضارية على قارعة الحياة؟..‏‏

فيا تُرى ألا تتطلّب هذه القضايا التي هي وباءٌ يزعزع سلامة كل مجتمع, بعض الاهتمام وبما يدعم جهود مقدِّمها وسعيه لتلافيها من خلال متابعته واستضافته ومناقشته للكثير من المختصين وسواهم. أم أن قضايانا تعلَّق حتى إشعار بالمزيد من الفساد, وكسواها من القضايا التي تُبحث على أكثر من فضائية, دون أن تجد لدى أصحاب الحل سوى الصمت المنكر ؟..‏‏

إذاً, ألا يحق لي أن أقترح أن يتعدى (عبد المؤمن) الخط المسموح له فيقدِّم حلقة خاصة عن أصحاب الشأن, أولئك الذين يأمرون بالفساد ويصابون بالصمِّ والبكم أمام متطلبات العباد. وهنا ستفتح الأفواه دهشة من هذا الانتهاك.. ليبدأ زعيقهم الذي سيحاولون به انتشال صمتهم من قاع التجاوزات...‏‏

أخيراً, كل الأمل أن يفكر القائمون على الفضائيات بجدولة الوقت بحيث لا تُدسُّ البرامج المهمة في أوقات انشغال المشاهد عنها فتذهب قيمتها أدراج الهباء. أيضاً أمنيتي بأن يطلُّ علينا مقدم البرنامج وبما يحمل من طموحٍ وجسارة, ليزف إلينا ذات أمان..بأنه سيغيّر عنوان البرنامج إلى (خط أخضر) حيث يستضيف فيه كل صاحب قرار سمع وشاهد وتأثَّر فسارع يزرع في جدوى البرنامج شتلة عافية ترد إلى يباب مجتمعاتنا مايجعلها تزهر بأنقى الألوان..‏‏

ملاحظة: لأن هذا مستحيل ويُعتبر في الأمنيات بَطرْ.. أقبل أن يفعلها (عبد المؤمن) حتى وإن كان ذلك على سبيل خداعنا وبأول يوم من نيسان)...‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية