|
أبجــــد هـــوز ولأنه على هذا القدر من الحساسية والذكاء والمفهومية !!.. فإنه يجلس معنا احيانا في المقهى ويبادر الى تحليل الاوضاع التي يراها، ويقول رأيه فيها غير مبال ولا هياب . ومما لاحظه ابو الجود ان العادات التي تظهر في كل عصر تتناسب مع الاختراعات والمستجدات التي تظهر في العالم خلال هذا العصر، ويكون لها تأثير على الاوضاع المعيشية والحياتية للبشر. ولأن ابا الجود يعرف ان عقلنا نحن اصدقاءه اصغر من ان يستوعب المفاهيم النظرية المجردة التي يتفتق عنها عقله اللبيب، فقد سارع الى ضرب مثال حسي توضيحي يفسر لنا ما يرمي إليه بدقة. قال: مع مطلع الالفية الثالثة بدأت السيارات الصغيرة (التكاسي) تنهمر على البلاد، فأصبحنا نرى منها موديلات واحجاماً وألواناً مختلفة، وطوال ما نحن مسافرون من مدينة الى مدينة نرى حاملات التكاسي الضخمة وهي تنقل العشرات منها من المرفأ الى المدن.. واما العادات التي نشأت عن كثرة التكاسي في البلد فهي كثيرة جداً، واهمها ان اصحاب الدكاكين في المدن لا يطيقون ان تقف التكاسي امام دكاكينهم، وهم يحاربون عملية الوقوف هذه بأشكال لاعد لها ولا حصر. وللتعبير عن هذه الكراهية للتكاسي فإن بعضهم يضع امام دكانه اصيصين كبيرين من الزهور، مع انه ليس من محبي الزهور، وبعضهم الآخر يضع دولابين عتيقين، واذا كان صاحب الدكان يبيع بضائع النوفوتيه فإنه يزرع امام دكانه عمودين يعلق على احدهما بضع ( ايشاربات) نسائية، وعلى العمود الثاني بضعة جوارب رجالية.. واذا كان بائع خضار فلا اسهل عليه من ان يصف امام الدكان عدداً من ( السحاحير) الملأى بالكوساوالباذنجان والقرنبيط والبندورة والخيار والسفرجل. وهكذا يرى سائق التكسي لزاماً عليه ان يدور من شارع إلى شارع ومن زقاق الى زقاق حتى يعثر على مكان ليصف سيارته واذا به يقرأ فوقها شاخصة تنص على ان الوقوف هنا ممنوع تحت طائلة الحجز والسحب بالرافعة .. فإذا اهتدى أخيراً الى مكان آمن، وتنفس الصعداء وصف سيارته سرعان ما ينقض عليه مثل (العكاب) فتى صغير يسأله: بودك تطول هنا حجي؟ الله يخليك حجي لا تطول ، بدنا ننزل بضاعة . ملاحظة : مجالس المدن والبلدان يرون هذه التصرفات بأمهات اعينهم ، ولا احد يدري لماذا يسكتون عليها. |
|