|
ثقافة وفي البداية قدم الباحث عفيف البهنسي بحثاً حول التأويلات الجمالية لعمارة قبة الصخرة، هذه القبة التي أراد سليمان القانوني أن يعيد ترميم واجهاتها الفسيفسائية التي سقطت عبر الزمن، باعتبارها من أقدم المنشآت العربية والإسلامية لما تمتاز به من غنى فني وطابع معماري فريد. وعرض الباحث تاريخ بناء القبة واختلاف الآراء حول الوظيفة الأساسية لها مشيراً إلى أهمية هذه القبة بوصفها أهم رمز إسلامي بعد الكعبة من خلال ماتحتويه من معان قدسية رسخت أسس الفكر المعماري الإسلامي. وأعطى البهنسي وصفاً معمارياً للقبة التي تتألف من بناء مضلع من ثمانية أضلاع تعلوه قبة خشبية مصفحة قطرها 20.40متراً ذات رقبة عالية تنفتح فيها 16 نافذة ويعلو القبة جامور نحاسي ارتفاعه 4/10 أمتار وارتفاع القبة عن الأرض 35.30 متراً، وترتكز القبة على ستة عشر حاملاً عبارة عن 12 عاموداً و4 عضادات متناوبة تشكل هذه الحوامل الممشوقة دائرة هي مرتسم القبة ويحيط بها مثمن طول ضلعه 20.60 متراً، مؤلف من جدران ارتفاعها 9.5م تعلوها تصوينة وبين المثمن والدائرة يقوم مثمن من الحوامل مؤلفة من أقواس تحملها ثماني دعائم تربطها ببعضها أقواس محمولة على 16 عموداً وتنفتح في أربعة من الجدران الخارجية أربعة أبواب تقابل الجهات الأربع تشكل في امتدادها مربعاً كاملاً طول ضلعه 51م تقريباً يتقابل مع مربع آخر مؤلف من الجهات الأربع الأخرى. أما الدكتور يوسف سعيد النتشة مدير السياحة والآثار في الحرم القدسي الشريف قدم بحثاً بعنوان «سور القدس العثماني: أهميته وخصائصه والأساطير المرتبطة به» باعتباره من المعالم المعمارية البارزة التي تلفت نظر المقيم والزائر والدارس في مدينة القدس، حيث إن البلدة القديمة في مدينة القدس تتميز بعدة معالم معمارية بارزة شكلت ملامح هذه البلدة العريقة ومن أبرز هذه المعالم المسجد الأقصى المبارك وما فيه من عمائر، كقبة الصخرة وكنيسة القيامة وسور القدس. وأضاف د. النتشة: بني السور الحالي لمدينة القدس في أوائل العهد العثماني استجابة لأوامر السلطان العثماني سليمان القانوني، وقد استغرق تنفيذ مشروع سور القدس خمس سنوات ويبلغ امتداد السور مع الأبراج والزوايا حوالي 4325 متراً ويختلف ارتفاع جدران السور من منطقة لأخرى وقد جرى فتح سبع بوابات في السور كما يوجد فيه 34 برجاً ويضم حوالي 344 مزغلاً و17 سقاطة ومجموعة كبيرة من الزخارف الدائرية أو المزخرفة بعناصر هندسية ونباتية تصل إلى حوالي خمسمئة قرص زخرفي وإحدى عشرة لوحة حجرية كتابية. كما لعب السور دوراً أساسياً في تطور المدينة، وساهم بشكل رائع في تشكيل مشهد المدينة الحالي وفوضى الطراز المعماري السائد في التطور الحضري للمدينة كما يظهر اليوم. ويؤكد دون أدنى شك بأن السلطان سليمان القانوني قد منح القدس تحفة معمارية هامة. وهناك العديد من الأساطير والروايات التي ارتبطت ببناء السور وليس لها أي سند تاريخي، وقد اختلفت في أسباب بناء السور ورغم أهمية ومكانة سور القدس من الناحية الفنية والمعمارية والتاريخية إلا أن ما كتب عنه يعتبر قليلاً. وما نشر في اللغة العربية كان أقل، وما نشر في اللغة الانكليزية تميز بعدم الدقة وترويجه للأساطير والروايات الضعيفة. وختم الدكتور النتشة قوله: إن هدف هذا البحث هو تسليط الضوء على السور وبواباته ومميزاته المعمارية والفنية وبيان دوافع بنائه وتفنيد الأساطير التي ارتبطت ببعض أبوابه. أما الدكتور عمر الدقاق فقدم بحثاً بعنوان «النهضة العمرانية في بلاد الشام آواخر العهد العثماني- القدس وحلب (نموذجاً) فبلاد الشام منذ أن دخلت في حوزة الإسلام وضعت أسساً حضارية تجلت في مدن حلب ودمشق والقدس. ثم تعاقبت الحكومات على ديار العرب إلى أن تسلم العثمانيون حكم البلاد، ودأبوا فيها على انتشار المرافق الحيوية المساجد والمشافي والمدارس وسائر دور العلم والإدارة. ولا سيما بعد ظهور سنان باشا نابغة الهندسة المعمارية، وكان أن تألقت في حياة البلاد نهضة عمرانية ذات خصوصية متميزة وغدت حلب ثالث مدن الدولة العثمانية ازدهاراً وعمراناً. ويغلب على القدس وحلب منذ القدم نسيج عمراني متشابه ما زال ملموساً في الأحياء والحارات المبلطة والصاعدة أحياناً، مثل حي العقبة بحلب وقد ازداد التلاحم بين المدينتين حين بادر الصناع الحلبيون إلى صنع المنبر الخشبي النفيس ليكون هدية لائقة للمسجد الأقصى عند تحرير القدس من قبضة الصليبيين. واليوم ما زالت حلب تزدهر بالعديد من الصروح والمنشآت الماثلة مثل جامع العثمانية والعادلية والمولوية والخسروية بقبابها الرحيبة ومآذنها الرشيقة، كما تعتز حلب في مرحلة تالية بالعديد من منشآتها العثمانية الحضارية وفي طليعتها مكتب السلطان المشهور الذي بني 1892، ثم ساعة باب الفرج الشامخة التي بنيت سنة 1889، ثم المدرسة الرشدية والتي تماثلها المدرسة الرشدية أيضاً في القدس. وكذلك بناء المشفى الكبير في محيط قلعة حلب (الرازي) ومبنى السراي (القديمة) والعديد من الثكنات والحمامات والخانات الباقية في مدينة حلب. |
|