|
شؤون سياسية أما المتشائمون منقسمون إلى قسمين، أحدهما يرى الرئيس الأميركي لديه الرغبة بحل الصراع إلا أن صلاحياته تبقى محدودة بموجب الدستور، والقسم الثاني الأكثر تشاؤماً يرى أن الرئيس سواء كان أوباما أو غيره هو مجرد منفذ لقرارات المؤسسة الصناعية العسكرية داخل الولايات المتحدة. وعليه يمضي المتشائمون في قولهم أوباما لن يختلف كثيراً عن أي رئيس أميركي سوى في الأساليب والشكل وفي مدى اتساع الهامش وليس بالضرورة بالأهداف، فكل رؤساء أميركا لهم الأهداف الاستراتيجية نفسها، أي أهداف المجتمع الصناعي العسكري «الحاكم الفعلي الحقيقي» المتحالف مع الصهيونية العالمية منذ سنوات الحرب الباردة مع أن كل رئيس يحاول تحقيقها على طريقته، ومعروف أن اللوبي الصهيوني يحرص دائماً على ضمان تبني الولايات المتحدة وجهة النظر الإسرائيلية نحو صراع الشرق الأوسط خاصة والقضايا العالمية عامة، لذا يستخلص المتشائمون أن أوباما لن ينجح في تغيير سياسات الولايات المتحدة سابحاً بها عكس التيار. ورغم صحة بعض جوانب ما قيل أعلاه إلا أن هذه الطروحات لا تقدم الحقيقة كاملة في موضوع حالة أوباما، أما المتفائلون فيستندون إلى حجج كثيرة تركز على كتابات أوباما وتصريحاته ،وآخرها في خطابه في جامعة القاهرة، خطاباته إبان حملته الانتخابية، وهو قد امتلك الجرأة لاتخاذ قرارات سياسية صعبة من بينها معارضته لغزو العراق منذ عام 2002 ودعوته للحوار مع دول مثل إيران وسورية، ولطالما ركزت كتاباته وأقواله على الإيجابية والمستقبل والأمل والقيم الأميركية وبحثه عن أميركا أفضل ورفضه للتحزب والتشدد والحروب السياسية الأميركية الداخلية، وهو منذ توليه منصبه خلق حتى الآن مصداقية وفائه بوعوده الانتخابية، ويشير مقياس أوباما الذي وصفته صحيفة سان بطرس بورغ تايمز على موقعها الالكتروني متابعة بالتحديث المستمر مسار ما يزيد عن 500 وعد انتخابي أن الرئيس الجديد قد أوفى بـ 27 ونكث بستة وعود فقط. أما الوعود المتبقية فلا تزال برسم التنفيذ وهي تتوزع ما بين سبعة تمت تسوية بشأنها و61 قيد التنفيذ و411 لم تترجم بعد على أرض الواقع، ومن الوعود التي تحققت إصدار أمر الانسحاب من العراق، إرسال لواءين إضافيين إلى أفغانستان، رفع القيود عن زيارات الكوبيين الأميركيين إلى بلدهم الأصلي وتحويل أموال إليها، وغير ذلك، أما وعوده التي لم ينجزها تماماً وتتعرض لمقاومة فمنها إغلاق معتقل غوانتانامو ومنع التعذيب وإغلاق مراكز الاعتقال السرية في الخارج، ولعل من أبرز عوامل قوة أوباما التي تحفز المتفائلين حقيقة كونه يتمتع بأغلبية في الكونغرس حتى في أوساط الجمهوريين الذي شهد هو الآخر تحولاً في نظرته لإسرائيل بعد عدوانها على قطاع غزة ،وما يزيد المتفائلين تفاؤلاً حقيقة كون يهود الولايات الأميركية ومنظمات اللوبي منقسمين على أنفسهم ، فهناك من يؤيد أوباما خاصة تجاه القضية الفلسطينية ومسألة حل الدولتين، فيما الآخر بات يعتبر إسرائيل عبئاًأكثر منها ذخراً، ففيما تعمل إيباك لصالح إسرائيل هناك منظمات يهودية تتهمها بالانحياز للميول الأميركية اليمينية اليهودية، كما يلاحظ المتفائلون أنه في الماضي لم تتجرأ الشخصيات السياسية الأميركية على الاصطدام بالقوى الموالية لإسرائيل بل رأينا كيف أن النادر من تجرأ سرعان ما انكفأ وتراجع مسلماً بالهزيمة، فجاء جيمي كارتر الذي حاول مجابهة اللوبي اليهودي بعاصفة هوجاء من النقد وتلطيخ السمعة إثر نشره لكتابه فلسطين السلام وليس الأبارتيد وقد كان أول شخصية سياسية صمدت في وجه اللوبي ولم يستطيعوا اسكاته. وكذلك الحال مع عدد من الأصوات الناقدة التي أطلقها عدد من السياسيين البارزين، مثل بريجنسكي وسكوكروف وكذلك بعض الاكاديميين مثل ستيفن والت جامعة هارفرد وجون ميرشايمر جامعة شيكاغو اللذين وضعا كتاباً مؤثراً عن اللوبي الإسرائيلي ودوره في السياسة الخارجية الأميركية، ولا ينسى أصحاب المدرسة المتفائلة أن أوباما دخل موضوع الشرق الأوسط في وقت مبكر جداً وهو لا يزال يملك شعبية عز نظيرها بين الرؤساء الأميركيين إضافة إلى قدراته التنظيمية التي تتوجه مباشرة للجماهير بعيداً عن مراكز القوى واللوبيات ، وقد بدت -في العلن- الخلافات بينه وبين رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو حين دعا أوباما إسرائيل لوقف الاستيطان وإخلاء المستعمرات ومنح تسهيلات للفلسطينيين محذراً من أن الولايات المتحدة ستمارس ضغطاً لصالح قيام دولة فلسطينية أرادت الحكومة الإسرائيلية ذلك أم لم ترد. |
|