تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اســـتراتيجية الأمــن القـومي الروســي الـجديـدة

نيزافيسمايا غازيتا
ترجمة
الخميس 25-6-2009م
ترجمة: د. ابراهيم زعير

لأول مرة في تاريخ روسيا، توضع خطة «استراتيجية الأمن القومي الروسي» والتي ستكتمل مكوناتها الاقتصادية والعسكرية حتى عام 2020.

وقد أثارت اهتمام الباحثين الاستراتيجيين الروس، ويعلق البعض عليها بأنها لم تأخذ بعين الاعتبار واقع الأزمة التي تعاني منها روسيا كما بقية دول العالم المتطورة، وعيّن سكرتير لمجلس استراتيجية الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشييف الذي كان من أبرز قادة الـ «ك.ج.ب» في العهد السوفييتي، وترأس لجنة أمن الدولة (ك.ج.ب) لسنوات عديدة، سابقاً وقدم باترشيف مسودة الخطة للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، الذي قال عنها: «بأنها وثيقة»، في أفضل وجهات النظر المتفائلة تعكس تناقضات الواقع وتؤسس لولادة جديدة، ولكنها تغض النظر عن الأزمة، التي تبقي البلاد في حالة تخلف تكنولوجي وتبعيتها لأنها مضطرة للاستمرار في استيراد المواد الأولية (التكنولوجية) من الآخرين، ولكن الاستراتيجية الجديدة تعد بنقل روسيا و خلال مدة زمنية متوسطة إلى مستوى الدول الخمس الكبرى الأكثر تطوراً وتقدماً، ووقع الرئيس ميدفيديف على هذه الوثيقة، رغم أنه اعترف شخصياً، بأن روسيا لم تتمكن من تجاوز مرحلة التبعية التكنولوجية والانتقال إلى نمطها الخاص للتطور الذاتي.‏

إن هدف «استراتيجية الأمن القومي الروسي» نقل روسيا إلى مستوى من التطور الاقتصادي والتكنولوجي تكون فيه بمستوى الدول الخمس الكبرى من حيث إجمالي الدخل القومي، ولاسيما أن مستوى نمو روسيا الاقتصادي اليوم يتجه بخطوات حثيثة لبلوغ منظومة خاصة مستقلة لروسيا، وتحديث الاقتصاد الوطني، وتعتبر هذه الوثيقة أن الخطر الرئيسي على الاقتصاد الروسي يكمن في إبقاء اعتماده على استيراد المواد الأولية للتطور التكنولوجي، خاصة أنه وبسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة فإن الاقتصاد الروسي لم يتمكن حتى الآن من معالجة واقع التضخم، وكما قال الرئيس ميدفيديف: «رغم كل محاولاتنا لم نحقق النجاح المطلوب الذي تحتاجه البلاد»، ولم تتحقق التوقعات السابقة بأن روسيا ستتجاوز الامتحان الأصعب وبلوغ مستوى من التطور يصل إلى مستوى الدول الثمانية الكبرى حتى عام 2008، ولكنها لم تصل إلى هذا المستوى، والأكثر تشاؤماً أنها في ظل الأزمة وعوضاً عن تحقيق النمو فقط هبط مستوى إجمالي الدخل الوطني إلى 9٪، والآمال بأن تلحق بمستوى دخل بريطانيا لم ينجز وبقي دخلها بحدود (2.225 ترليون دولار) بمعيار القوة الشرائية، بينما بريطانيا بلغ دخلها الوطني (2.231 ترليون دولار) بمعيار القوة الشرائية.‏

ومن حيث النمو البشري، تشغل روسيا المركز الـ 74 في العالم، ويلاحظ أن عدد الوفيات لديها أعلى من معدل الولادات، لذلك يبقى التوقع بأن تساعد الخطة الجديدة على نقل روسيا إلى مستوى الدول الخمس الكبرى غير واقعي تماماً، ومن الصعب التكهن الآن بإمكانية تجاوز التضخم الاقتصادي في ظل استمرار الأزمة الراهنة.‏

هذا الوضع الذي أثّر جدياً على واقع الخدمات الصحية والتعليمية وعلى تطور العلوم، وحسب معطيات الاحصاءات عن واقع التعليم في روسيا فإنها تشغل المركز الـ 117 في العالم، وصعوبة توقع النجاح في إنجاز خطة استراتيجية الأمن القومي الروسي، إنها وضعت وفق دراسات امتدت لسنوات طويلة ولم تلحظ الأزمة الراهنة، وربما القطاع الوحيد الذي من الممكن لروسيا أن تنجز فيه الخطة المتعلقة بالقطاع العسكري وتحديث القدرات الدفاعية لروسيا، رغم كل الصعوبات في هذا المجال.‏

وبطبيعة الحال فإن الرئيس ميدفيديف وقع على هذه الوثيقة آخذاً بعين الاعتبار أن إنجازها سيستغرق وقتاً طويلاً حتى عام 2020، وبالتالي فإن روسيا، حسب رأي الخبراء، قد تتمكن خلال السنوات القادمة من تحقيق تطور لافت في اقتصادها الوطني الذي يقرر في نهاية المطاف نجاح أو فشل أي استراتيجية للأمن القومي لأي بلد في العالم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية