تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصيحة البكر

معاً على الطريق
الخميس 25-6-2009م
عبد النبي حجازي

مثل صيحة الوليد البكر عندما يرى النور لأول مرة كانت صيحة الدويك الأولى قبل أن يكلم عائلته: زوجته وأولاده وأحفاده ,

وقبل أن يكلم أصدقاءه ومهنئيه بعد ثلاثة أعوام من الأسر في سجون الاحتلال ، كان يوم الثلاثاء الماضي 23حزيران (يونيو) يوم أطلق سراح الدويك من أبرز أحداث الأسبوع وقد وقف يطالب بصيحته جميع المعنيين باسمه وباسم الأسرى والموقوفين بالوحدة الوطنية والإفراج عن المساجين والأسرى لأسباب (فصائلية) .‏

في آب (أوغسطس) عام 2006 اختطفت إسرائيل الدكتور عبد العزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الذي بلغ الستين من العمر وهو مصاب بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم مع ستة وأربعين نائباً من حركة حماس . لقد وضع الدويك على الرفّ شهادة الدكتوراه باختصاص هام هو (تخطيط المدن) لأنها فقدت معناها تحت وطأة الاحتلال , وانضم إلى من رفعوا أصواتهم يطالبون بتحرير وطنهم السليب متحدين النار والدمار وطغيان (المجتمع الدولي) الذي يحتضن إسرائيل ويدلِّلها . ‏

ولا بدّ للمتتبع هنا أن يتذكر يوم الخميس السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) عام 1992 عندما أبعدت قوات الاحتلال الإسرائيلية من فلسطين المحتلة (416) من نشطاء حماس والجهاد الإسلامي بينهم الدكتور عبد العزيز الدويك إلى منطقة (مرج الزهور) جنوب لبنان فرابطوا في مخيم وتحدّوا القرار الإسرائيلي، وكان المتحدث باسمهم الدكتور الطبيب عبد العزيز الرنتيسي الذي أبدى نشاطاً فائقاً حتى اضطرت القوات المحتلة إلى إعادتهم ، ويوم السبت السابع عشر من نيسان أبريل عام 2004 أشارت أصابع (الجاسوسية) إلى سيارة الرنتيسي فقصفتها مروحية إسرائيلية بقنبلة واحدة أودت بحياته وحياة من معه .‏

ولست أدري لماذا يذكرني (مخيم مرج الزهور) بحصان طروادة : يروي الأدب الإغريقي وخاصة (الإلياذة) و(الأوديسة) أن (باريس بن بريام) ملك طروادة وكان وسيماً ضلّتْ به السفن، فلجأ إلى شواطئ الإغريق فأنزله (مينيلاوس) ملك إسبارطة في قصره وأكرم وفادته، ويُروى أن زوجة الملك الكهل (هيلانة) أجمل امرأة في العالم وقعت في حب باريس فهرب بها إلى بلده طروادة (يقال إنها كانت في آسيا الصغرى)، فثارت ثائرة الإغريق وملؤوا البحر بالسفن والرجال وهبّوا إلى طروادة لينتقموا من العشيقين فحاصروها عشر سنوات دون أن يستطيعوا اقتحام أسوارها ، فلجؤوا إلى حيلة فصنعوا حصاناً ضخماً من الخشب ، واندس فيه أعتى رجالهم وتركوه على الشاطئ وأقلعوا بسفنهم يوهمون الطرواديين أنهم أقروا بالهزيمة . أدخل الطرواديون الحصان إلى المدينة كغنيمة وأقاموا احتفالاً صاخباً جعل الخمرة تلعب برؤوسهم وجعلتهم يتهاوون بلا حراك ، عندئذ خرج أبطال الإغريق من الحصان وقطعوا رقاب الحراس وفتحوا الأبواب فزحفت جموع الإغريق ودمرت طروادة وأحرقتها وأخذت الكثير من السبايا، فلم ينجُ سوى عدد منهم الملك العجوز (بريام) وتقول الروايات التي تقدر أن تلك الأحداث تمت بين القرنين (الثالث عشر والثاني عشر ق . م) أنهم ذهبوا إلى إيطاليا وبنوا مدينة روما .‏

قد يكون وعيُنا عبئاً عليناً ولكن ما أقسى أن نكون عبئاً على أنفسنا ! anhijazi@Gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية