|
لوموند فلقد كشفت صحيفة غازيتا ويبوسيزا اليومية أنه تم استنطاق رئيس المخابرات زبيغينيو سيميا تكوفسكي في سياق التحقيق حول وجود معتقل أميركي في بولونيا يعود إلى عامي 2002 ـ 2003 وهو أحد المعتقلات التي أنشئت بحجة “مكافحة الإرهاب” منذ تفجيرات نيويورك عام الـ 2001 . وكان من نزلاء هذا المعتقل سجناء إسلاميون . كما لم ترغب النيابة العامة تأكيد هذا الخبر وتكتمت على هذا الأمر متذرّعة بالأمن الوطني رغم تكفل الاستنطاق بالأمر . وهكذا بدأت ملاحقة السيد سيميا تكوفسكي بسبب “حجز الحريات غير المبرر” واستخدام العقوبات الجسدية “ بحق السجناء “ ، وبذا يشتبه تورط الدولة البولونية التساهل مع التعذيب الذي تمارسه بعض العناصر الأجنبية على أراضيها . وكانت محكمة فارزوفي قد أعلنت نتيجة تحقيقاتها في العاشر من كانون الثاني الماضي لكن بتحفظ . كما قامت هذه المحكمة نفسها بجمع عدة أدلة تدين رئيس الوزراء السابق وطلبت حينها من غرفة مجلس النواب (Sejm ) عزل رئيس الوزراء السابق ليزيك ميلر ، ولكن لم تتمكن من إتمام واجبها ورفعت يدها عن الموضوع لصالح محكمة كراكوفي لأسباب غير مفهومة . رغم التحقيقات الكثيرة التي قامت بها وزارة العدل البولونية منذ العام 2008 حول نقل سجناء المخابرات الأميركية واعتقالهم على الأراضي البولونية إلا أنها لم تحقق أي إنجاز . لكن في نهاية العام 2011 حدث تسارع في سير التحقيقات بسبب الضغوط التي مارستها المحكمة العليا على وكالة المخابرات التي قدمت بدورها وثائقاً للنيابة العامة تؤكد التعاون القائم مع الأميركيين ، ففي الواقع اتضح تورط البولونيين إذ كانوا يسمحون باستخدام مطار سزيماني الواقع في شمال البلاد وكذلك استخدام بناء في قاعدة ستاركييجكوتي العسكرية . قد لا تكون السلطات البولونية على علم بواقع التعذيب الذي يتم ممارسته على السجناء حسب الأوساط الرسمية، لكن تعامي هذه السلطات عن ممارسات القوات الأميركية أمر مشكوك فيه من وجهة نظر أخلاقية ، قضائية وسياسية ؛ إذ تم استخدام مركز الاعتقال هذا بعد مرور عام على اعتداءات 11 أيلول . حصلت مؤسسة هلسينكي لحقوق الإنسان على وثائق إدارة الطيران التي يرد فيها حركة الذهاب والإياب “ التاريخ الأول /5/ ك1 2002 والعودة من بانكوك ، وآخر رحلة من 22 أيلول 2003 حيث كانت تقل على متنها خمسة أشخاص. يقول البرفسور آدم بودنار من مؤسسة هلسنكي أنه كان يوجد على متن الطائرة ما بين ستة إلى ثمانية معتقلين بيد المخابرات الأميركية تم أخذهم من مركز الاعتقال إلى فيلا موجودة في قاعدة ستار كييتجكوتي . “ كان يتطلب ذلك الأمر قوة تنسيق جمركية ، جوية وعسكرية .بالتأكيد كانت السلطات السياسية على اطلاع بالأمر “ بما في ذلك التعذيب “ . “ لا يمكننا الجزم ، لكن واقع احتجاز الأشخاص بشكل غير مشروع لمدة سنة يعتبر انتهاكاً للدستور “ . اعترفت العدالة البولونية عام 2011 باعتبار سجيني معتقل غوانتانامو الموجودين في كوبا أبو زبيدة اليد اليمنى لأسامة بن لادن سابقاً و السعودي عبد الرحيم النشيري المتهمين بالتورط بمهاجمة السفينة الأميركية Uss” ضحيتين “ هذا وتوضح هذه المرحلة سير التحقيقات قدما. بولونيا الحليفة التاريخية للولايات المتحدة التي طالما اعتبرت واشنطن شريكتها الأولى وأفضل ضامن لأمنها ، وافقت على النشاطات السرية للمخابرات الأميركية على أرضها معتبرة ذلك وجهاً من أوجه إثبات الصداقة ، الأمر الذي تسبب بالارتباك العام بين الأوساط السياسية . ومن هنا ظهر التفاوت التقليدي حتى وإن كانت الحكومة السابقة يسارية والحكومة الجديدة يمينية . الرئيس في ذلك الوقت ألكسندر كواسينيسكي ورئيس وزارته ليزيك ميلر نفيا قطعياً وجود سجن . وحين وصل حزب اليمين والعدالة إلى سدة الحكم عام 2005 ، شكل عائقاً أمام التحقيقات لاسيما تحقيقات البرلمان الأوروبي . أيضاً اتهمت ليتوانيا ورومانيا بدعمهما للمخابرات الأميركية . وقد تزامن إظهار غازيتا للحقائق مع عقد جلسة عامة حول موضوع البرلمان الأوروبي نفسه في مجلس الحريات العامة ، العدالة والشؤون الداخلية. أثارت التحقيقات الناتجة في بولونيا صدمة سياسية ، حركة « Janusz Palikot “ التي حصلت في الانتخابات التشريعية لتشرين الأول 2011 على 9,8 % من النقاط وهي نتائج غير متوقعة ، اعتبرت هذه الحركة نتائج التحقيقات أنها تشكل “ خزياً لبولونيا “ التي لم تكن “ متملقة “ أما ميلر من جهته فقد أشار إلى أن اتهامه يأتي في وقت يترجح فيه التحالف الحكومي بسبب إصلاحات نظام التقاعد . |
|