|
موقع wsws «بالز» الذي احتجز في سجن «فورت ليفنورث» العسكري الأميركي، في ولاية كنساس، اتهمه الجيش بمغادرة مركزه الأمامي في منطقة بانجوي الواقعة في جنوب ولاية قندهار قبل فجر 11 آذار ودخل إلى منازل في القرى المجاورة مهاجماً وطاعناً بالسكين، وقاتلاً لأفغان، تسعة منهم أطفال، وروى أنه في أحد تلك المنازل قام بتكديس جثث ضحاياه قبل الإقدام على حرقهم. حالياً، يصفونه بالجندي «المجنون» فقد أطلق الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون والقائد الأميركي في أفغانستان الجنرال جون مولن تصريحات رسمية تؤكد أن أفعال «بالز» لاتعكس قدرات والحالة الذهنية للجيش الأميركي، وحسب هذه الرواية الرسمية، فإن السؤال الوحيد والأساسي والذي يحتاج إجابة هو: «ما الذي جعله «ينهار»؟. وقائع هذه الرواية أعيد طرحها على بساط البحث من قبل القرويين الأفغان والرئيس الدمية حميد كرزاي، وكذلك لجنة التحقيق التي شكلها مجلس العموم في البرلمان الأفغاني بالقول: إن المجزرة لم يرتكبها جندي بمفرده، ولكن هناك من 15 إلى 20 جندياً ساعدوا في ارتكاب هذه المجزرة وقامت اللجنة البرلمانية بتقديم نتائج تحقيقاتها خلال أسبوع وقد خلصت إلى نتيجة مفادها أن من بين المجزرة امرأتين تعرضتا للاغتصاب. وحتى لو كانت رواية الجيش الأميركي لهذه الأحداث الدموية حقيقية وأن «بالز» قام بارتكاب الجريمة إفرادياً فإن الأغلبية الساحقة من الأفغان يعتقدون أن عدة جنود أميركيين متورطون في هذه المجزرة بصراحة، لايرون أن ذلك بفعل قناص واحد أو «مجنون» وإنما حلقة معتادة في حرب واحتلال مستمر منذ عقد من الزمن والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين الأفغان. المعلومات المتداولة حول «بالز» حتى الآن، تحمل على الاعتقاد أنه ضحية لجملة من الأزمات، «بالز» انضم إلى الجيش الأميركي في عام 2001 أي بعد أسابيع من أحداث 11 أيلول ولكن أيضاً بعد الأزمة التي ضربت أسواق المال والتي أدت إلى انتهاء مهنته كمستثمر مالي. أرسل «بالز» إلى أفغانستان السنة الماضية بعد أن أمضى ثلاث مراحل من خدمته العسكرية ما يحمل على الاعتقاد أنه ماكان يجب ارساله إلى منطقة حربية رفضوا ترقيته وكان عليه أن يواجه مشكلات مالية خانقة أثقل بالديون ووجد نفسه مضطراً إلى بيع منزله دون ضمان في العراق عانى من صدمة عقلية وكان محاميه قد أشار إلى أنه ربما كان يعاني من أعراض شدة سابقة للصدمة أدت به إلى ماهو عليه اليوم. إن جميع هذه العوامل توضح الظروف التي يعانيها مئات الآلاف من أعضاء جيش «المتطوعين» الأميركيين، بعد اطلاق خلال عقد لحربين في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وفي حين تطلب المؤسسة السياسية والحزبان الأساسيان الديمقراطي والجمهوري من الشعب «دعم قواتنا» كوسيلة حصول على قبول للحرب الامبريالية، فإن الحقيقة هو أن هؤلاء الجنود تنظر إليهم الصفوة الحاكمة كمنتجات قابلة للاستهلاك. وكما أن جميع المشكلات المنسوبة إلى «بالز» ليست الوحيدة، فإن الأفعال المرعبة التي اتهم بارتكابها لم تكن ببساطة نتيجة انهيار عصبي. فحسب محققي البرلمان الأفغاني، رأى القرويون أن ثمة سبباً لتلك المجزرة وهو: الثأر، فقد أعلنوا أن جنوداً أميركيين قد حذروهم من أنهم سوف يواجهون عمليات انتقامية بسبب تفجيرات القنابل التي أدت إلى جرح عدة جنود. وبناء على أقوال محاميه، كان «بالز» قد رأى ساق صديقه التي قطعت بسبب الانفجار، وذلك قبل يوم من وقوع المجزرة. وربما القيادة العسكرية الأميركية حاولت استباق أفعال انتقامية كهذه ففي غضون شهر مضى، ووسط الانتفاضات الجماعية التي نجمت عن حرق نسخ من القرآن الكريم، أبرزت الصحافة الأميركية الخطاب الذي وجهه الجنرال آلن إلى أحد الجنود الأميركيين في قاعدة واقعة شرق ناغارهار، حيث قتل جنديان، بالقول: «إنه ليس وقت الثأر، إنه ليس وقت الانتقام». معترفاً أن الجنود كانوا مأخوذين بـ «سورة الغضب وتحدوهم الرغبة بالانتقام». وقد ناشدهم «آلن» بالتوقف عن ذلك، مذكراً إياهم: «بالانضباط والمهمة التي جاؤوا من أجلها». إن تلك الكلمات لم يتم اختيارها بمحض الصدفة، فالجنرال آلن وبقية القيادة العليا للجيش الأميركي يدركون أن تهديد الجنود الأميركيين التي أدت إلى أفعال دموية ثأرية لم تنجم عن مرض عقلي أو مرض شخصي آخر. ولكن هي الصبغة الغالبة على الحرب ذاتها: احتلال بطراز استعماري يضع الجيش الأميركي في مواجهة مقاومة شعبية متصاعدة يصعب هزيمتها أو التغلب عليها. إن أفعالاً انتقامية كهذه، كذلك الغارات الجوية المدمرة التي لاحصر لها ولاعد، ومجازر مرتكبة خلال الغارات الليلية وأعمال اجرامية أخرى، هي نتيجة حتمية لحروب امبريالية عدوانية فجرتها إدارة بوش وواصلتها إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما. كما وسائل إعلامهم التي تلعب دوراً بالغاً في ترويج الأكاذيب لتبرير هذه الحروب، لمن يكن لديها ماتبرر هذه المجزرة الأخيرة، كذلك الحكومة التي ينصب جل اهتمامها على تغطية مثل هذه الجرائم، بات من المستحيل عليها تحويل الانتباه عن مغزاها الحقيقي. وإذا كان على «بالز» وجنود أميركيين آخرين تورطوا في مجزرة قندهار، الإجابة عن جرائمهم، فإن ثمة مجرمين أكبر وأخطر في إدارة بوش وأوباما أولئك الذين أرسلوهم للقتل والموت في حروب قائمة على الكذب والتضليل. بقلم: بيل فان اوكن |
|