تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مفاجآت ما بعد النصر..

البقعة الساخنة
الثلاثاء 22/8/2006م
علي قاسم

لم تكتفِ المقاومة اللبنانية بالمفاجآت الكبيرة التي حققتها في مواجهة العدوان الاسرائيلي, وتسجيل انتصار عريض,بل واصلت مفاجآتها حتى مابعد النصر, حين باشرت عملها لإعادة اعمار الجنوب,وهي المفاجأة التي دفعت صحيفة واشنطن بوست إلى التساؤل عما فعلته الادارة الأميركية إزاء تفوق حزب الله في تسجيل حضوره على الأرض,مشيرة إلى عوامل القلق التي تنتاب هذه الادارة من مفاجآت المقاومة.

وإذا كانت المقاومة اللبنانية تسجل سابقة في العمل المقاوم في الحرب والسلم, فإنها كذلك تسجل في الوقت ذاته مصداقية سياسية أخرى تضاف إلى مصداقيتها العسكرية والاعلامية في حين تنهار الصورة الاسرائيلية المرسومة في الذهن العربي وحتى في أغلب بقاع العالم, بعد أن مارست تعتيماً وكذباً وتضليلاً بدأت ملامحه بالتكشف والظهور.‏

وبذلك تقدم المقاومة أمثولة جديدة في العمل السياسي يمكن البناء عليها لقراءة تجليات الواقع,ولاسيما بعد أن قدمت الحكومة الاسرائيلية انموذجاً للتناقض السياسي الذي يعكس ارتباكاً واضحاً عبرت عنه مواقف الوزراء الاسرائيليين, ففي حين كانت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تتحدث عن السلام, كان وزير الحرب يعلن نية اسرائىل في التحضير لمواجهة اخرى مع حزب الله.‏

وإذا كانت الآراء والتحليلات تتوقف ملياً عند أداء المقاومة وادارتها للمعركة بكفاءة عالية أجبرت العدو على تغيير الكثير من الخطط والسيناريوهات الموضوعة, فإن مايلفت الانتباه اليوم هو الأداء العالي سياسياً وانسانياً واعمارياً, حيث استطاعت ان تكسر حواجز الروتين المعهودة, وأن تنتج مشهداً آخر جعل الكثيرين يعيدون النظر في الحسابات التي كانت قائمة.‏

ولايخفى على أحد أن هذه الإعادة تتم على قاعدة المحاولات الحثيثة التي تقوم بها الادارة الأميركية لتكييس وجه الهزيمة الاسرائىلية والحيلولة دون استكمال عوامل النصر الذي حققته المقاومة بالالتفاف والمداورة ,وعبر عمليات الضغط والهيمنة والاستلاب والاسهاب في الحديث عن ضرورة تطبيق القرار/1701/ من جانب لبنان, فيما تغض الطرف عن كل الانتهاكات الفاضحة التي تمارسها اسرائيل بدءاً من استمرار تحليق الطيران الاسرائيلي والحصار المفروض وصولاً إلى عمليات القصف والانزال الفاشلة..‏

ولكن المقاومة التي قلبت المعادلات رأساً على عقب عسكرياً على الاقل, واستطاعت أن تزعزع صورة المؤسسة العسكرية الاسرائىلية والجيش الاسرائىلي..وأتبعتها ببراعة سياسية في استكمال مفاجآتها حتى مابعد النصر, قادرة على تأسيس حالة جديدة لم يسبق أن عرفتها المنطقة وحتى العالم, ومثلما كانت مفاجآتها العسكرية تتالى تباعاً, فإن جعبة المفاجآت السياسية والانسانية والاعمارية ستتالى في منحى تصاعدي تشير إليه على الأقل وتيرة مايتم على الأرض من نهوض.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية