تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ســــرديات الأحـــزان

ثقافة
الأحد 18-10-2015
تبدو جوليا علي في نصوصها التي صدرت حديثا عن دار الغانم في طرطوس حمامة شجن، تغرد على اكثر من غصن من اغصان الحزن والالم، لا تعبأ بما لها من لحظات الفرح، وان كانت تتوق الى الاتي منها، دفنتها مرتين عنوان ملفت ومثير لنصوص سمتها (جداول مشتعلة)

وحين تشتعل الجداول يعني ان الحياة بحلوها ومرها قد اتقدت وان الكاتب الذي يقبس من نارها هو المنبر الذي يضيء ويقبس لنا من هذه النار المقدسة باقة امل وضوء تشعلها الكلمات.‏

دفنتها مرتين نصوص لاتغادر مجرى الحياة ابدا، تحفر الحزن دروبا واعدة، نعم الحزن هو الاصيل في معالم حياتنا لكنه ليس حزنا، ان لم يكن يقابل الامل،ولانه نقيضه لحظة التوق والانعتاق تعيشها جوليا بنفس ذاتي معبر عن كل الامال والخيبات في نص معنون بـ (لم اكن ابحث عنك) تقول:‏

رميت شباكي في بحرحياتي \ مكثت طويلا اتامل اللاشيء \ سحبتها رويدا \ لم آبه بوفرة ما خبأته لي \ لكن ثمة بريق فيها بالسماء \ أي ياقوتة انت \ من اين اتيت ؟\ لم ارم شباكي لياقوت او مرجان \ رميتها لانني اعتدت رميها لم اكن ابحث عنك \ ظهورك في حياتي هكذا فجاة \بهرني هز كياني أرق مقلتي \ وانا الذي طالما ملأت قلوب العذارى وكثيرا ما قتلهن انتظاري ولم آت..‏

صحيح ان البوح على لسان شهريار اللحظة لكن دلالته ابعد من تاريخه واكثر عمقا من صيد حب عابر هنا وانتظار وصال هناك، انها الحياة المفعمة بالخيبات وما تخبئه للغد، شباكك في بحر حياتك لقطة او لنقل لوحة جميلة، رائع ان تكون صيادا في تلاطم امواج عمرك،والاروع ان تعرف كيف تصطاد والى اين يقودك هذا الصيد، سواء كان وفيرا بالعطاء ام بالقحط، فانت تفتح دفاتر ذاكرتك, حياتك، عمرك، تعرف انها بحر بلا قرار، ولكنك تريد ان تصطاد منها ولعل شباكك لا تهترئ وتتمزق وانت تلقي بدلاء همومك وقد علقت في شباكك ؟‏

جوليا علي كما تبوح: اعتدت الموت لا اريد حياة، اريد منها فقط الرمق الاخير، اعيش فيه كلمات اغنية واحدة احبها..‏

تقع المجموعة في 118 صفحة من القطع المتوسط، وهي نصوص بوحية شفيفة تتفاوت بين علو وهضاب ومد وجزر حسب الحالة الانفعالية للشاعرة التي نزفت الامها على ورق الحياة واصطادت بشباكها من يومياتها ما هو انيق ومترف ومعبر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية