|
متابعات سياسية في محاولة محمومة ويائسة من قبل محور التآمر والعدوان الإقليمي والدولي، وذلك لتبرير الفشل المتواصل في إسقاط الدولة السورية ووضع مقدراتها ومؤسساتها في قبضة الإرهابيين المنفذين لأجندات إجرامية تخريبية تقسيمية تم التخطيط لها في عواصم عربية وغربية. حيث يمكن القول إن التعاون بين سورية وروسيا قديم ويعود لنحو ستة عقود من الزمن أيام كان الاتحاد السوفييتي الإطار الأكثر شمولا واتساعاً لروسيا الحالية، وقد اتخذ هذا التعاون أشكالاً مختلفة سياسية وثقافية وعلمية واقتصادية وعسكرية, أي أن التعاون والتفاهم بين الدولتين له جذور عميقة وليس طارئاً أو جديداً كما يحاول دجالو الفضائيات المأجورة تصويره اليوم لغايات دنيئة في أنفسهم، وليست العلاقة علاقة تبعية بل يحكمها التفاهم والتشاور حول مجموعة من القضايا الدولية والإقليمية, وبالتالي الحافز الروسي لاستمرار هذه العلاقات وتقويتها وترسيخها في الوقت الراهن يوازي الحافز السوري ، ويعود ذلك لأهمية الموقع الذي تحتله سورية في محيطها وحيوية الدور الذي تلعبه على المسرح الدولي. ومع تولي الرئيس فلاديمير بوتين دفة القيادة في روسيا وسعيه الدؤوب لاستعادة موقع بلاده ودورها المسروق من قبل أميركا والغرب، شكلت دمشق بما تعنيه هذه العاصمة المحورية في منطقتها قبلة للسياسة الروسية الجديدة المتطلعة لبناء عالم متعدد الأقطاب لا يمكن الوصول إليه بمعزل عن التعاون والتفاهم والتنسيق مع سورية التي تمثل قلب العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط. فالخطاب الدبلوماسي للرئيس بوتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وبداية ضربات سلاح الجو الروسي ضد داعش تسبب في تهيج الغرب حيث لم تكد الطائرات الروسية أن تقلع حتى بدأت الدعاية الغربية تزعم سقوط ضحايا من المدنيين وذلك لان إدارة الرئيس أوباما على مايبدو لاتريد حسما عسكريا على الأرض ووضع نهاية للأزمة التي عصفت بسورية منذ ما يقارب الخمس سنوات وهي التي تدعي أنها تريد حلا سريعا ونهاية قريبة للازمة في سورية حقنا لدماء السوريين الذين يموتون يوميا على أيدي المجموعات الإرهابية والتي ما بخلت عليها الولايات المتحدة يوما بالدعم العسكري واللوجستي وكل ذلك كان يجري من تحت الطاولة وليس على الملأ, وما المبادرات التي أطلقتها أمريكا وحلفاؤها للتوصل إلى حل لإنهاء الصراع القائم في سورية لم يكن إلا كلاما وهميا لا قيمة له على أرض الواقع . ومع ذلك فإن انتقاد ومعارضة روسيا لايمكن أن يكون إلا من اولئك الذين هم في الواقع لايرغبون في القضاء على داعش والتي يعتبرونها أداة لتنفيذ سياستهم الخارجية ولعل أكثر ما يثير العجب والاستغراب هو أن واشنطن وفرنسا وتركيا هم أكثر من يثير زوبعة الأكاذيب بشأن الدعم الروسي لسورية وهم من صدروا الإرهاب إلى سورية ودعموه بكل ما يلزمه من وسائل الدعم ووقفوا يتفرجون على مجازره وانتهاكاته بحق الشعب السوري والدولة السورية، وحين أوشك مشروع الإرهاب على لفظ أنفاسه تدخلوا بتحالف ستيني بذريعة مكافحة الإرهاب، بحيث لم يتمكن هذا التحالف خلال عام من الغارات الجوية المتواصلة من خدش هيبة داعش أو تقليص رقعة تمددها في كل الاتجاهات. روسيا اضافة إلى الضربات الدقيقة على مراكز قيادة داعش بدأت تبحث عن حل سياسي للأزمة في سورية في ضوء الوضع المتغير في الأزمة المفتعلة والذي أبسط مبادئه ترتكز على تعاون الجميع في محاربة الإرهاب والتخلص من شروره ومن ثم الشروع في حوار سوري سوري تدعمه وترعاه الأمم المتحدة من أجل الوصول إلى الحل الذي يلبي مصالح السوريين لا مصالح الأعداء والطامعين والمتآمرين وبالتالي فإن المجموعات السياسية المعارضة بوضعهم شروطا صعبة مسبقة للمفاوضات يغامرون بذلك في استبعادهم من عملية المصالحة الوطنية. ومن الواضح أن القوات الجوية الفضائية الروسية في سورية لم تكن لتظهر لو قامت أمريكا وتحالفها بالقضاء على داعش, ففي وسائل الإعلام الأوروبية «فيغارو,فايننشال تايمز, تايمز» في العشر الثالث من شهر أيلول أشاروا إلى مخاوف واشنطن وعواصم غربية أخرى بأن مشاركة روسيا ستكشف فشل وخداع أمريكا التي تخترع الأزمات وتصنع الحركات الإرهابية وتنشرها في المنطقة ثم تدعي محاربتها ووضع الخطط لتدميرها وهذا مايفسر عدم فعالية الضربات الجوية للقوات الامريكية وحلفائهم على الإرهابيين وقيامهم بإلقاء الأسلحة والذخائر على مواقع داعش في سورية والعراق وتقديم السخاء المالي بإنفاق 500 مليون دولار لتدريب مايسمى بالمعارضة المعتدلة وإعطائهم قوافل من الأسلحة الحديثة واختفائهم تحت أنظار السي أي ايه وانضمامهم إلى داعش مع زعم أمريكا بخداعهم لها. وبالتالي فالظهور الروسي في سورية يعتبر مؤشرا جيدا للعالم العربي فقد دعا الرئيس بوتين إلى تشكيل حلف دولي واسع لمحاربة الإرهاب وشبه الإرهاب بالنازية في إجرامه وقطعه للرؤوس وغيرها من أساليب الإجرام , كما أظهرت موسكو استعدادها لمساعدة حلفائها عندما كانوا في حالة حرجة على عكس واشنطن التي لاتوفر الدعم العسكري إلا في حالة توافر النفط وتوفر الظروف السياسية التي تحقق مصالحها , وبالتالي فإن مصلحة الدول العربية وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي مساعدة روسيا في سورية في التوقف عن مساعدة الإرهابيين والتحول إلى مواقف متوازنة تجاه الأزمة في سورية, حيث أن موسكو تؤيد مبادرة لإنشاء تحالف واسع برعاية الامم المتحدة لمحاربة داعش والتعاون مع مركز التنسيق في بغداد على عكس التوجه الأمريكي الداعم للتنظيمات الإرهابية والذي يعمل على خلق الفوضى وزعزعة أركان الدولة السورية . وهكذا فإن التضليل الأميركي لم يعد ينطلي على أحد ولاسيما أصدقاء الشعب السوري الحقيقيين والمخططات الأميركية في استنزاف طاقات سورية وتقسيمها باءت بالفشل بفضل صمود الشعب السوري والتفافه حول جيشه البطل وقيادته الحكيمة التي تتعامل بكل حنكة وذكاء مع العدوان على سورية وبفضل أيضا دعم الأصدقاء الروس والإيرانيين الذين يبذلون جهودا حقيقية في محاولة إيجاد حل سياسي للأزمة المفتعلة في سورية ودعم الجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب ما يعني أن أوهام الغزاة والمستعمرين والعملاء إلى أفول وأن النصر بات قريبا للشعب السوري الذي قدم الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على القرار الوطني المستقل ووحدة سورية أرضا وشعبا. |
|