تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإعلام الغربي.. أكاذيب وافتراءات

 بقلم: بول كريغ روبرتز
متابعات سياسية
الأحد 18-10-2015
 ترجمة: ليندا سكوتي

ما أن علمت بأن التحقيق وإعداد تقرير حول اسقاط الطائرة الماليزية في أوكرانيا قد وضع في عهدة لجنة هولندية حتى أصبحت في قناعة تامة بأنه لن يتم التحقيق بموضوعية، ولن يأخذ هذا التقرير مساره القويم لأني على ثقة بأنه سيغفل الكثير من الحقائق. وبالفعل حدث كل ما كنت أتوقعه.

اكتنفني الكثير من التردد بشأن الكتابة حول هذا الأمر لأن الدعاية التي روجت لها واشنطن قد أتت أكلها على الأقل في الدول الغربية التي لم تتورع عن توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا. وفي مختلف الأحوال فإن تحريف وسائل الإعلام الغربية لما جاء في التقرير الهولندي على غرار ما ذهبت إليه الإذاعة العامة الأميركية قد أثار فيَّ الغضب نتيجة لما نهجته تلك الوسائل عندما لجأت إلى حياكة رواية جديدة دون أن تتناول ما ورد في التقرير من معلومات.‏

وعلى سبيل المثال فقد سمعت مراسل الإذاعة الأميركية في موسكو كوري فلينتوف يقول بأن الصاروخ الذي أصاب الطائرة قد أطلق من ميليشيا أوكرانية تفتقر إلى القدرة التقنية لتشغيل المنظومة الصاروخية الأمر الذي دعاها إلى الاستعانة بخبراء روس لإطلاقه.‏

ننوه في هذا السياق إلى أن التقرير الهولندي لم يأت على ذكر ما يشير إلى تلك النتيجة. لذلك فإن فلينتوف إما أنه غير كفوء أو أنه يكذب أو يعبر عن وجهة نظره الخاصة وليس عن النتيجة التي خلص إليها التقرير.‏

وفي الواقع فإن النتيجة الوحيدة التي توصل إليها التقرير والتي يعلمها الجميع تقول: بأن الطائرة قد أسقطت بصاروخ من طراز بوك الروسي الصنع دون أن يأتي على ذكر الجهة التي أطلقته.‏

وفي الحقيقة، لم يلق التقرير باللائمة على روسيا لكنه ألقى بالمسؤولية على السلطات الأوكرانية لعدم إغلاق مجالها الجوي أمام الرحلات المدنية فوق منطقة القتال. وفي هذا السياق، صرح النائب العام كرد على التقرير بأنه من المحتمل أن تعمد عائلات القتلى والخطوط الجوية الماليزية إلى رفع دعاوى على أوكرانيا بتهمة الإهمال. وبالطبع، لم تذكر تلك الحقائق في تقرير فلينتوف.‏

روج الإعلام الغربي مقولة «فعلتها روسيا». واستغلت واشنطن تلك الرواية وطالبت بتشديد العقوبات على روسيا وهو ذات الأمر الذي طالبت به فئات من المعارضة بتنفيذه. لكن الأمر الذي لم توضحه واشنطن ولم تبحثه وسائل الإعلام الغربية: الأسباب والدوافع التي حدت بالانفصاليين وروسيا لضرب الطائرة الماليزية؟‏

من المؤكد بأنه ليس ثمة أي سبب يدفع بروسيا للقيام بفعل من هذا القبيل. فالحكومة الروسية ترفض مثل تلك التصرفات. بل إن بوتين كان سيطالب بمحاسبة المسؤولين، الأمر الذي جعل من رواية واشنطن لا تلق آذانا صاغية أو رواجا ولا يصدقها إلا الحمقى.‏

نتساءل عن الدافع الذي حدا بواشنطن لاطلاق تلك الفرية؟ فنجد أن ثمة العديد من الدوافع أولها إظهار روسيا أمام الدول الأوروبية بمظهر الشيطان الخبيث الأمر الذي يفسح المجال للإبقاء على العقوبات الاقتصادية المفروضة بحقها والتي سبق للولايات المتحدة فرضها بغية الإساءة إلى العلاقات الاقتصادية والسياسية بين أوروبة وروسيا.‏

ذكرت الشركة المصنعة للصاروخ الروسي بوك بأنه في حال كون الصاروخ من النموذج القديم الصنع فإنه لا يوجد مثيلا له إلا لدى الجيش الأوكراني. فعلى مدى عدة أعوام يتم تجهيز الجيش الروسي بمنظومات بديلة لذلك النوع من المنظومة الصاروخية التي يختلف تأثيرها المدمر. وإن الاضرار التي لحقت بالطائرة الماليزية لا تنسجم مع القوة المدمرة لصاروخ بوك الموضوع في الخدمة الروسية. وقد قدمت تلك التقارير إلى الهولنديين لكن لم تبذل أية جهود تذكر للتأكيد على صحة التجارب التي أجرتها الشركة المصنعة للصاروخ. ولم يأخذ التقرير الهولندي باعتباره إن كانت الطائرة قد أسقطت من قبل طائرة مقاتلة اوكرانية.‏

لكننا لا نتوقع أي إقرار يصدر عن وسائل الإعلام الغربية بهذا الشأن، وخاصة من تلك الجهات التي دأبت على حياكة الأكاذيب لتحصل على لقمة العيش.‏

بتقديرنا ليس لدى الغرب وسائل إعلامية صادقة ذلك لأنها تضم في معظمها إعلاميين تابعين للحكومات وهم يدافعون عن الجرائم التي ترتكبها. ففي كل يوم تشترى وتباع وسائل الإعلام وتباع معها ضمائر الإعلاميين.‏

ليس ثمة استقلال لوسائل الإعلام الغربية ذلك ما أكده المحرر الألماني البارز في كتابه الذي يعد من الكتب الأكثر مبيعا في المانيا والذي صرح به أنه لم يكن الوحيد الذي يعمل لصالح الاستخبارات المركزية الأميركية سي أي ايه، كمروج لأكاذيب واشنطن بل أن كل صحفي بارز في أوروبة يقوم بذات النهج. وقد تأكد لنا، بأن كتابه لم يترجم وينشر في أميركا.‏

لقد فقدت الإذاعة العامة الأميركية مصداقيتها مثلها مثل الإعلام الغربي. وذلك عندما ادعت بأنها تلقى الدعم من متابعيها. وفي الواقع فهي تلقى الدعم من قبل شركات محددة تهتم بالإعلانات حيث ترعاها شركة اكس واي زيد التي تعمل على التروج لأفكار أو منتجات أو خدمات.‏

كشخص عمل مع الرئيس ريغان حتى نهاية الحرب الباردة وتعاطى مع التهديدات النووية ذات الصلة، اشعر بالاستياء من وسائل الإعلام الغربية التي فشلت عن عمد في تصوير الأمور وفقا للحقيقة والواقع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية