تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أفكار فاسدة جداً... حاولوا ترويجها.. فاستنهضنا .. عزيمتنا.. لدحضها

شباب
2012/4/9
غانم محمد

نادراً ما يمرُّ يومٌ إلا ونسمع فيه عبر الأخبار عن مصادرة لحوم فاسدة هنا أو معلبات فاسدة هناك...

اللحوم الفاسدة، أو الأغذية الفاسدة بشكل عام خطرٌ‏

يهدد صحتنا وحياتنا، وبالإمكان سحبها من الأسواق عند العلم بوجودها، أو تجنّب شرائها عند الشكّ بفسادها، لكن الخطر الكبير هو أن تنتشر الأفكار الفاسدة في المجتمع فتصيب فيه مقتلاً مع صعوبة التصدّي لها ودحرها دون وقوع خسائر كبيرة..‏

مع بداية الأزمة في سورية تسابق المتآمرون إلى أفكار الشباب السوري بقصد تشويشها وإفسادها لتسهل لهم السيطرة على عقول هؤلاء الشباب الذين يشكلون نواة المستقبل وأداة رسم معالم هذا المستقبل..‏

الآن وبعد مرور أكثر من "13" شهراً على هذه الأزمة هل نستطيع فصل وتحديد وتعرية الأفكار الفاسدة التي حاولوا بيعها في السوق السورية وقوبلت برفض عام من قبل جميع السوريين الحقيقيين، ولم يقع في شركها إلا القليلون الذين عاثوا قتلاً وتخريباً؟‏

نقاط الضعف في كل مجتمع تكون هدامة إذا ما كان تعامل هذا المجتمع معها سلبياً وغير حضاري وصريح، أما إذا حضرت الثقة وحضر الوعي فإن قوة هذا المجتمع تظهر في التصدّي لنقاط الضعف هذه، وهذا ما عشناه وما عرفناه في سورية..‏

أولاً -أول باب تطرقه المؤامرات هو باب الطائفية لأنهم ظنوا أنهم قادرون على النفاذ منه وإن فُتح فإن من الصعوبة بمكان إغلاقه، وقد حاول أعداء سورية طرق هذا الباب فكان الردُّ عنيفاً وواثقاً وهو أن الطائفة الوحيدة في سورية هي الطائفة السورية فنزل الشباب إلى ساحات الوطن معبّرين عن وحدة مصير بغضّ النظر عن انتمائهم الطائفي، وغادرت هذه الثقافة إطارها النظري إلى الحياة العملية ولم تبقَ مجرّد شعارات يرددها المجتمعون في ساحات الوطن ولدينا من الأمثلة الحية الكثير، فنعرف كيف كان أبناء طرطوس على سبيل المثال يغامرون بحياتهم من أجل إخوانهم في حمص ويوصلون لهم المواد التموينية وأغذية الأطفال رغم الأخطار المحدقة بهم، ونعلم كيف كان أبناء حلب يوصلون المساعدات إلى إخوانهم في إدلب وقراها، وهذه الصورة عمّت جميع المحافظات السورية، وشاهدنا وشاهد العالم بأسره كيف وقف السوريون بوجه محاولات التفريق على أساس طائفي فتعانق في أيديهم وفي قلوبهم الهلال مع الصليب تحت راية الوطن الأغلى..‏

الطائفية من أكثر الأفكار الفاسدة التي حاولوا التسلق عليها لتفتيت بنية المجتمع السوري وضربه في الصميم لكن السوريين الحقيقيين كانوا أكثر وعياً وأكثر عزماً في مواجهة هذا الطرح الشيطاني ونجحوا بالتصدّي له، بل وزادت أواصر التلاحم بين الجميع وهذه المسألة كانت العنوان الأقوى والأكثر وضوحاً والأكبر دلالة على انتصار سورية على المؤامرة.‏

ثانياً – الدولة المقصّرة!‏

عندما لم ينجح المتآمرون بالدخول من البوابة الطائفية والتفرقة الدينية بدؤوا يوجهون حرابهم إلى مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة وتقديمها على أنها مؤسسات فاسدة وأجهزة مرتبطة أمنياً ببعض المسؤولين وحسب..‏

كان هذا التوجّه أكثر خطورة من سابقه لأنه اتكأ على وجود بعض الأخطاء في عمل بعض مؤسسات الدولة ووجود فساد إداري في الكثير من المرافق العامة ولكن ومع تطور الأحداث ومع اتضاح الدور الحقيقي للدولة وافتضاح أمر من يعزف على هذا الوتر ولماذا يفعل ذلك أدرك الكثيرون أن الدولة بمؤسساتها عملت ما بوسعها لتوفير الحياة الكريمة لأبنائها مع اعترافها بوجود فساد هنا أو تقصير هناك لكن تحرّكها الجاد والسريع لتصحيح المسارات أعاد الثقة بها الأمر الذي قطع على الحاقدين الطريق وردَّ كيدهم إلى نحرهم..‏

ثالثاً – المسؤول الأناني!‏

دخلت وسائل التضليل الإعلامي على خطّ بعض الشخصيات العامة في الدولة والمجتمع وصوّرتهم على أنهم أشخاص أنانيون مستعدون للتفريط بكلّ شيء وبأي شيء من أجل مصالحهم الخاصة، وخلطت قنوات التحريض بين الغيورين على بلدهم والمستغلّين للأزمة، والهدف من كلّ هذه المحاولات هو زعزعة ثقة المواطن العادي بدولته ومؤسساتها ومسؤوليها، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل أيضاً وخاصة بعد أن وضع السيد الرئيس بشار الأسد المواطن بوصلةً لكل مسؤول ووجّه الحكومة لردم المسافات الموجودة بينها وبين المواطنين..‏

رابعاً – الخيارات الخاطئة‏

حاولوا وضع البلد في خيمة لاجئين يكثر حولها النوّاحون و" أصحاب القلوب الرقيقة" ورسموا الخلاص تحت رايات الغرب الذي لا ينام قلقاً على ما يعانيه الشعب السوري حتى كادت دموع ساركوزي ونحيب هيلاري وعويل أردوغان أن يترك أثره في قلوب البعض!‏

اجتمع العربان وتباكوا على الشعب السوري، وصرفوا مليارات الدولارات في تنسيق وعقد الاجتماعات وشراء مواقف وضمائر لكنهم عجزوا - بحكم ضعفهم – عن كسب أي أذن سورية تسمعهم وتصدّقهم!‏

كلّ ما طرحوه قوبل بالرفض من أحرار سورية وكان مصيره كمصير غيره من الأفكار الهدّامة التي أراد لها المتآمرون أن تنبت في التربة السورية لكن هذه التربة الطاهرة لفظت هذه البذور الشيطانية..‏

خامساً – الفردوس الموعود‏

نصبوا الخيام في تركيا وفي شمال لبنان، بل إن بعض مجرمي الكيان الصهيوني أعلنوا استعدادهم لاستقبال الهاربين من بطش النظام في سورية كما قالوا..‏

خسئتم أيها الشياطين، الإنسان السوري الحرّ الكريم لا يعيش في خيمة ما دام مهر الحياة الكريمة يجري في عروقه..‏

خسئتم أيها الأنذال، فالسوري لا يرضى بالدنيا كلها بديلاً لسورية..‏

الحرّةُ تموت جوعاً ولا تبيع ثديها للغرباء..‏

"ردّوها على جوعكم" هكذا قال السوريون، فالحياة بالذلّ غير واردة في قاموس الأحرار، والفردوس الذي تتحدثون عنه لا يعنينا ولا قيمة له عندنا، والكومبارس الذي تستخدمونه لتصوير أفلامكم الرخيصة ليس منّا..‏

عشنا منسجمين مع تراب سورية، متوافقين مع هوائها، متحدين مع عزّتها، مدافعين عن سيادتها، ولن نسمح لأحد أن يغيّر أبجديتنا لأننا باختصار مؤمنون بها ومتمسكون بها مهما كانت الضغوط ومهما كانت المغريات..‏

هذه بعض الأفكار الفاسدة التي حاولوا ترويجها في سورية لكنهم صُعقوا بخيبتهم، فبارت تجارتهم وخسروا خسراناً مبيناً..‏

سورية تخرج من أزمتها مرفوعة الرأس، والشعب السوري العظيم بكلّ فئاته وأطيافه هو من فرز تلك البضاعة وحكم عليها بالفساد والكساد فنبذها من تفكيره وردّها إلى أصحابها ممهورة بوعيه..‏

عندما يفكّر السوريون بهذا النضج، ويتصرفون بهذه الحكمة، ويؤمنون بهذه القناعات، وقد حباهم الله قائداً حكيماً وينصرهم الله فمن يغلبهم؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية