تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صالون الكتاب في باريس: الكتاب في واد والجمهور في واد آخر

عن مجلة اكسبريس
فضاءات ثقافية
الثلاثاء 10-4-2012
دلال ابراهيم

أحرز صالون الكتاب في باريس في دورته لعام 2012 نجاحاً مميزاً. من حيث استضافته لليابان كضيف شرف وعامل جذب للزائرين وكذلك مشاركة 40 دولة فيه وحضور2000 كاتب ومؤلف إليه,

هذا بالإضافة إلى تسجيل 190,000 زائر ضمن قائمة الزوار على امتداد أربعة أيام, أي بزيادة نسبتها 5% عن نسبة الزائرين خلال العام الماضي. وبعيداً عن لغة وبلاغة الأرقام يبقى سؤال ملح يطرح نفسه: لماذا يندفع الجمهور وقد دفع حوالي عشرة يوروات ثمن بطاقة الدخول للتجوال في هذه المكتبة الضخمة؟ لماذا حافظ الكتاب على سحره وجاذبيته, على الرغم من بسط سيادة التلفزيون وغزو شبكة اليوتيوب؟‏

لدى طرح هذا السؤال على زوار المعرض تراوحت إجاباتهم ما بين: «من أجل رؤية الأدباء والمؤلفين وجهاً لوجه», أومن أجل خرق المسافات الإعلامية وخداع الشاشات, وبعض الزوار أجاب أنه يمكنه المحافظة على آثار لحظة حقيقية من خلال الحصول على إهداء يوقعه الكاتب بخط يده على كتاب اشتروه.‏

وليس من الضروري أن يكون المرء كاتباً معروفاً جيداً من قبل أقرانه لكي يجذب الجمهور إليه ويتجمهر من حوله. إذ أن عدداً لا بأس به من نجوم الصالون ليس لهم أي علاقة مع عالم الكتاب. فمن أولئك النجوم من هم مقدمو برامج تلفزيونية, مغنون، كتّاب ساخرون وسياسيون على غرار فرانسوا هولاند, مرشح الرئاسة الفرنسية, حيث شكلت زيارته التي استمرت لمدة خمس ساعات حدثاً بارزاً. كما ولا تفسر النوعية الأدبية للنتاج الأدبي أسباب تألق وجاذبية المعرض. بل إن الهالة الكبيرة المحيطة فيه أعطت الصالون هذا الزخم, حيث اكتسب هذا المعرض تغطية إعلامية كبيرة, ومساحة واسعة من الإعلانات وولاء جمهور ينتظره من العام إلى العام, هذا كله دفع بأرتال من الجمهور الأحمق إلى الانتظار أمام الكتّاب ولا أحد منهم يعرف على وجه اليقين إن كانوا قد ألفوا سطراً واحداً من مؤلفاتهم.‏

منذ ذلك الحين يسيطر على عقل الزائر المتشامخ مسّ من العبثية. وبالتالي ألا يمكننا أن نشبه هذا الصالون بالسوق الخيري مع ما يشهده من طقوس الإهداء والانتظار والجمهرة والفيضان الانفعالي وعدم المساواة أمام النجاح؟ أو معرض ضخم على السجاد؟ أو ربما متجر ضخم للمجد, الكتاب فيه مجرد ذريعة؟‏

في كل الأحوال, تعطي هذه الجماعات المجهولة التائهة والمذهولة انطباعاً بأنها أشبه بطفل مدلل. إذ وبعد ساعات من الانتظار, من أجل الحصول على بضع ثوانٍ مع هذا الكاتب أو ذاك, تشرق الوجوه, ترتسم نشوة واضحة. يخرج الزائر وبيده كتابه المذيل بإهداء الكاتب, مأخوذاً بنشوة لقائه كاتباً ربما لا يكون واحداً من أولئك الكتّاب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية