|
F.magazine انه ماركو بولو الذي كان لأسفاره وتصريحاته الفضل الأكبر في اقامة علاقات صداقة وطيدة بين الشرقين الأدنى والأقصى وبين أوروبا القروسطية.
عن اثار كتاباته وأسفاره على العصور الوسطى واخراج أوروبا من عصور الظلام الى عصر النهضة بفضل العرب والحضارة الاسلامية والصينية صدر مؤخرا كتاب عنوانه «ماركو بولو وأسفاره» عن دار بيران للمؤرخ بيير راسين واضافة الى كونه سيرة ذاتية فهو بانوراما جيوسياسية للقرن الثالث عشر عن حياة شعوب القوقاز مروراً بسورية الكبرى وصولاً الى صحراء غوبي فجنوب شرق اسيا. يقول بيير راسين: لقد استمرت الأسفار التي قام بها ماركو بولو ربع قرن قضاها هذا الرحالة المؤرخ بعيدا عن وطنه الأم البندقية ليعود فيشغل أوروبا باكتشافاته في بلاد الهند والسند والتي تركت بصمات عميقة.ولأن بيير راسين أستاذ تاريخ العصور الوسطى في جامعة ستراسبورغ يتابع في كتاب ماركو وأسفاره أصداء الرحلة الطويلة على المجتمعات ليست فقط الاوروبية انما العربية ايضا التي كانت على اتصال وثيق مع شبه الجزيرة الايطالية وخليج جنوا وحواضره صاحبة العلاقات التجارية الوثيقة مع الأحواض العربية شرق المتوسط ولأنها أول مرة في تاريخ أوروبا التي كانت تتصل بجسور ثقافية وحضارية مع الشرق الأوسط وعلى طريق الحرير يكتشف رحالة غربي يشتغل في التاريخ بلاط الامبراطور المغولي قابالي حاكم الصين انذاك حيث يرحل بولو الى جنوب شرق اسيا سيرا على خطى والده وعمه متحديا ارادتهما بشجاعة منقطعة النظير، فقبل سبعة قرون من الان كانت رحلة اكتشاف عالم جديد هي مغامرة بحد ذاتها لا بل جرأة نادرة مع أن عصر بولو كان مزدحما بالمغامرين الباحثين عن الثروات كالفرسان الذين اتجهوا الى الأراضي المقدسة في فلسطين والتجار الذين سعوا وراء الأسواق والبضائع الجديدة. ففي سن الخامسة عشرة غادر المراهق ماركو مسقط رأسه البندقية (1254) برفقة والده وعمه متجهين الى الشرق الأقصى حيث كان ينتظره الخان المغولي الكبير المتعطش لمعرفة المزيد عن بلاد الباباوات ولأنه ينحدر من أسرة تجار مخضرمين بدأ ماركو مهمته كتاجر متمرن يسعى وراء رزقه على غرار الذين سبقوه الى بلاد المغول بحثا عن الذهب والتوابل والحرير الا أن بولو نجح في جمع الثروة والثقافة التي تفوق المال أهمية لأنه سجل في يومياته كل مشاهداته في بلاد الصين والشرق الأوسط وبلاد الرافدين واستطاع ماركو كسب ود الامبراطور المغولي الذي استضافه سبعة عشر عاما دون انقطاع وحقق هناك شهرة واسعة ليس لأنه نجح في تنفيذ المهام التي أوكلها اليه الخان الكبير انما أيضا لأنه ذهب الى الهند وتجول في ضواحي الصين وتعلم اللغة التتارية وعندما عاد الى ايطاليا عام 1295 روى قصة مغامراته في سجن روسيشلتو ببيزا لأسير رافقه في هذا السجن. وبعد أن شارك في الحرب ضد جنوا عدوة البندقية كان كتابه الشهير «كتاب العجائب» الذي أنقذه من الأسر وكان للكتاب أثر كبير على أوروبا والعالم فبدون ماركو بولو لم يكن ليتسنى للمكتشف كريستوف كولومبوس أن يصل الى شواطئ أميركا الا بعد أن قرأ كتاب بولو «الذهاب الى العالم الجديد». يقول بيير راسين: لقد عاد بولو بتجربة جديدة هدفها الجمع بين الدليل السياحي والجغرافية كما كتب الأسفار والمعلومات الجيوسياسية فكتاب «العجائب» غني بمعلومات مشفرة اذ تؤكد الوثائق الصينية بأن الكتاب ليس كتاب أمثال انما هو كتاب شق الطريق أمام أجيال سارت على خطاه لتكتشف العالمين القديم والحديث رغم تعرض بولو لضغوطات كبيرة كي يغير اراءه ويتوقف عن متابعة الأسفار تحت ضغوطات رجال الكثلكة الا انه كان يدرك أن أسلوب صياغته لتلك الأسفار هو طريقة جديدة في الكتابة افتتحت الريبورتاج الصحفي والتحقيقات بكل مافي هذه الكلمة من معنى. وبقي ماركو بولو مقيما في البندقية حتى وافته المنية عام 1324. |
|