تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حقوق المستهلك ..مسؤولية الدولة أم التجار أم الجمعيات الأهلية ؟

أسواق
الثلاثاء 10-4-2012
قاسم البريدي

الغلاء .. هو العنوان الأهم الذي صار هاجسا يوميا لكل الناس وفي كل الأماكن ..فما هو الحل السريع والذي لا يقبل التباطؤ نهائيا لكبحه ..وماهو الحل المتوسط والبعيد الذي يكفل توازن الأسواق وشفافيتها وعدالتها في المستقبل ..

‏‏

وهل نحمل الحكومة وخاصة وزارة الاقتصاد والتجارة كامل المسؤولية أم أن بعض التجار وباعة المفرق هم من ينتهزون الفرص ..أم ان المستهلك الذي يفترض أن يكون هو سيد الأسواق يتحمل مسؤوليته من خلال سلوكه الذي يتساهل ويشجع الانتهازيين على الاستمرار في رفع أسعارهم ؟؟‏‏‏

لماذا حماية المستهلك ؟‏‏‏

ما تمر به سورية حاليا ومعها الدول العربية ودول عديدة في العالم بشان حماية المستهلك ليس جديدا قياسا للدول الصناعية التي انتهجت نظام اقتصاد السوق ، ومنذ عقود من الزمن بدأت حركة حماية المستهلك في العالم نتيجة للعديد من الممارسات اللاإنسانية التي كان يمارسها المنتجون والتجار والوسطاء ضد المستهلكين في السوق بعيداً عن القيم الاجتماعية والضوابط الأخلاقية.‏‏‏

وبذلك نشأت فكرة حماية المستهلك وتوسعت حركتها في المجتمعات المتقدمة جراء الضغط الذي مارسه المستهلكون على حكوماتهم من أجل التدخل وفرض القوانين لحمايتهم مما يُعرف بجشع المضاربين من التجار والصناع..‏‏‏

وبكلام آخر فان إحدى الدوافع الأساسية لنشوء حماية المستهلك هي فكـرة وجود فريقين غيـر متساويين (على صعيد المعلومات والقدرة الاقتصادية والإعلان) والتعاطي السيئ من قبل احد الفرقاء الذي يملك قوة أعمال اقتصادية تؤهله خداع  وأحيانا تضليل الفريق الآخر ألا وهو المستهلك.‏‏‏

ولهذا فان حماية المستهلك وحقوقه ليست شعارات مبتذلة، بل تستلزم جهوداً جماعية كبيرة بعدما تعرضت إلى الإهمال والانتهاكات، وصرنا نراها اليوم تفرض حضورها ,وحماية المستهلك بتبسيط شديد هي عبارة عن سلسلة من القوانين والمراسيم التي تهدف إلى حماية صحــة وسلامة المستهلك، أضف إلى ذلك الجودة العالية والكمية الدقيقة والتجارة العادلة ضمن أسعــار منافسة للسلــع والخدمات، يواكبها مراقبة فعالّة للسوق. كل ذلك يشكــل عناصــر مهمة لحماية المستهلك.‏‏‏

والسؤال المطروح أنه في حال عدم تنفيذ وتطبيق هذه القوانين والمراسيم من قبل الدولة والهيئات المفوّضة من قبلها، هل تكون حماية المستهلك ذات فعالية؟ و هل مراقبة الأسواق محصورة بعمل الدولة فقط ، ام يحق للإعلام ولجمعيات المستهلك لعب هذا الدور لنعرف في نهاية الأمر من يحصّل حقوق المستهلك فعلا لا قولا ؟‏‏‏

الحقوق الثمانية‏‏‏

وفقا لما نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة وقانون حماية المستهلك في سورية ، فإن هناك ثمانية حقوق للمستهلك تكفلها الدولة والمجتمع هي :‏‏‏

1 حق الأمان : حماية المستهلك من المنتجات وعمليات الإنتاج والخدمات التي تؤدي إلى مخاطر على صحته وحياته.‏‏‏

2 حق المعرفة : أن يستطيع المستهلك بالحقائق التي تساعده على القيام السليم ولحمايته من الإعلانات وبطاقات السلع التي تشمل معلومات مضللة وغير صحيحة.‏‏‏

3 حق الاختيار : أن يستطيع المستهلك بالاختيار من العديد من المنتجات والخدمات التي تعرض بأسعار تنافسية مع ضمان الجودة.‏‏‏

4 حق الاستماع إلى آرائه : أن تمثل مصالح المستهلك في إعداد سياسات الحكومة وتنفيذها، وفي تطوير المنتجات والخدمات.‏‏‏

5 حق إشباع احتياجاته الأساسية : أن يكون للمستهلك حق الحصول على السلع الضرورية الأساسية، وكذلك الخدمات كالغذاء والكساء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم.‏‏‏

6 حق التعويض : أن يكون للمستهلك الحق في تسوية عادلة للمطالبة المشروعة شاملة التعويض على التضليل أو السلع الرديئة أو الخدمات غير المرضية.‏‏‏

7 حق التثقيف: أن يكون للمستهلك الحق باكتساب المعارف والمهارات المطلوبة لممارسة الاختيارات الواعية بين السلع والخدمات. وأن يكون مدركاً لحقوق المستهلك الأساسية ومسؤولياته وكيفية استخدامها.‏‏‏

8 حق الحياة في بيئة صحية : أن يكون للمستهلك الحق في أن يعيش ويعمل في بيئة خالية من المخاطر للأجيال الحالية والمستقبلية.‏‏‏

دور الدولة أولا‏‏‏

ننتقل للحديث عن الجهات المسؤولة عن حماية المستهلك ونبدأ من الدولة التي من واجبها الأول حمايــة صحة وسلامـة مواطنيها، هذا يعني ان على الحكومة ان توفّر كافة الأطر القانونيــة الضرورية لتنفيذ مهامها، كما عليها تأميـن الموظفين والتمــويل والموارد من اجل تطبيــق القوانين المتعلقة بحماية المستهلك.‏‏‏

ومن واجب الدولة مراقبة الأسواق وهي الصورة الحقيقية لوضع حمايّة المستهلك في أي مجتمع ويقوم هؤلاء المراقبون بالتحقيقات الضرورية للتأكد من إلتزام التاجر بتنفيذ القوانين المرعية الأجراء لا سيما قوانين حماية المستهلك.‏‏‏

كما يقــوم المراقبــون بإحالة اي مخالفـة الى السلطات القضائية المختصـة  بعد إحالة الملف اليها، ومن ضمنها التحقيقات والمستندات ومحاضر الضبط.‏‏‏

و في النهاية تقوم المحاكــم المختصة بتطبيق العقوبات على التجــار المخالفيـن لقوانيــن حمايــة المستهلك وإعطاء الحلول كالتعويض للمستهلك بما يناسب الحالة.‏‏‏

وبطبيعة الحال يواجه مراقبو الأسواق مشاكل عند تطبيق القوانين أهمها التزايد الكبير في استيراد السلع الموضبة مسبقاً من كافـة أنحاء العالـــم ولهذا لا بد من تحمل مراقبــي الجمارك على الحدود لمسؤولياتهم ، منعاً لعرقلــة تدفق السلــع والخدمات،ودخول سلع مقلدة أو ذات نوعيات سيئة وحفاظاً على تنفيذ دقيق لقوانين حماية المستهلك لابد من القيام بتعزيز التواصل ليس فقط مع المراقبين المحليين بل ايضاً مع مراقبي الأسواق في العالم.‏‏‏

والناحية الأخرى هي ان دور المفتشين الحكوميين هام جداً بالنسبة للصناعيين والمستوردين للسلع والخدمات لأنهـا تساعد على تأمين تجارة عادلة فيما بينهم. فالمنافسة المشروعة هي من الأسس المؤدية الى حماية المستهلك والمفتشين الرسمين ( والنزيهين طبعاً) يساعدون على تعزيز العدالة وسلامة ونزاهة السوق.‏‏‏

وعموما يبقى لمديرية حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة الدور الأهم وقد منحها القانون الصلاحيات التالية:‏‏‏

• التثبت من نوعية وسلامة الخدمات والسلع وبخاصة الغذائية منها والقيام بالفحوصات اللازمة بشأنها.‏‏‏

• مراقبة الأسعار وحركتها.‏‏‏

•إعداد النشرات الخاصة بتوعية المستهلك وإرشاده.‏‏‏

•القيام بالأبحاث المتعلقة بالمواضيع المذكورة أعلاه.‏‏‏

• استلام الشكاوى والتحقيق فيها وتطبيق القوانين المتعلقة بحماية المستهلك.‏‏‏

- تنفيذ القوانين والتشريعات المتعلقة بوسائل معاينة المخالفات.‏‏‏

=-  فرض العقوبات على المخالفين وإحالة الملف إلى القضاء المختص.‏‏‏

 -حجز وإتلاف السلع التي يتبين انها مزّيفة او غير صالحة للاستهلاك او غير مطابقة للمواصفات المعتمدة.‏‏‏

-حجز المواد والآلات والمعدات التي استعملت لصناعة وتوضيب السلع المغشوشة‏‏‏

دور جمعيات حماية المستهلك‏‏‏

-ان اهم ما منحه قانون حماية المستهلك هو الحق بالانتساب إلى جمعيات المستهلك التي تهدف إلى الدفاع عن مصالح المستهلك وحقوقه و تمثيل المستهلكين جماعياً والتقاضي بهدف الحفاظ على حقوقهم.‏‏‏

وتهدف إلى جمع ونشر المعلومات والتحاليل والإختبارات والمقارنات المتعلقة بالسلع والخدمات وكيفية إستعمالها و القيام بحملات التوعية وإرشاد المستهلكين وإصدار مجلات ونشرات ومطبوعات وإعداد برامج إعلانية وإذاعية للبث او النشر عبر وسائل الإعلام.‏‏‏

كما تتلقي الشكاوى عبر الخط الساخن العائد للجمعية وإحالتها الى الوزارات المعنية و متابعة ما آلت اليه هذه الشكاوى مع مديرية حماية المستهلك والوزارة المعنية، لا سيما الإجراءات القانونية المتخذة بحق المخالف، وإبلاغ المستهلك بالنتيجة.‏‏‏

ومن جانب آخر يجد المستهلك سهولة بالتعاطي مع جمعيات المستهلك باعتبارها الممثل القانوني له لدى الإدارات الرسمية والمحترفين و لذلك يسمع العاملون في جمعيات المستهلك الانتقادات التالية: اين انتم من ارتفاع الأسعار ؟ ما هي الإجراءات المتخذة من طرفكم للحد من الغش والإعلانات الخادعة؟‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية