|
شؤون سياسية فقررت البدء بالعمل علي توسيع الحرب البرية, من خلال استخدام آلاف الجنود لإدخالهم إلي جنوب لبنان في محاولة للوصول إلي ما بعد الليطاني, بهدف وضع حد للهجمات الصاروخية التي تشنها المقاومة الوطنية اللبنانية علي شمال فلسطين المحتلة مستغلة التواطؤ الأميركي والصمت الدولي وعجز الأمم المتحدة عن فرض قرار لوقف إطلاق النار يوقف المذبحة الصهيونية المتنقلة, لكن الفشل سيكون حليفها وإن جيشها سيدفع ثمناً باهظاً جراء هذا الاجتياح, فالمشكلة هنا ليست في أن اسرائيل لا تملك القوة العسكرية الكافية, بل لأنها تجهل من تقاتل في البر, وتجهل من تواجه وأية إرادة يتمتع بها المقاومون اللبنانيون الأبطال. و لا نجافي الحقيقة هنا, إذا قلنا إن الاسرائيليين أنفسهم لم يصدقوا إدعاءات حكومتهم الكاذبة ورئيسها المتغطرس إيهود أولمرت بتحقيق نصر علي لبنان ومقاومته الباسلة, وباتوا علي قناعة تامة أن جيشهم الذي لا يقهر صار عاجزاً عن تحقيق أي هدف, أو أي إنجاز عسكري ملموس علي الأرض رغم استخدامه أقسي وأفظع آلة تدمير عسكرية في العالم, ورغم تفوقه الجوي المطلق, إذ إن جنرالاته لم يتوقعوا أن يتمكن رجال المقاومة من الصمود في وجه أقوي جيش في الشرق الأوسط يمتلك أحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً. ولم يدر في خلد الصهاينة المجرمين أن مقاتلين مسلحين بأسلحة خفيفة وببعض القذائف الصاروخية المضادة للدروع قادرون علي شل أقوي جيش في المنطقة. لقد أدركت اسرائيل قصور ومحدودية قوتها في التغلب علي رجال المقاومة, وهذا ما دفع كارمي غيلون, الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلية. (الشابات ) إلي القول (إنني متأكد من أن الحركة الصهيونية لم تكن لتستطيع الإعلان عن قيام اسرائيل لو كان قبل العام 1948 عرب علي شاكلة رجال المقاومة الفلسطينية ومقاتلي حزب الله- ولولا أن ما يحدث هو حقيقة ماثلة للعيان لاعتبرنا أن ماتشهده دولتنا مجرد كابوس قاس, عندما تستنزف طاقتها في مواجهة تنظيمات قليلة الإمكانات رغم كل ما نملكه من أسباب القوة). كانت اسرائيل تظن أنها ستنهي المسألة في ساعات أو أيام, لكنها فوجئت بأنها سقطت في المستنقع اللبناني مثلما سقطت الولايات المتحدة في المستنقع العراقي, وبدأ القادة العسكريون الإسرائيليون يقرون بقوة المقاومة ومنعتها وقوتها وقدرتها علي المواجهة والتحدي والصمود رغم المجازر الكبيرة التي ارتكبوها ضد المدنيين اللبنانيين والدمار الهائل الذي حل بلبنان. وفي هذا الإطار يقول افرايم هاليفي الرئيس السابق لجهاز الموساد ( لقد سكرنا من شدة الفرح عندما أعلن شارون بتبجح في العام 1982 أنه طرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان لنبكي بعد ذلك عندما فوجئنا أن من حل مكان منظمة التحرير هو حزب الله, العدو الأكثر خطراً, الذي مرغ أنف دولة بأكملها في التراب). الخبراء العسكريون مجمعون علي أنه من المشكوك فيه أن يتمكن جيش العدو الصهيوني, من القضاء علي المقاومة الوطنية اللبنانية, حتي لو وصل إلي الليطاني. ويري هؤلاء أن إطالة أمد الحرب ليست في صالح جيش الاحتلال الصهيوني بالمطلق, بل إن الزمن والإطالة يعملان لصالح حزب الله. ويري هؤلاء الخبراء أن الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل هو خروج حزب الله من الحرب غير منكسر, وهو ما من شأنه أن يعني إلحاق هزيمة سياسية بالحكومة الإسرائيلية وبهيبة الجيش الإسرائيلي, أما بالنسبة للولايات المتحدة فإن انتصار حزب الله والمقاومة الوطنية اللبنانية, يعني موت الشرق الأوسط الجديد, الذي خططت مع اسرائيل لخلقه من خلال تدمير لبنان وبناه التحتية . حتي الآن فشل العدوان الإسرائيلي في تحقيق أهدافه المعلنة, والمستترة, وهو ما يعبر عنه صراحة الكاتب الإسرائيلي المعروف يوري أفينيري بالقول ( إن الحقيقة وببساطة شديدة هي أن اسرائيل لم تتمكن للآن من تحقيق أي من أهدافها العسكرية.. فالجيش الإسرائيلي الذي حقق انتصارات كبيرة في السابق لم ينجح للآن في هزيمة حزب الله). ويضيف أفينيري قائلاً ( إن أولمرت الآن غاضب فقد توجه للحرب بروح مرحة وقلب مفتوح, ذلك لأن جنرالات سلاح الجو تعهدوا له بالقضاء علي حسن نصر الله وصواريخه خلال أيام فقط.. لكن أولمرت الآن عالق في المستنقع, ولا يبدو هناك أية مؤشرات علي إمكانية إحراز أي حسم عسكري وانتصار في الحرب). ويلقي أأفينيري مسؤولية فشل العدوان علي عاتق الثنائي أولمرت وبيريتس اللذين انجرا وراء الطعم وأدخلا اسرائيل في حرب نتيجة قرار متسرع من دون أي تفكير أو إعداد مسبق). لقد أصيبت الولايات المتحدة بخيبة أمل من عدم قدرة اسرائيل علي إنزال الهزيمة بحزب الله بالسرعة التي حددتها الإدارة الأميركية, وهو ما عبرت عنه صراحة صحيفة الواشنطن بوست من خلال القول بأن فشل إيهود أولمرت في تحقيق النصر يعرض للخطر ثقة الولايات المتحدة في اسرائيل. لا شك أن فشل العدوان الإسرائيلي رغم القدرات التدميرية الهائلة بحراً وبراً وجواً في القضاء علي المقاومة دفع الإدارة الأميركية حفاظاً علي ماء الوجه إلي البحث عن حل من خلال الدبلوماسية يحقق لإسرائيل ما عجزت عن تحقيقه بالحل العسكري. فهل تنجح?! |
|