تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تريبيون ميديا سيرفس ...الأميركيون يتطلعون إلى رئيس ينسيهم سياسات المحافظين الجدد

شؤون سياسية
الاربعاء 16/8/2006م
ترجمة حكمت فاكه..بقلم وليم فاف

يتحدث الكاتب والمحلل السياسي الأميركي وليم فاف عن حوارات ورش العمل السنوية لمجلس العلاقات الأميركية-الايطالية التي جرت في مدينة البندقية في الآونة الأخيرة ويقول فاف (تعلق آمال كبيرة على انتخاب رئيس أميركي جديد بعد سنتين من الآن كي تزول جميع المصائب والكوارث التي حلت بنا) وفيما يلي أهم ما جاء في ذلك المقال الذي نشرته تريبيون ميديا سيرفس.

إن أعظم مهمة تقوم بها ورش العمل السنوية لمجلس العلاقات الأميركية-الايطالية هي اعطاء القادمين من الساحل الآخر من المحيط الاطلسي فكرة عن رؤية واشنطن لمجريات الأحداث العالمية وموقفها منها ويقوم بهذه المهمة الكثير من المسؤولين الحاليين والسابقين وعدد من الباحثين والصحافيين بمختلف مراكز ومؤسسات البحث العلمي اضافة الى رجال الأعمال الأميركيين.‏‏‏

وتكتسب ورش العمل هذه أهميتها بسبب الخلط وسوء الفهم الواسعي النطاق اللذين يشوبان رؤية واضعي السياسات وصناع الرأي العام في كلا الجانبين لمجريات الأحداث نفسها.‏‏‏

لقد خرجت بانطباع من جميع الأميركيين الذين تحدثت إليهم مفاده أن قضية العراق قد آلت الى نهايتها المحتومة فعلى المحافظين الجدد دارت الدائرة وارتدت عليهم سهام غزوهم للعراق, بينما بهتت رومانسيتهم الايديولوجية القائلة باشاعة الحرية والديمقراطية على نطاق العالم بأجمعه وفي مقدمته منطقة الشرق الأوسط وتخليص تلك الشعوب من نير الاستبداد على صهوة التدخل الأميركي وبرأي المشاركين الأميركيين في ورش العمل هذه أنه لا أحد اليوم يأخذ هذه الدعاوى الرومانسية الحالمة مأخذ الجد ومن خلال النقاش الذي جرى مع الأميركيين ذكرتهم بأن الرئيس بوش ما زال يزعم أن تحرير العالم مهمة لا تنفصم عراها عن جوهر السياسات الأميركية وهذا الزعم كان جزءا من أفكار مقدمته للنسخة السنوية الصادرة هذه السنة من بيان (الاستراتيجية القومية) لكنهم ردوا علي قائلين على أي حال على الإدارة أن تقول ما قالته واليوم فإن أغلبية الديمقراطيين والجمهوريين يعتقدون أن المشكلة الرئيسية المتبقية من كل تلك الايديولوجيا المحافظة هي كيفية التوصل الى مخرج ما من مأزقها من ذلك على سبيل المثال أن خطأ غزو العراق أصبح أمرا مسلما به من قبل كل من يتسم بالجدية في أوساط ودوائر صنع السياسات الخارجية الأميركية.‏‏‏

ومن بين هؤلاء قال أحد المتحدثين الأميركيين إنه ربما كان غزو العراق الخطأ الأكبر على الاطلاق في تاريخ السياسات الخارجية الأميركية لكن من الواجب الان تركه وراء ظهورنا.‏‏‏

وأوضح المتحدث نفسه أن التيار السياسي الرئيسي في الحزبين الجمهوري والديمقراطي اتفق على غزو العراق وليس أدل على ذلك من تذكير المرشح الرئاسي الديمقراطي جون كيري لناخبيه في عام 2004 بأنه كان سيتخذ القرار نفسه الذي اتخذه الرئيس بوش وبذلك استنتج المتحدث أن الخطأ كان مشتركا مما يستوجب الاعتراف المشترك بعواقبه ونتائجه الان سواء ما تمثل منها في ذلك العدد الهائل من القتلى والمعوقين من الجنود الأميركيين أم في ضحاياه وهم العديد من القتلى والمصابين العراقيين مدنيين وعسكريين على حد سواء.‏‏‏

في الحقيقة تتوحد الآن جهود النخب الجمهورية والديمقراطية معا في سبيل ايجاد أفضل المخارج وأقلها ايلاما من المأزق العراقي ولا يوجد أي تصور جمهوري أو ديمقراطي للخروج من هذا المأزق أفضل من تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار السياسي في العراق حتى يتمكن الجنود الأميركيون من الانسحاب من وحل العنف الذي زجوا فيه بحيث يكون ذلك الانسحاب شبيها بما حدث في فيتنام عام 1973 وهناك من الأميركيين من يعتقد جادا بامكانية تحقيق تصور كهذا ويعلق هؤلاء آمالا كبيرة على انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية خلال سنتين من الآن كي تزول جميع المصائب التي حلت بأميركا منذ عام 2001 لتتحول الى مجرد ذكرى وماض بعيد في اذهان الأميركيين وتذهب الاعتقادات نفسها الى أنه من الأرجح أن يترك الحبل على الغارب للأزمتين النوويتين في كل من كوريا الشمالية وايران, طالما أن إدارة بوش لا تستطيع خوض حرب جديدة سواء لعدم مقدرتها السياسية أو المالية.‏‏‏

أما فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني-الاسرائيلي فلم تعد واشنطن تستطيع فعل أي شيء تجاهه بغية حله أو التخفيف من وطأته طالما بقيت السياسات الخارجية الأميركية على مراوحتها مكانها وانحيازها الثابت لإسرائيل وبسبب هذا التآزر بين جماعات الضغط اليهودي من جانب والبروتستانت الانجيليين من جانب آخر في دعمها المشترك لإسرائيل فإن المرجح أن تترك واشنطن لإسرائيل أن تفعل ما تشاء بحق الفلسطينيين وفيما يتعلق بالرئيس الجديد المتوقع في عام 2008 فقد اجمع رأي المشاركين على أنه سيكون جمهوريا آخر بالنظر الى أنه لم يعد للديمقراطيين ما يؤهلهم للوصول الى المنصب الرئاسي.‏‏‏

وكان من رأي المشاركين أن هوارد دين موغل في تطرفه ويساريته بينما اقتصر حكمهم على آل غور بأنه ناشط بيئي لا أكثر وعندما جاء دور الحكم على هيلاري كلينتون كانت نصيحة خيرة المنظرين الديمقراطيين لها أنه ليس لها ما يميزها عن الجمهوريين.‏‏‏

وبما أنني كاتب مقيم في أوروبا فقد كثر اتهامي ببعدي الموغل عن واشنطن ويجوز أن أكون في غاية القرب منها في الوقت ذاته ومهما يكن فقد وجدت في حوارات البندقية هذه ما أثار فضولي ودهشتي واهتمامي في آن واحد.‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية