|
آراء 77NEWS2\M08\D09\24-5.jpg&& وفي الأذهان لاتزال صورة المجازر التي حصدت الأطفال بالجملة ولم توفر امرأة ولاشيخا بطريقة بشعة بعيدة عن الإنسانية تذكرنا بالقصص عن مذابح الهولوكوست والتي هي جزء بسيط مما نراه اليوم على أيادي الصهاينة. أما النازح والعائد الى قريته يفتش عن بيته دون جدوى فالمعابر الى قريته مدمرة والجسور مهدمة والقرية أصبحت على مستوى الأرض. مئات القتلى وآلاف الجرحى, وهذا الدمار والخراب ومئات المليارات من الدولارات التي كلفت الطرفين كان يمكن علاجها بأقل بكثير مما حصل, بحجة أسيرين تقيم إسرائيل هذه الحرب, وهي التي تحتجز آلاف الأسرى. ولكن هل استطاعت أن تقنع أحداً بأن هدف حربها تحرير أسيرين بعد الثمن الذي دفعته من المال والرجال, فمن الرجال دفعت مائة وربما أكثر ومن المال عشرات المليارات. ولما يعودا بعد. العالم كله يدرك أن إسرائيل دولة مغتصبة وغازية جاءت من كل أنحاء العالم لتحتل أرض الآخرين وتطردهم من ديارهم وآلاف العرب الأسرى في سجونها ليس لهم قيمة بنظرها, منهم من مضى على وجوده في السجن أكثر من ربع قرن. فهؤلاء ليس لهم أهل أو وطن وصيحات أمهاتهم لاتصل آذان قادة إسرائيل وجنرالاتها وإذا وصلت لايهمهم إطلاقاً, ولايجوز لأهلهم المطالبة بشيء, وكل المبررات الأخلاقية والإنسانية لإطلاق سراحهم لاتعني لإسرائيل شيئاً, وكل الأصوات تصطدم بآذان صماء لدى الجانب الإسرائيلي وما حصل في 12 تموز الماضي يدل على عنصرية وحقد وعنجهية بدون حدود, حيث أعلنت إسرائيل الحرب ودمرت كل ما يمكن تدميره وقتلت أقصى ما يمكنها قتله, هذا ليس مهما من وجهة النظر الاسرائيلية, طالما القتلى ليسوا قتلاهم والجرحى ليسوا جرحاهم, المهم أن يظهروا للعالم ولشعبهم بأنهم أقوياء وأن أياديهم طويلة تصل الى حيثما يريدون وانهم جاهزون لتنفيذ المخططات والمشاريع الأمريكية المرسومة للمنطقة, معتمدين على تقنية السلاح المتطور الفتاك الذي تزودهم به أمريكا, وتزودنا بنفس الوقت بشعارات الديمقراطية المزيفة. إن حسابات إسرائيل كانت خاطئة هذه المرة, فهي لم تعتد مواجهة المقاوم العربي وجهاً لوجه حيث إن قوتها العسكرية تسمح لها باصطياده من مسافة بعيدة, لكن الأمور تغيرت اليوم فالظلم والقتل والدمار وعدم الاكتراث بالرأي الآخر, جعلت هذا المقاوم يواجه الموت ويقاتل الموت ويقاتل دون خوف منه من أجل حقه, ومن أجل وطنه, ومن أجل قضية يؤمن بها ويموت من أجلها, فأرعب العدو وقهره وواجهه بواقع لم يدر في خلده أنه مواجهه أو أنه سيصل الى ما وصل إليه. فالحرب التي قام بها العدو ظاهرها تحرير أسيرين وباطنها تطبيق القرار 1559 بالقوة, لكن هذه المقاومة البطلة كسرت شوكته ومرغت جباه نخبته في تراب الجنوب اللبناني وحولت الدبابات الأقوى في العالم الى توابيت لجنوده, وسيكون لنتائج هذه الحرب العدوانية آثار سياسية عميقة وتداعيات عسكرية كبيرة على هذا الكيان أقسى بكثير من هزيمته العسكرية المذلة, وما يلقاه هذا العدو اليوم في جنوب لبنان قد يلقاه غداً على جبهة الجولان. في سورية نقول للمحتلين إن شعبنا يحذركم بأننا لن نترككم الى الأبد تحتلون أرضنا وتهجرون سكانها وتنعمون بخيراتها, عليكم أن تدركوا أن شعبنا سيقاتلكم كما قاتلتكم المقاومة اللبنانية في مارون الراس وبنت جبيل وعيتا الشعب وغيرها من المواقع. إن شعبنا سيقاتلكم في جبل الشيخ, في مسعدة ومجدل شمس وعين قنية وبانياس وزعورا والنخيلة, في واسط والقلع وقنعبة وتل شعبان وكفر تفاح والدرباشية وحفر, في الجمرك وطبريا والحمة, وفي كل بقعة من الجولان وعلى كل هضبة وتلة ووادٍ. هذه الحقيقة قد أدركها بعض أصحاب الأقلام (العاقلة) في إسرائيل. فعلى مايبدو إن ضربات المقاومة وتجربة إسرائيل في جنوب لبنان والإخفاقات العسكرية والمعنوية والسياسية الهائلة التي تكبدها الكيان الصهيوني جراء اعتدائه على لبنان, قد أيقظت بعض أصحاب الأفكار داخل هذا الكيان, وقد قرأت بإمعان ماكتبه مؤخراً جدعون ليفي في صحيفة هآرتس حيث يقول الآتي: (لو أن إسرائيل قامت بإعادة الجولان في الوقت المناسب ووقعت اتفاق سلام مع سورية لما اندلعت هذه الحرب, كان السلام مع سورية يضمن السلام مع لبنان ويضيف قائلاً: إنه تفكير أحمق حينما يقول البعض لماذا نعيد الهضبة, السوريون يجلسون هادئين مسالمين فلماذا نعيد الجولان. هذا التفكير مضر وأحمق ويضيف أيضاً: (وبعد أن أريقت الدماء استيقظت إسرائيل من حلمها واعترفت بأنها لن تتمكن من الاحتفاظ بكل المناطق إلا بهذه الطريقة نشأت عملية الاعتراف بمنظمة التحرير ومن ثم اتفاق أوسلو ثم فك الارتباط ثم خطة الانطواء. كل هذه كانت حلولاً جزئية ووهمية لاتهدف إلا الى تأجيل وتأخير الاحتلال. أما في سورية (والكلام مازال لليفي) فلم نكن بحاجة لكل ذلك واليوم جاءت حرب لبنان لتبرهن أن هذا أيضاً كان رهاناً خاطئاً, فالخطر لم يتلاش, والاعتقاد الواهن بأن الجولان سيبقى في أيدي إسرائيل الى الأبد دون المطالبة بثمن الاحتلال, قد يرتد على إسرائيل وبكل قوة). ثم يضيف جدعون ليفي قائلاً: (الحرب ستكون اليوم أكثر شدة وعنفاً وأن الوقت يصب في مصلحة اسرائيل هو مجرد وهم أيضاً). ويقول جدعون ليفي أيضاً: (لقد فوت رئيس الوزراء باراك الفرصة السانحة للتوقيع على اتفاق سلام مع سورية بصورة إجرامية بعد أن أصيب بالجبن وارتعدت فرائصه وتراجع في اللحظة الأخيرة). ويرى ليفي أن على إسرائيل أن تعلن الجولان مقابل السلام وهذا يخدم إسرائيل أكثر من ألف عملية حربية مهما كانت جريئة ولكن ذلك يتطلب قدراً من الشجاعة أكثر مما يتطلبه قرار شن حرب. الى هنا انتهى كلام جدعون ليفي. إنني أرى بعد الاطلاع على هذه الأفكار مع بعض الملاحظات على تفاصيلها, استيقاظا ً لصوت العقل, وسؤالي الان هل يمكن أن يصل هذا الصوت الى مسامع أصحاب القرار في دولة الكيان الصهيوني? وأن ينفتح ذهنهم على آفاق جديدة? وهل يدركون أن عودة الحقوق ستكون آجلاً أم عاجلاً أرادوا أم لم يريدوا? الخيار متروك لقادة هذا الكيان الغاصب في تحديد الطريقة الأفضل لتصرفهم, فإما أن يجدوا صدى لهذه الأفكار التي بدأت تطرح, وأن يستمعوا لصوت المنطق الذي يحرم عليهم اغتصاب حقوق الآخرين, وإما سيتم إسماعهم هذا الصوت على طريقة المقاومة في لبنان وفلسطين. |
|