تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يا خوفنا من التاريخ

آراء
الاربعاء 16/8/2006م
د. اسكندر لوقا

بهذه العبارة اختتم الاستاذ رياض نجيب الريس مقالته في مجلة المستقبل الصادرة في باريس بتاريخ 28 تموز 1979

وتمهيدا لهذه العبارة كان قد اشار الى لقاء جرى بينه وبين دبلوماسي بريطاني سابق لم يذكر اسمه كاشفة بعض الاخطاء التي يرتكبها العرب ,‏

ومن ذلك انهم لا يدركون ان نجاح اليمين في اية دولة من دول العالم يعني عمليا الاتجاه , بشكل متصلب , ففي مواجهة القضايا الخارجية بعيدا عن القيم التقدمية . ولست أدري اذا كانت هذه المعادلة التي تحمل تاريخ الثامن والعشرين من شهر تموز من العام 1979 صحيحة بنسبة 100% ام لا , ولكن الظاهر انها كذلك إذا اعاد احدنا قراءة التاريخ , سواء فيما يتعلق منه بالمنطقة العربية او بمناطق اخرى في العالم , ان التصلب في مواجهة القضايا الخارجية غدا معلما من المعالم الفارقة التي غلبت سواها في المجال الدبلوماسي , وخصوصا في الدول التي استطاع اليمين ان يحقق فيها فوزا على المفاهيم الاشتراكية بشكل عام . في سياق الحديث , وربما تبريرا لهذا الاتجاه المتصلب , لم يخف الدبلوماسي البريطاني السابق قناعته بأن سائق السيارة المنتظر عند محطة الوقود , على سبيل المثال , لن يتحمل طويلا , وعلى مضض , تداعيات مزاج هذا الشيخ او ذاك من شيوخ العرب , كما قال , نتيجة تحكمه بالنفط اذ لم يكن لهؤلاء الشيوخ اي دور على الاطلاق في اكتشاف هذا الذهب السائل بحيث يسمح لهم ان يلعبوا بمصير الحضارة الغربية كلها وفي سياق هذا المنطق , لا بد لأحدنا ان يدرك سبب هذا التمادي الذي نشهده اليوم في السعي لاستعمار بلدان منابع النفط علنا او خفية , وذلك تحت عناوين مختلفة بينها حماية الانظمة الديمقراطية , وبينها الدفاع عن حقوق الانسان , وبينها تقديم المساعدات للنهوض بالتنمية , والى ما هنالك من وصفات تنصح الدول النامية بتناولها وصولا الى زمن الرخاء والاستقرار ولا يخفي الدبلوماسي البريطاني المعلومة التي توضح انه في الغرب هناك من يدعو جديا الى اعادة استعمار بلدان الخليج العربي الغنية بالنفط.‏

ومن هنا كان الاستنساج بأن هذا الاحتمال اصبح واردا في أي وقت,ولم يكن واردا اي تحفظ اخلاقي يمكن ان يردع من يحمل أو ينادي بفكرة العودة الى المناطق التي كانت مستعمرة قبل عدة عقود,على نحو ما نسمع ونقرأ في أيامنا هذه,في سياق الحملات الإعلامية التي تشن ضد دول الرفض من منطلق كون الاستعمار من أشد الأمراض فتكا بالدول التي تستسلم لإرادة المستعمر وتخضع لإرادته.‏

إن سقوط نظرية العدالة الاجتماعية والمساواة,قلب الموازين المتعارف عليها رأسا على عقب.صار الغرب يعتقد أنه المستغل من قبل المستغل العربي,ومن واجبه أن يدافع عن حقوقه.وقد ساعد على تكون مثل هذه الفكرة لدى الانسان في الغرب وفيما وراء البحار المناخ الفكري والاخلاقي الذي ساد مؤخرا,في أوروبا عموما وفي الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا وكان من رأي الدبلوماسي البريطاني المخضرم,كما بدا لكاتب المقال,ويبدو لنا الآن,أنه (متى وجدت الارادة السياسية تبعتها دائما الأداة العسكرية).ولهذا الاعتبار كانت البداية مع قول الأستاذ الريس,ونحن نعيش مرحلة القلق على المصير العربي (يا خوفنا من التاريخ).‏

DR-LOUKA@ MAKTOOB-GOM‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية