|
شؤون سياسية وبسبب أن هذا البلد مسلوب الإرادة والحرية ومنقوص الاستقلال وهم وفقاً لذلك قرروا العمل معاً لاستعادة الحرية والسيادة له والانتقال به إلى عهد جديد يرفع فيه لواء الحضارة والديمقراطية والسيادة ليكون أنموذجاً لعالم جديد أسموه معاً بالشرق الأوسط الجديد. أهذا هو النموذج الذي تريده الولايات المتحدة للبنان وطهر لبنان وسيادة لبنان. أهذا هو النموذج الذي أرادت من خلاله هول الدمار الذي لحق بلبنان أن تهديه لدول المنطقة كعربون وفاء لها. إن خطر ما في الحرب المدمرة على لبنان هو أن الإرادة الأميركية الحريصة على دماء أبناء لبنان وسيادته هي التي تتولى القيادة المباشرة لهذه الحرب وهي التي تصدر أوامرها لتل أبيب كي تستمر بها وتزيد من حالة الدمار الشامل والقتل الشامل والخراب الشامل بحق لبنان. إن الإدارة الأميركية قد صنفت لبنان كنموذج ناجح للإصلاح والتغيير الذي حاولت تضليل العالم به ورأت أنه بعد خروج القوات السورية من لبنان كان لابد لها أن تدفع لإزاحة حزب الله كمشروع مقاوم لمشاريع الهيمنة الأميركية من طريقها, لأجل تمهيد الطريق أمام الهدف الأميركي والتطلعات الأميركية في المنطقة. كما أن هذه الإدارة لم تغفل يوماً ما أيضاً عن هذا الحزب المقاوم بعقيدته وفكره وسلوكه للمخططات الأميركية الصهيونية. كما أن الإدارة الأميركية وبالذات الرئىس جورج بوش لن ينسى حرمانه من ادعاءات النصر في لبنان التي أطلقها عقب انسحاب القوات السورية واتهامه شخصياً لحزب الله بمسؤوليته عن هذا الحرمان الذي لحق به شخصياً أمام العالم. لهذه الأسباب لن نكون مغالين أو مجافين للحقيقة إن قلنا وبوضوح إن الحرب الحالية على لبنان ليست حرباً اسرائيلية فحسب بل هي حرب أميركية في المضمون والهدف. تخدم مجمل الحملة التي تشنها الامبراطورية أميركا على العالمين العربي والاسلامي وتضع المنطقة العربية وفي مقدمتها لبنان من جديد على حافة هاوية جديدة لا تقل سوءاً وخراباً عن فلسطين والعراق وافغانستان. ولهذه الأسباب ندرك أسباب اللا الأميركية لوقف إطلاق النار وندرك الممانعة الأميركية لمجلس الأمن الدولي أو الأمم المتحدة لإصدارها قراراً لوقف النار. لكن هذه الامبراطورية أميركا وربيبتها إسرائيل لم يستوعبا الدرس بعد هذا الصمود الأسطوري لمقاتلي حزب الله ويقيننا أنهما على مسافة قريبة من العد العكسي لاستيعابهما الدرس بعد فشلهما الذريع في إنجاز هدفهما بالقضاء على حزب الله, وإزاء هذا الفشل بدأنا نسمع من هنا وهناك من إسرائيل وخارجها إشارات واضحة من أجل التحرك للعمل الدبلوماسي المكمل للعمل العسكري تمهيداً لوقف إطلاق النار. ولأن واشنطن التي استخدمت لبنان طليعة أو أداة لمشروعها الاستعماري الجديد مشروع الشرق الأوسط لم تأبه لكل وعودها السابقة حيال لبنان السيد المستقل والواحة الغناء للديمقراطية. كذلك الإسرائيليون الذين خرجوا إلى الحرب على لبنان المقاوم وبحماس شديد كانوا بالتأكيد مدفوعين برغبة جامحة لتصفية حساباتهم التي لن ينسوها يوم اندحروا أمام مقاتلي حزب اله من جنوب لبنان لكنهم وبعد خسائرهم الفادحة فهم أقرب اليوم إلى مراجعة الحساب مع ذاتهم بعد الضربات الموجعة التي تلقوها. وهم أيضاً أقرب إلى الخوف من الاجتياح البري لجنوب لبنان خشية وقوعهم في مستنقع لن يقل قساوة وخزياً عما تواجهه القوات الأميركية في المستنقع العراقي. وهم لذلك أي الإسرائيليون يترددون ولأسبابهم الخاصة التي لا يتفهمها الأميركيون تماماً في الغزو البري الواسع, كما عارضوا صراحة الاستجابة للطلب الأميركي الصريح في توسيع الحرب لتشمل سورية ليس كرهاً لاستمرار العدوان وتوسيعه بل لخشيتهم التي ظهرت في أكثر من مجال من أنهم أمام مغامرة خاسرة. وهم لذلك يعوضون هذا التنحي عن توسيع رقعة الحرب واجتياح جنوب لبنان بالمزيد من قصف تدميري واسع لمدن وقرى لبنان. لقد أنجز حزب الله معادلة في الصراع العربي الإسرائيلي ستغير مجراه لعمر زمني مضى, نحو معادلة جديدة عنوانها التوازن والمفاجأة والردع الذي يختلف جوهرياً عما كان, وفي أوله إسقاط قدرة إسرائيل الردعية وعدم قدرتها على حماية نفسها وسكانها ومجتمعها اللقيط واستقرارها القائم على عسكرة الجميع. كما أن حزب الله نجح أيضاً وبكل المقاييس أن يفرض شروطاً عادلة على أرض المعركة لم تكن موجودة سابقاً في جولات الصراع العربي الإسرائيلي ووقائع ذلك ارتسمت معالمه داخل المجتمع والقيادة الصهيونية على إثر سقوط صواريخ المقاومة القادرة على تعطيل الحياة في كامل المدن الإسرائيلية, وهذا ما عناه تماماً سيد المقاومة السيد حسن نصر الله بأن هذا الكيان الغاصب لم يكن في أمان واستقرار لأنه كيان غاصب ولن ينفعه أحد أو يفيده أحد طالما بقيت جذوة المقاومة العربية وهاجة. |
|