|
شؤون سياسية حيال شعب أعزل يستوجب في أبسط الأمور الإنسانية تآزراً إنسانياً من شعوب العالم وحكوماته ليس لأنه حصار مخالف لجميع القوانين والأعراف الدولية والشرائع السماوية بل لكونه أيضاً جريمة من جرائم القانون الدولي. إنه الحصار الذي آن الأوان كي ينفك قيده بعد أن تسبب في مقتل قرابة مئتي فلسطيني بسبب منع الدواء والغذاء وهو في نظر القانون الدولي أحد أبشع الجرائم ضد الإنسانية بعد جريمة الإبادة التي لم يتواني الكيان الصهيوني عن تنفيذها ضد شعب فلسطين. إن أمة العرب هي الأولى بأن تكون السباقة لفك ذاك الحصار هي المطالبة قبل غيرها باتخاذ الخطوات العملية والجريئة لكسر الحصار كي تحرج حكومات العالم بتغاضيها المشكوك عن فعلة الصهاينة بالتضامن والتجاوب مع الصرخة العربية المطلوبة وتقديم الدعم والتأييد لها كي تؤتي ثمارها, ولكم كان محزناً ومحرجاً أن نجد من سبقنا لكسر ذاك الحصار بتلك الروح الجريئة وعددهم لم يتجاوز44 من أصحاب الضمير الحر من أوروبا حينما اعتلوا سفينتين من اليونان مبحرين إلى شواطئ غزة, حيث استطاع هذا الفريق خطوة وراء خطوة أن يعطي كل واحد منهم دراساً في معاني الإنسانية عندما خاطروا بحياتهم وأرواحهم متحدين جدار الحصار الإسرائيلي الظالم على شعب لا يجمعه معهم ولا أي رابطة إلا رابطة المعاني الإنسانية والوجدانية على عكس ما يجمع شعب غزة مع الشعب العربي من المحيط إلى الخليج من روابط الدم والدين والعروبة والأخوة والمصير المشترك ورغم ذلك هذا الشعب غاب عن الحدث. إن المآس التي تحيط بالأمة العربية حري بها أن تجعلها الأقرب إلى رفع لواء التحدي وأن تنفض غبار الهزيمة عن جسمها, ولعل تجربة شعب ألمانيا في تاريخها الحديث ما يشهد على دور الشعوب في رفع لواء التحدي وجمع حال الأمة من شتاتها الذي طال وطال أمده حينما أقدم الشعب الألماني بشقيه في عام 1988 من ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية بهدم جدار برلين منهين بذلك عزلة كانت مفروضة من المجتمع الدولي لمدة جاوزت الأربعة عقود من الزمن. إن من حق وواجب الشعب العربي أن يبادر إلى كسر الحصار عن غزة وهذا الحق تكفله القوانين الدولية لأن كسر أي حصار في العرف الدولي ليس جرماً إنما الجرم هو المشاركة في إبقائه وإطالة أمده على شعب أعزل يعاني من أبشع جريمة إنسانية في منع الغذاء والدواء وسبل العيش عنه, ذلك لأن المؤامرة على شعب فلسطين كبيرة وفصولها متواصلة وهي تجري في ظل صمت دولي لا سابق له وعلى أمة العرب أن تقتنع أنها إن لم تبادر على كسر هذا الحصار بقواها الذاتية ومن منطلق قومي فلن ينوب عنها أحد للقيام بذلك وهذا بالطبع أمر يقاس على جميع ما يحيط بأمة العرب من أخطار وتحديات آن الأوان لمواجهتها بالشجاعة المطلوبة في ظل وقفة عربية شجاعة تقدمها المسؤولية الجماعية بشرف وأمانة لقادة هذه الأمة لحماية الزمن القومي العربي وليس لحماية الأمن القطري العربي الذي عندما تقدم هذا الأخير على سابقه أصبح العرب على حالهم اليوم وهاهم يدفعون الضريبة تلو الضريبة نتيجة لمواقفهم تلك التي جعلتهم غثاء في نظر الأعداء لا يملكون حرية الحركة ولا القدرة على التحدي لأعدائهم . |
|