تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الذاكرة الجولانية ..!!...عسلية ومجامع

الجولان في القلب
الأحد 7/9/2008
اسماعيل جرادات

في متابعة للذاكرة الجولانية , التي نتجول معها في كل قرية من قرى جولاننا الحبيب, هذه القرى الصامدة, صمود السنديان الذي كان ولا يزال يغمر الكثير من الاماكن القريبة من الوديان المنتشرة في الجولان..

وعندما نقول وديان, انما نعني ان كل قرية من القرى الجولانية, كانت تغمرها الينابيع التي تسير باتجاه الوديان العديدة, والتي ذكرنا احدها, وهو وادي حوا الذي قلنا عنه اننا لا نعرف لماذا سمي بذلك الاسم..‏‏

اليوم سنتوقف عند قريتين يتربعان على مقربة من هذا الوادي, يتربعان على تلة عالية, وبالقرب منهما غابة كبيرة من اشجار السنديان والبلوط .. القريتان هما(عسلية ومجامع) هاتين القريتين على الرغم من عدد سكانهما المحدود من ابناء عشيرة الويسيه,(البشاوات) وقد توقفنا عندما اشرنا الى عشيرة الويسية عندما تحدثنا عن قرية (علمين)..‏‏

والباشاوات الذين يقطنون هاتين القريتين لهما علاقة وثيقة بالقرى القريبة الاخرى والتي يفصل بينهما وبين تلك القرى وادي (حوا) الغزير بالمياه شتاء وصيفا.. بالمناسبة في هذا الوادي شلالات تصب في غدير عميق, ذهب فيه شقيق لي غريقا.. لسنا هنا بصدد ذكر تلك الحادثة التي ما زالت تعيش في ذاكرتي رغم صغر سني..‏‏

سكان القريتين يعتاشون من زراعة القمح حيث الارض الخصبة, اضافة لما يجنونه من الاشجار التي كانت الهبة الالهية قد اوجدتها بفعل الطبيعة التي خصها الله للجولان من خصب ومياه, ومحبة الناس لبعضهم..‏‏

ابناء (الباشاوات) من سكان القريتين ينتمون كما قلنا لعشيرة (الويسية) المتوضعة في قرى كناقد اشرنا اليها هي (السنابر) و(علمين) و(ابوفوله) وغيرها من القرى التي سنقف عندها لاحقا.. هذا بالاضافة لوجود سكان آخرين من غير ابناء الويسية..‏‏

طلاب القريتين كانوا يعانون الكثير عند ذهابهم الى المدرسة في قرية السنابر خاصة في فصل الشتاء, حيث لا يستطيعون اجتياز وادي حوا الذي تغمره المياه.. ونذكر ان العديد من الفتية الصغار كانوا ينجون باعجوبة اثناء اجتيازهم لهذا الوادي.. انها قساوة الحياة, لكن هذه القساوة كانت جميلة عندما كنا نلتقي في باحة المدرسة, ونتحاور على الرغم من صغر سننا لكننا كنا نلتقي جميعا ونعني هنا ب (جميعا) ابناء القرى التي لا توجد فيها مدارس وكان اولادها يأتون لتلك المدرسة التي كانت لا تستوعب طلابها الا للصف السادس, وبعدها يتم الانتقال الى مدارس القنيطرة..‏‏

نعود لنقول اننا كنا نلتقي جميعا مع ابناء القريتين على حب الوطن, والتغني بجمال طبيعته, وما تقدمه لنا الارض من خير وعطاء..‏‏

ابناء القريتين عسلية ومجامع ابناء يشهد لهم بحب الوطن, والتضحية من اجله.. عدد سكان القريتين لا يتجاوز ال خمسمئة نسمة غالبيتهم كما قلنا من (الباشاوات).. الحياة الاجتماعية بين ابناء القريتين المتلاصقتين, حياة قل نظيرها في القرى الاخرى, الجميع يفرح لفرح اي فرد من افراد القريتين, كما يشاركهم في هذا الفرح ابناء القرى الاخرى, لأن عملية التزاوج في الجولان تعتمد فيما تعتمد على البساطة والالفة بين الناس, ومشاركة الجميع في انجاح اي فرح يقام, وهم بذلك يحققون مالم تستطع تحقيقه اي محافظة اخرى انذاك, اي قبل اثنين واربعين عاما اي قبل العام 1967, وقبل احتلال الجولان من قبل العدو الصهيوني الغادر.‏‏

اهالي القريتين ما زالوا يلتفون حتى اليوم حول كبيرهم من ابناء (الباشاوات) كما كانوا تماما قبل النزوح عام 1967..‏‏

وإذا ما حاولنا الانتقال للحديث عما قدمه سكان القريتين (عسلية ومجامع) اثناء العدوان الغادر على جولاننا الحبيب عام 1967, فقد قاوموا مقاومة الابطال ضد الغزاة الصهاينة, لا سيما إذا ما علمنا ان وعورة الارض في تلك القريتين قد اعاقت دخول المحتلين الغاصبين الامر الذي دفعهم لتدمير مباني القريتين واجبار سكانها على النزوح... ان ابناء القريتين ينتظرون اليوم الذي يعودون فيه الى ارضهم التي شربوا من مائها, واكلوا مما تنتجه ارضها, انهم يتوقون الى اليوم الذي يعود الجولان الحبيب الى الوطن الام, وان هذا اليوم ليس ببعيد طالما ان الارادة موجودة لدى القيادة السياسية التي لم ولن تفرط بذرة تراب من تراب جولاننا الحبيب...‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية