تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تحت الراية السورية

الافتتاحية
الأحد 7/9/2008
بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

أنا المواطن العربي السوري الموقع أدناه, عرفت الحيرة والهموم الكبيرة منذ كنت في الثامنة, يوم دخل إلى بيتنا المتواضع في قريتنا الفقيرة موظف الريجي بهندامه وحديثه المختلفين, وطلب إلينا أن نخفض ضوء مصباح بيتنا الذي يعمل بالكاز ولايكاد يُرى ضوؤه كإجراء احترازي عسكري...

وكنت في تلك الأيام أرقب حركة أخي الذي يكبرني بست سنوات وهو يتحدث عن شيء اسمه (الساموبال)عرفت أنه سلاح وعن شيء آخر اسمه المقاومة الشعبية.. وتسجل ذاكرتي السمعية خطابات مجلجلة لمتحدث مفوه حفظت اسمه من يومها ولم أعرف من هو.. ولا لماذا صوته على الراديو دائماً.. وكان اسمه جمال عبد الناصر.‏

ثم زفّ بلدنا إلى العروبة وأصبح جمال عبد الناصر رئيس جمهوريتنا. ومن يومها أصبح لكل من في البيت العربي حق الكلام عن سورية, عدا سورية نفسها.‏

وقبلنا بحمل الصليب العربي على أكتافنا, وما توانى أشقاء عرب عن صلبنا مرات ومرات... ولكل منهم حق التدخل حتى في طعامنا وشرابنا (ويا ويلنا) إن تدخلنا لأي سبب كان بأي منهم..‏

زرت ذات يوم بلداً عربياً شقيقاً... وتطلب الأمر مني أن أحصل على (الفيزا) وأن يخبر باسمي ببرقية خاصة كي أتمكن من الدخول.. وقلت في خاطري لماذا يدخل كل العرب إلى بلدي دون (فيزا) ولماذا كل هذه الإجراءات كي أدخل بلداً عربياً?! لكن المفاجأة لم تكن هنا.. بل كانت في مطار العاصمة الشقيقة, فقد خرج كل ركاب الطائرة وعددهم كبير جداً ومعظمهم أجانب.. من المطار وبقيت وحيداً انتظر الموافقة على دخولي.. هذا جواز سفري وهذه (فيزا) وكل أجنبي قد دخل وربما على السحنة فقط.. فما بالي أنا..ألأنني سوري?!‏

أبوابنا مفتوحة.. وكذلك قلوبنا.. ولا نتدخل بشؤون بلد شقيق واحد.. وأبوابهم مغلقة.. وأوامرهم كثيرة.. ويتدخلون بشؤوننا بكل خطوة وبكل حركة.. ونصمت حفاظاً على الصليب العربي الذي نحمله على ظهورنا.‏

مرة واحدة تدخلت سورية لإيقاف الذبح اليومي في لبنان..وبناء على طلب لبنان.. وقاتلت كل من استمر في الذبح إلى أن حققت الهدوء.. وتعرفون الهدية والمكافأة..‏

عشرات القيادات في لبنان تتدخل يومياً بالشأن السوري من أصغر الأمور كإجراءات لمنع التهريب أو تنظيم المعابر على الحدود.. إلى أضخمها وأعقدها وأكثرها استراتيجية.. مثل قضية الحرب والسلم..‏

ببساطة يطلب زعيم ينطق بالحقد والكراهية ولا يخفيهما, بفتح جبهة الجولان (وهو سيساعدنا?!) وببساطة أخرى تتجرأ الأقلام لتصف حركتنا باتجاه السلام.. تجاه العلاقات مع دول أخرى.. تجاه العالم.. وكما تريد..‏

اعذرونا قليلاً وما زالت صلبان العروبة على أكتافنا وسنحملها طويلاً..‏

لكن.. اعذرونا قليلاً.. في أن نسعى لطريق يوصلنا إلى حقنا وتحرير أرضنا.. لا سيما بعد أن أخرجت ألسنة عربية طويلاً لنا, ولم ينكر الشامتون شماتتهم إذ هم ربحوا بالنكوص بالعهد.‏

ألم نحمل سلاحاً واحداً بهدف واحد مع مصر.. فكان غدر كامب ديفيد?! ألم نتجه إلى مدريد معاً.. وأبرد الخطا كانت خطانا.. اتفقنا نحن والأشقاء على لقاء يسبق الجلسات للتداول واتخاذ الموقف المشترك.. فكان أوسلو.. وكان وادي عربة.. وكان يا ما كان..‏

ألم ندفع دماً لحماية لبنان وتحرير جنوبه.. فكان سعير العداء الذي لا يتوقف, والذي يقرأ كما يشاء ويحلل كما يشاء ويرانا أصل البلاء, إلا المقاومة, لأنها الوعد الصادق..‏

ما الجديد الذي تفعله سورية على صعيد عملية السلام? كأننا اتجهنا للمباحثات مباشرة أو غير مباشرة لأول مرة.. ألم نتباحث ونصل فيها إلى 80 -90% من الحل..?! ما الجديد اليوم?!‏

في قمة دمشق كما في قمة باريس كما في كل قمة بما فيها القمة العربية, كانت سورية الواضحة.. تسعى لاتفاقية سلام, تنهي الاحتلال وتعيد الأرض كخطوة في طريق السلام العادل الشامل.‏

هذا قرار سوري له طبيعته التي لا تقبل مشاورة وكالات الأنباء وأبطال الشاشات الفضائية..‏

نحن ننتمي للعروبة, وقبلنا بصليبنا العربي على ظهورنا.. لكن يجب أن نحمي هذه الظهور.. لم نعد للساحة الدولية, لأننا لم نغب عنها.. إنما كنا وسنبقى نعمل تحت الراية السورية.. فليبق في هذا الوطن العربي الكبير بلد يحمل رايته بنفسه ويقول رأيه بلسانه.‏

وبلساننا قلنا.. تصريحاً لا تلميحاً :نريد السلام العادل الشامل كخيار استراتيجي, ولا يستثنى من هذا الخيار أي بلد عربي.. فكيف إذا كان لبنان أو فلسطين.‏

a-abboud@scs-net.org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية