تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التغيير.. لأجل الحياة

رؤية
الاثنين 19-8-2019
سعاد زاهر

«عندما يصل النسر إلى سن الأربعين، يشيخ جسده, يفقد منقاره قوته، وتفقد أظافره قدرتها فيصبح من الصعب الإمساك بالفريسة، تصبح أجنحته ثقيلة بسبب ازدياد وزن ريشها،

وتلتصق بصدره، ولا يتمكن من الطيران، الا بصعوبة..‏

هنا يكون أمام النسر خياران الاستسلام للموت، او اختيار اجراء عملية تغيير مؤلمة جداً, تستمر لمدة مئة وخمسين يوماً, يقوم النسر بالتحليق الى قمة جبل عال ويمعن بضرب منقاره بشدة على الصخر حتى ينكسر، عندما يبدأ منقاره الجديد بالنمو يقوم بكسر مخالبه حتى تنمو من جديد، بعدها يقوم بنتف ريشه كله.‏

وفي ختام هذه المعاناة بخمسة اشهر، يقوم النسر بالتحليق في السماء وكأنه ولد من جديد وتكون مكافأته العيش لمدة ثلاثين سنة أخرى...»‏

الحكم والعبر التي نأخذها من حكاية تجديد النسر لشبابه، لاتبدأ من اتخاذ قرار الابتعاد عن كل ماحوله والصعود الى قمة الجبل، والبدء بالتخلي عن كل شيء، يرافق عملية التخلي ألم رهيب، ومع ذلك فإنه يحتمل اوجاعه بصبر..و يأخذ وقته الكامل بالتجدد..!‏

بمجرد تخلي النسر عن كل ماله علاقة بكيانه القديم بإمكانه، الاستمرار في حياته كأنه ولد من جديد، كيف يمكن لنا نحن البشر أن نتمثل الحالة، البعض في مرحلة ما.. قد يشعرون بالعجز، وهو شعور مضن، يشل صاحبه فكرا وجسدأً.. ويعجزون عن الاستمرار في حياتهم كالسابق، ويدخلون في حالة من التراخي الجسدي غالبا يتبعها أبعاد نفسية تظهر في أعراض مختلفة، قد تقود الى الاستسلام واللاجدوى..‏

حكاية النسر تجعلنا نطبق على معاناتنا كلقية ثمينة ان كانت ستقودنا الى تغيير كامل.. وإلى تجديد كلي للذات، بحيث تمكننا في أي وقت من عمرنا من البدء مجدداً.. والانطلاق نحو معابر حياة تمتلئ ببهجة تجددنا الروحي وتتعتق باختمار عميق للحظة بجوهرها الحقيقي، ولمعانها الإنساني..!‏

soadzz@yahoo.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية