تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الهواء الطلق

الجولان في القلب
الاثنين 3/3/2008
سوزان ابراهيم

تبتسم شمس اليوم الأول من آذار بوداعة.. عبر الأشجار التي ما زالت أغصانها عارية ثمة لوحة حيّة.. أرض واسعة رحبة الاخضرار وجبل ما زال ملتحفاً بياض ثلج شباطي نقي.. كأنهن رفّ من حمائم حط على بعض ماء أو بعض حبٍّ..

صبايا ونساء مازلن يحتفظن بإرادة خوض غمار الحياة والالتصاق بتراب الأرض.. هن عشرة أو أكثر افترشن تراباً بنياً يوحي بالخصوبة والقدرة على النماء.‏

للتو أنهين تناول إفطارهن (جبنة-لبنة-زيتون أخضر وأسود) وبيد إحداهن كيس نايلون أسود صغير وضعت فيه بضع شتلات من الثوم الأخضر.. خشيت أن نعكر صفاء استراحتهن لكنهن وكما رأيت كنّ بحاجة للتواصل مع آخرين يعتبرهن غرباء عن مجتمعهن الصغير هذا.. رددن تحية الصباح بابتسامات متألقة وتعالت أصواتهن كجوقة عصافير.. بتلك اللهجة الجولانية المحببة قالت أكبرهن: لتتكلم واحدة منكن فقط!‏

بدأت أم أحمد -رئيسة الورشة- بالحديث لتخبرنا أنها تقوم بالاتفاق مع صاحب العمل على ساعات العمل والأجر.هؤلاء النساء -من أعمار مختلفة- يعملن منذ السابعة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر وعند الساعة الحادية عشرة صباحاً ينلن فترة استراحة لتناول الطعام. يعملن في قلع الجزر الآن أما بقية أيام السنة فيتنقلن بين حقول البطاطا والثوم والبازلاء والفول وغيرها من الخضراوت يعملن إما في (نكش) الأرض أو في قطاف خيرات تلك المواسم. معظمهن يقطن في سعسع وتقول أم عبد الله البالغة من العمر 65 عاماً: نحن من (قرية الواوي) في الجولان وتتبع لمسعدة.. نزحنا بعد حرب 1967 عن أرضنا وبيوتنا ومنذ ذلك الحين ونحن نعمل (شغيلة) في أرض الآخرين..‏

سألت: منذ متى وأنتن تعملن? قالت إحدى كبيراتهن سناً: (من سنة الجدي) وقالت أخرى: منذ 15 عاماً‏

معظم الفتيات الشابات عازبات قلت: لماذا! أجبن دون تردد: (ومن سيأخذنا?!)‏

ألا تغنين خلال العمل? تصايحن بفرح طفولي: هذه تغني.. بل تلك من تغني!.‏

في لوحة خارجة عن الوقت كانت أولئك النسوة يرشفن شاياً ذهّبته أشعة الشمس الدافئة يثرثرن بحكايات حياتهن اليومية كنا بسيطات, نشيطات ومتألقات -وربما حزينات- مثل أرض الجولان يؤكدن انتماءهن للأرض ولمبادىء العمل الدؤوب الذي لا يعرف عمراً.. وكم كانت شهية وساخنة كأس الشاي Suzani@aloola.sy‏

">تلك!!‏

Suzani@aloola.sy‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية