|
شؤون سياسية فتوقيع اتفاقات السلام مهدت طريق الانفتاح مرة أخرى لتقارب الجانبين الإفريقي والصهيوني وتحسين إلى حد كبير العلاقات الإفريقية- الصهيونية. وجاء تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية واسرائيل وحرب الاجتياح الصهيونية للبنان وخروج المقاومة الفلسطينية من بيروت وتوقيع اتفاق أوسلو, وعدم احترام الدول العربية لالتزاماتها حيال تقديم المساعدات المالية للبلدان الأفريقية, قد أنهى نظريا وعمليا بصورة متدرجة مسوغات مقاطعة دول إفريقيا لدولة الكيان الصهيوني فاتجهت معظم الدول الإفريقية لاعادة العلاقات الدبلوماسية رسميا مع الكيان الصهيوني وللصهاينة مصالح استرا تيجية يعملون على تحقيقها في إفريقيا ومنها: المصالح الأمنية : إذ يشكل تهديد الأمن القومي العربي عامة والأمن المصري خاصة محورا استراتيجيا في السياسة الخارجية الصهيونية لذا دأب الكيان الصهيوني على تعزيز علاقاته الثنائية والأمنية مع دول شرق إفريقيا من أجل تحقيق هذا الهدف وكان الكيان الصهيوني يستهدف من خلال هذا التحرك ولايزال تحقيق السيطرة الاستراتيجية على مضيق باب المندب الذي يعتبره منفذا حيويا لتحركاته الملاحية من و إلى آسيا وإفريقيا حتى يضمن مصالحه الاقتصادية والتجارية. إضافة إلى ذلك, تستهدف الاستراتيجية الأمنية الصهيونية تهديد أمن الدول العربية المعتمدة على مياه نهر النيل وهما مصر والسودان بالدرجة الأولى والحال هذه تمثل دول حوض النيل إحدى المصالح الأمنية الكبرى للكيان الصهيوني فاستراتيجية الكيان الصهيوني تتمحور بالالتفاف حول هذه الدول. المصالح الاقتصادية: يتزايد دور التغلغل الاقتصادي الصهيوني في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة لإفريقيا في مجال التغذية حيث تبدو فيها البلدان الإفريقية بحاجة إلى التكنولوجيا والخبرات الصهيونية, من أجل تطوير الزراعة واستغلال ثروتها الخشبية واستصلاح الري. ومن الطبيعي أن ينجم عن هذا الوضع تطوير في التبادل التجاري بين إفريقيا والكيان الصهيوني. وقد تغلغلت الشركات الصهيونية في طول القارة وعرضها وعلاوة على ذلك فإن هذه الشركات المندمجة في شركة مساهمة عملاقة يقع مقرها الرئيسي في امستردام بهولندا يشرف على إدارة أعمالها موظفون كبار تربطهم علاقات وطيدة مع كبار رجال السياسة في الكيان الصهيوني ولات تقتصر مهمتهم على الأعمال الاقتصادية فحسب, وإنما يقومون كذلك بترتيب اللقاءات السرية بين بعض الأفارقة والساسة الصهاينة. وقد ترافق مع أساليب التغلغل الاقتصادية, تلك الأشكال من الاختراق لبعض الدول الإفريقية.. وهنا يكمن الهدف الاستراتيجي للكيان الصهيوني في ابقاء البلدان الافريقية ضمن دائرة النفوذ والسيطرة الامبريالية الفرنسية والأميركية, والوقوف أمام تحرر شعوب إفريقيا كما يتجلى ذلك في المساعدات العسكرية التي يقدمها العدو الصهيوني إلى بعض الدول, وبالاضافة إلى ذلك يقوم الخبراء العسكريون الصهاينة الموجودون في هذه البلدان بتدريب القوات الخاصة لقمع المظاهرات وإنهاء التمردات العسكرية والشعبية المناهضة لأنظمة الحكم. وفضلا عن ذلك أصبحت الموساد تشرف على الحماية الأمنية الخاصة للعديد من الرؤساء الأفارقة. وهكذا يحقق المخطط الصهيوني بنفاذه إلى الحياة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية لهذه البلدان الإفريقية انتصارا كبيرا في خدمة استراتيجية الامبريالية الأميركية عامة, والاستراتيجية المشتركة الصهيونية- الأميركية الهادفة دائما إلى التدخل العسكري الصريح للحيلولة دون حدوث تغيير تقدمي جذري لمصلحة تحرر إفريقيا. ولو كان الاهتمام الرئيسي للدول العربية موجها نحو المجابهة السياسية والعسكرية مع العدو الصهيوني والامبريالية الأميركية, لما كان في وسع بعض الدول الإفريقية أن تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني , ولما حدث ما يحدث الآن, من تراجع في التأييد الدولي الذي حققته القضية الفلسطينية لأن كسب المواقف الدولية وضمان استمرار التأييد العالمي, لقضايا العرب العادلة, مرهون بانتهاج العرب أنفسهم خط التحرير والتوحيد القومي وانتزاع الحقوق السياسية للأمة العربية فهل نضيف شيئا جديدا? ربما في الإعادة إفادة. كاتب تونسي |
|