تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحرية: مدياتها ومكبّلاتها!

آراء
الاثنين 3/3/2008
نواف أبو الهيجاء

الحرية, ما هي? أهي مطلقة?أهي إحساس, أم فعل? أهي صفة, أم هي اسم? ممارسة هي أم هي حلم جميل يداعب الإنسان? ألها محددات أم ليس لها أي سقف? أليس لها أي صلة بالمسؤولية أم إن المسؤولية هي بالذات (حرية التصرف من الموقع الفعلي لممارسة الحرية)?

أهي حرية-الفرد-الشخصية في التفكير والتصرف وفي الحصول على حق العيش وممارسة طقوسه الدينية دون أي قيد أو شرط? وماذا إن كانت حريتك الشخصية تثلم حرية (الآخر)?‏‏

هل أنت حر إن كان الظلم يحيط ويكبل إنساناً آخر في المعمورة?‏‏

أليست حريتك منقوصة مادام ثمة من حرم نعمة التمتع بالعيش في أمن في وطن آمن ومتحرر من قيود الغاصب أو المحتل أو ناهب ثروة الوطن?‏‏

لسنا بصدد التحري عن مجهول ضمن مواصفات طوباوية ولا حتى مثالية أنت حر ما دمت تأكل وتشرب وتفكر وتعمل وتسعى وتحلم بالأفضل-دون أن يعكر مزاجك قلق على صحتك غداً ومن غير الغرق في هموم طعام الغد ولباس الغد ومتطلبات سقف البيت أو الدار أو العش الذي حلمت به وبها ضمن أسرة من زوج وأطفال تحت جناحي الأم والأب? قد يقال هذه أيضاً صورة (حالمة ومثالية) مع أنها بسيطة وممكنة وضرورة وحق من حقوق الإنسان على وجه البسيطة.‏‏

إذا كان من حقنا التصرف وضمن قاعدة لا ضرر ولا ضرار فمعنى ذلك أن للحرية الفردية أو الشخصية سقفها المحدد وأن لها مكبلات ومقيدات أنها ألا تتعدى أنت على حريات وحقوق الآخرين, مديات الحرية واسعة جداً ولكنها ليست من غير سماء أو سقف بل إن أهم شرط للحرية أن تكون مسؤولة وأن تتسع مسؤوليتها لتضم في الجوانح كل إخوتك في الوطن أو في الدين أو في الإنسانية من هنا كانت الحرية: ممارسة, وحلماً, وقضية, وعاملاً من أخطر العوامل المؤدية إلى احتدام الصراعات ووصولها إلى مراحل سفك الدم ومن هنا يمكن أن نفهم معاني ودلالات (والحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق) الشاعر لم ينطلق من دعوة لسفك الدم بل من حق الإنسان في انتزاع حريته-عبر انتزاع حرية الوطن- وذلك قد لا يتم إلا باليد المضمخة بدم الشهادة وهي تطرق أبواب القدر, فحرية الإنسان منقوصة إن كان وطنه محتلاً وحريته مثلومة إن كانت ثروة وطنه عرضة للنهب والسرقة وحريته منقوصة ومشكوك بها إن كان لا يمتلك حق اتخاذ القرار أو إن كان لا يشارك في صناعة القرار.‏‏

الحرية مغيبة أو مغتالة في أي بلد يجري احتلاله والديمقراطية بالتالي تفقد عمودها الفقري في ظل الاحتلال وإذا كانت محاولة تصغير الحرية والديمقراطية وحصرهما في (الانتخابات) -تحت سلطة وسطوة الاحتلال-كما يحدث اليوم في العراق وفي فلسطين- فإن التصادم حتمي بين الزيف والأصالة وبين التلفيق والإيمان وبين الحقيقة والسراب.‏‏

أغلال الحرية هي النابعة من إحساس الإنسان أنه لكي يمارس حقوقه فعليه ألا يحرم الآخرين ممارسة حقوقهم. أي تجاوز على حقوق وحريات الآخرين انتقاص لإيمان الآخر بالحرية وتشويه لها-صورة ومعنى ومحتوى ومضموناً أيضاً?‏‏

الديمقراطية-وعاء للحرية-أو الحرية وعاء الديمقراطية- في هذا العصر الأميركي المضلل يحصرها ذوو القوة الغاشمة بممارسة وحيدة أو يتيمة هي (صندوق الاقتراع) وهم مستعدون لتقديم الدليل على شفافية ونزاهة ما جرى-حتى تحت حراب المحتل وفي ضوء إملاءاته على من ينصبهم (ولاة أمر).‏‏

الولايات المتحدة الأميركية ليست حرة بشعبها ومجموع مواطنيها ما دامت تعتدي على حريات وخيارات الشعوب وتحتل أراضي الشعوب وتنهب ثرواتها وتصادر إرادتها وكذا هو أمر أي (دولة امبراطورية) على وجه البسيطة..إنها تفقد مواطنها حريته حين تصادر حريات الأمم والشعوب وهذا ما يجعلنا على صواب حين نقول إن تشريع الدنيا حق (الشعوب) في مقاومة الاحتلال بكل السبل والوسائل هو أيضاً إسهام أكيد في تحرير مواطني الدولة التي تقوم باحتلال أراضي دولة أخرى, الحرية لا تتجزأ, ولا تقبل أكثر من تعريف أو تفسير وهي ضد ازدواجية المعايير وضد مقولة (احتل البلد كذا من أجل أن أحرر شعبه) ,كيف يكون استعباد الوطن ومصادرة استقلاله وحريته وسيادته وثروته وكرامة إنسانه تحريراً له ولإنسانه? مقاومة شعبنا في فلسطين وشعبنا في العراق للاحتلال إسهام في تحرر المواطنين الأميركيين وإسهام في تحرير الصهاينة من قيود القتل والاغتصاب والنهب والتعدي على حقوق الآخرين وهي ذات محددات الحرية وأفقها ومدلولاتها الإنسانية, ليست فوضى, وليست استكباراً, وليست تعالياً على الآخرين, وهي بالتأكيد ليست (حرية) انتهاك الشعوب والدول وحقوقها لا بل إنها ليست بتدمير البيئة الإنسانية وتهديد الحياة البشرية على nawafabulhaija@yahoo.com ">الكرة‏

nawafabulhaija@yahoo.com

nawafabulhaija@yahoo.com ">"الأرضية.‏‏

nawafabulhaija@yahoo.com ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية