تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الدهاليز المُفرغة

على الملأ
الأثنين 12-10-2015
علي محمود جديد

بعض المصارف تتوجّسُ خيفةً من مطالبة بعض المقترضين الذين أقدموا في بداية الأزمة - وربما قبلها - على الاقتراضِ لأسبابٍ استثمارية على ما يبدو .. بعضهم التزم بتسديد الأقساط على أفضل ما يُرام منذ أن استحصلوا على القرض،

حفاظاً على ضماناتٍ حقيقية لبعضهم، وتستراً على ضماناتٍ وهمية لبعضهم الآخر، وربما كانوا في بعض الأحيان يخشون أن ينال أي أحدٍ من سمعتهم من حيث الملاءة المالية بأنهم لم يعودوا قادرين على الحصاد الوفير من الدّخل بما يُمكّنهم من السداد المنتظم، سواء كان هذا الدّخل عن طريق العمل والاستثمار الحقيقي، إنتاجاً واستيراداً وتصديراً حقيقياً أم وهمياً، وحتى عن طريق ما يُسمى بالاستيراد تهريباً، وهذا النمط من الاستيراد هو التهريب بحدِّ ذاته طبعاً، وأغلبهم كانوا يستعينون بالقروض تبعاً ( لشطارتهم ) .. !‏

فبعضُ أولئك المقترضين من هؤلاء توصّلوا - نتيجة الخطأ في توجّهاتهم وفلسفة حياتهم - إلى نتائج خاطئة عديدة، من ضمنها ومع الأسف ( وجوب استعصائهم بالقروض ) والامتناع عن ردّ الخدمة، والوفاء بالالتزامات، فامتنعوا عن التسديد، واعتبروا - لسوء التقدير - أن القرض لم يعد قابلاً للرد بحجة الأحداث، وحاولت بعض البنوك جسّ نبضهم وحثهم على التسديد، فلم تتلقَّ سوى الرفض القاطع، والأخطر من ذلك أنَّ بعضهم تمادى وفي حالات مختلفة، وبعضهم الآخر بالغ بالتمادي إلى أن وصلت بهم الأمور إلى رفض مطالبة من يطالبهم بالتسديد..!‏

البنوك توقفت عند هذا الحد، فلغتها حضارية وراقية، وتركت بعض القروض الكبيرة حالياً دون مطالبة، ولا إجراءات، خشية نتائج غير محسوبة ولا تُحمد عقباها ..!‏

أمام هذا المشهد الحاصل حالياً بكل أسف نُشيرُ ( وعلى الملأ ) إلى ضرورة حصر مثل هذه القروض بمختلف أشكالها ومن مختلف المصارف، ومعرفة حجمها في مختلف المحافظات، ومن ثم بدء البحث عن حلول مُجدية، وربما يكون لكل قرض حل مختلف، وقد نجد حلولاً متقاطعة، إن كان البحث دقيقاً والوقوف على سبب الامتناع عن التسديد.‏

وبالعموم قد لا يحتاج الأمر إلى أكثر من العثور على أبوابٍ سالكة تُفضي إلى حصول لقاءاتٍ شخصية مع المقترضين الممتنعين عن التسديد، من قبل أطراف أخرى تُقيمُ حواراً أو تفاوضاً ( باللغة الأنسب ) معهم يتمحور حول العودة عن أوهامهم واستئناف التسديد، ويجب أن يكونوا على علمٍ ويقين أنَّ الدولة لن تتخلّى عن حقها باستعادة القرض إن عاجلاً أو آجلاً، ولا داعي للدوران في هذه الدهاليز المُفرغة، التي لن تُجدي بالنهاية شيئاً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية