|
قاعدة الحدث في محاولة لتفريق الشعب العراقي، وإضعاف مقاومته الرافضة للاحتلال، وقد تتحول هذه الكانتونات المفصولة عن بعضها إلى قواعد عسكرية أميركية بعد تهجير من فيها. إن خلق عدو وهمي «في ما وراء السور» استراتيجية أميركية كبرى ليس العراق فيها سوى جزء صغير وحسب. ستجري فوق أرضه، عملية اختبار ميدانية واسعة النطاق لقياس رد الفعل لا عند السكان في هذا البلد المحتل فقط، وإنما في بلدان أخرى مجاورة عربية وغير عربية. لقد أثارت المباشرة في إنشاء جدران اسمنتية، حول بعض الأحياء البغدادية، جدلاً كونها ستحول العاصمة العراقية إلى مناطق معزولة، وكانتونات مغلقة. إن بناء الجدار العازل، يندرج في إطار خطة استراتيجية كبرى بعيدة المدى، قد تستغرق سنوات عدة وتعتمد على تكتيك المراوغة والمماطلة والشد والجذب إلى أبعد حد ممكن. فالأحياء المشمولة في العزل هي الأعظمية التي بوشر العمل في بناء جدار حولها والصدر والدورة والعامرية والعامل والعدل. وليس الجدار العازل في بغداد هو أول جدار عازل في العراق، فالفلوجة مثلاً مسورة بجدار عازل وعلى كل سكانها أن يمروا باختبار قرنية ومسح الكتروني شامل دخولاً وخروجاً منها. ولأن الأميركيين يهوون تقليد الإسرائيليين في الأمن والمخابرات عمدت قوات الاحتلال إلى إنشاء جدران عازلة تفصل المناطق البغدادية بعضها عن البعض الآخر بزعم الحفاظ على هذه المناطق مما يسمى (الإرهابيين) وتأمين الأمن والأمان في هذه المناطق على حد زعمهم وكان أحد أهداف الاحتلال الأميركي تقسيم العراق حيث عمل على تهيئة تفتيت كل بناه التحتية بدءاً بتدمير كل مؤسسات الدولة ونهبها ونشر العنف وخطف المدنيين وتفجير دور العبادة والأسواق الشعبية المكتظة وتدمير المدن والقرى وإحاطتها بالأسوار لعزلها عن بعضها وبناء الجدران العازلة بين الأحياء وتهجير العراقيين بهدف تغيير ديمغرافية العراق المتجانسة منذ آلاف السنين ويرغم الازدحام والجدران العازلة السكان على المسير لمسافات بسبب صعوبة التنقل بواسطة السيارات الأمر الذي يزيد معاناتهم. وكانت القوات الأميركية قد بدأت في نيسان عام 2007 أولى خطوات بناء الجدران حول الأحياء وكانت مدينة الأعظمية في العاصمة العراقية بغداد أولى المناطق التي طوقها الجدار الذي يمتد مسافة خمسة كيلومترات وارتفاع خمسة أمتار، لكن هذه الخطوة وما حققته في زعم القادة العسكريين الأميركيين من تعزيز للوضع الأمني في بغداد شجعت على المضي بإقامة العديد من الجدران حول العديد من الأحياء في بغداد وأغلب الأسواق فيها. يبدأ الجدار من (جامع النداء) وهو تقاطع الطرق التي تربط الأعظمية بمناطق الصليخ والقاهرة والوزيرية وحي الضباط مروراً بمنطقة الكسرة عند ملعب الكشافة وحتى الضفة الشرقية لنهر دجلة ثم ساحة عنتر إلى ساحة عماش وهي تقاطع الطرق التي ترتبط به منطقة سبع بكار والكريعات وحتى الفحامة والراشدية. يتكون الجدار العازل من قطع كونكريتية سميكة متراصة بعضها مع البعض الآخر يصعب على الأسلحة الخفيفة اختراقها فضلاً عن تسويرها بالأسلاك الشائكة المنفاخية والقنفذية لمنع التسلل منها وإليها. ولم يكتف الاحتلال بذلك بل جعل الجدار العازل يحتوي على نقاط مراقبة ورمي بمعدل نقطة واحدة لكل كيلو متر واحد، ترتفع فوق الجدار لتؤمن مدى رؤية وساحة رمي جيدة. وهي شبيهة بنقاط مراقبة السجون العامة. كما لا توجد منافذ في الجدار لدخول وخروج المواطنين عدا منفذ واحد أو اثنين يحدد مكانهما من قبل قوات الاحتلال الأميركي يفتح ويغلق ببوابة رئيسية ذات حماية قوية حيث يمنح أهالي المنطقة بطاقات خاصة يتم إبرازها عند الخروج والدخول ولا يسمح لغيرهم بالتواجد إلا بتصريح خاص عداك عن تواجد قوة عسكرية قريبة للتدخل السريع في حال حدوث طارئ، كما يتوجب أن نذكر أن جسر الأئمة الذي يربط الكرخ بالرصافة من جهة الأعظمية والكاظمية مقطوع بالدعامات الكونكريتية والأسلاك الشائكة، أما طريق الأعظمية الكريعات فهو مغلق بينما تم تدمير جسر الصرافية الذي يربط المنطقة بجانب الكرخ ويعني ذلك محاولة الاحتلال القضاء على المقاومة الوطنية المشروعة والقضاء على دعم المقاومة التي كبدت الاحتلال خسائر مادية وبشرية كبيرة ويعني ذلك أيضاً - وقد أدى عزل المنطقة لتسهيل المداهمة والاعتقالات - إبقاء المنطقة تحت الرصد والرمي ونشر الرعب بين المواطنين. |
|