|
قاعدة الحدث جدار الفولاذ بين رفح وغزة وليد اللحظة والأيام الأخيرة لكنه مخطط طرح قبل أكثر من عام وأعدت ميزانيته وحددت فترة العمل فيه. ففي مقال نشر بتاريخ 28/4/2008 تحت عنوان «مصر تبني جداراً» لديفيد شنكر، حيث جاء فيه عزم مصر على بناء جدار فاصل بين غزة وأراضيها، رغم أن الحكومة المصرية كانت معارضة لبناء جدار الفصل في الضفة الغربية، وكانت مصر المنتقد الصاخب لذلك الجدار ففي عام 2003 صرح وزير خارجية مصر في ذلك الوقت، أحمد ماهر، أن السياج الأمني الإسرائيلي «يتحدى الشرعية الدولية والرأي العام العالمي». وقد تم حتى الآن إنجاز بناء 5.4 كليومترات من أصل جدار فولاذي طوله 10 كيلومترات على طول محور صلاح الدين بقطاع غزة المحاذي للحدود المصرية وسوف يمتد لمسافة نحو 11 كيلومتراً، وبعمق 17 متراً، في رمال الصحراء تحت سطح الأرض ويتكون الجدار من ألواح فولاذية فائقة القوة معشقة ببعضها البعض على طريقة لغز جمع مكونات الصورة، وسوف يكون الجدار محصناً ضد تأثير القنابل وغير قابل للقطع أو الانصهار، وغير قابل للاختراق أيضاً، وبحسب تقرير «بي بي سي» سيستغرق بناؤه 18 شهراً. من جهتها وصفت كارين أبو زيد المفوضة العامة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن الجدار يبنى من الفولاذ القوي وصنع بالولايات المتحدة وقد تم اختبار مقاومته للقنابل، وهو أكثر متانة من خط بارليف الذي بني على الضفة الشرقية لقناة السويس قبل حرب تشرين الأول 1973 وفق ما نقلت عنه صحيفة «المصريون» المصرية. وملامح الجدار الفولاذي تتكون من أنبوب ضخم يمتد من ساحل البحر المتوسط تجاه الشرق بمحاذاة الحدود بين مصر وغزة لمسافة 10 كم ويتفرع من هذا الأنبوب إلى باطن الأرض عدد كبير من الأنابيب بقطر 6 انش مثقوبة من كل الجهات وبعمق 30 متراً في باطن الأرض، هذه الأنابيب الفرعية مثقبة باتجاه الجانب الفلسطيني، يفصل بين الماسورة والأخرى 30 أو 40 متراً حيث تضخ المياه في الأنبوبة الرئيسية من البحر مباشرة ومن ثم إلى الأنابيب الفرعية في باطن الأرض، والهدف من ورائها جعل التربة رخوة والقضاء على إمكانية مرور الأنفاق في هذه المنطقة. وملاصقاً لهذه الأنابيب الضخمة يتم دق أسافين ضخمة من حديد الفولاذ سمكها 15 سم وعرضها نصف متر وطولها 22 متراً وهي متراصة على طول الحدود على طول 10 كم وخلف شبكة الأنابيب هذه تتمدد في باطن الأرض جدران فولاذية بعمق 30 - 35 م في باطن الأرض، كما أنه يحافظ على التربة باتجاه الجانب المصري وعلى تماسكها، في حين تكون الأضرار البيئية والانهيارات في الجانب الفلسطيني بسبب هذا الجدار الفولاذي وما يصاحبه من إنشاءات مائية تهدف إلى غمر التربة على عمق 30 متراً ما يؤدي إلى مجموعة كبيرة من الكوارث البيئية والمائية التي سيدفع ثمنها غالياً كل من قطاع غزة شمالاً والمناطق المصرية المحاذية للحدود جنوباً. فالمياه التي ستضخ في هذه الأعماق مجلوبة من مياه البحر في منطقة رفح وهذا يحمل بعدين، خطيرين، من جهة أنه سيلوث المياه الجوفية بمياه البحر المالحة التي ستندفع إلى الخزان الجوفي الأكثر عذوبة في قطاع غزة وتدمره تماماً، ومن جهة أخرى يحمل معه كميات كبيرة من المواد الملوثة التي من المتوقع أن تؤثر على نوعية المياه بعد إنشاء هذا الجدار حيث إن الخزان الجوفي الساحلي يعتبر من الخزانات الجوفية الأكثر حساسية للتلوث في العالم وذلك لقرب مستويات المياه الجوفية فيه من سطح الأرض بالإضافة إلى طبيعة ونوعية التربة الرملية غير المشبعة عالية النفاذية في كثير من الأماكن. كما أن إنشاء الجدار بالقرب من المناطق المأهولة يوفر احتمالية كبيرة لحدوث تآكل وتصدع في هيكل هذا الجدار على المدى البعيد نتيجة لوجوده في بيئة رطبة وخاصة في موسم الأمطار، كما أنه من الممكن انتقال بعض العناصر الثقيلة والنادرة المكونة لهذا الجدار ووصولها إلى هذه المياه وبالتالي تلويثها. كما سيكون لما سمي الخندق الفولاذي المائي في باطن الأرض بين مصر وقطاع غزة تأثير سلبي على حياة كل من الفلسطينيين والمصريين بيئياً واقتصادياً واجتماعياً وله أثر خطير على عناصر البيئة الطبيعية في كلا الجانبين الفلسطيني والمصري وبالخصوص أن إنشاء الجدار يتسبب في تقطيع واقتلاع عدد كبير من الأشجار التي سوف يمر إنشاء الجدار فيها وهي الأشجار المزروعة على مساحة بطول 10 كيلومترات وبعرض 40 إلى 70 متراً، حيث يقدر أن عدد هذه الأشجار المقتلعة سوف يزيد عن 20000 شجرة، أكثرها من أشجار الزيتون، وهذه الأشجار لها أهمية اقتصادية واجتماعية معروفة ومهمة للسكان، إضافة إلى أهميتها البيئية التي تتمثل في الحفاظ على التنوع الحيوي بنوعيه النباتي والحيواني، والخفض من الغازات المسببة لظاهرة تغير المناخ، وخصوصاً غاز ثاني أكسيد الكربون. أخيراً جدار الفولاذ الصلب يهدف لقطع الأنفاق الموصلة بين قطاع غزة ومصر والتي هي شريان الحياة لقطاع غزة. |
|