تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المشكلات السلوكية لأطفالنا .. بين الحيرة والعجز

مجتمع
الثلاثاء 5-1-2010م
فردوس دياب

يتشابه الأطفال بتصرفاتهم وسلوكهم ... ولكن في أحايين كثيرة تظهر على الأطفال تصرفات وسلوكيات غريبة وغير مرغوب فيها يحتار الأهل أمامها إلى درجة العجز في ظل نقص كامل في المعلومات التي تساعد الأبوين على معرفة السلوك الطبيعي ...

وبالتالي الإسراع بمعالجة هذه السلوكيات الغريبة التي قد تسبب مشكلة للطفل في المستقبل .. وللإضاءة حول هذا الموضوع قمنا بلقاء بعض الأهالي بغية تسليط الضوء على عدة سلوكيات مرضية لبعض الأطفال وكيفية معالجة هذه الحالات مستعينين بأصحاب الاختصاص في هذا الموضوع .‏

بادئ ذي بدء وللتعرف على بعض هذه المشاكلات التي يعاني منها أبناؤنا التقينا بعض الأمهات التي حدثتنا عن مشاكلات أطفالهن والتي يقفن أمامهن عاجزين .‏

العند ، العصبية ، الغضب ... أبرز مشاكلات أطفالنا‏

السيدة نوران( ربة منزل ) قالت : إن طفلها البالغ من العمر 3 سنوات يعاني من مشكلة العند والعصبية ، وقد ازدادت هذه الحالة لديه بشكل كبير وملفت بعد إنجاب أخته ، مضيفة أنها اتبعت شتى الطرق للتخفيف من هذه العصبية والعند لديه ولكنها كانت تفشل في اغلب محاولاتها .‏

أما السيدة خزامى عموري التي تعمل مدرسة في روضة أطفال فتحدثت عن عدة مشكلات سلوكية يعاني منها بعض الأطفال في الروضة كالغضب وعدم الاستجابة للأوامر ما يسبب لها الكثير من الصعوبات في التعامل مع الأطفال ، مضيفة أنها اتبعت دورات تعليمية تساعدها على التعامل مع السلوكيات الغريبة للأطفال بأسس تربوية وعلمية .‏

بدورها قالت السيدة نادين ( مهندسة معمارية ) إن طفلها لديه فرط نشاط وقلة تركيز وهو يخرب كل شيء في طريقه ما يؤدي إلى عدم جلوسه لفترة طويلة لتأدية واجباته المدرسية ، موضحة أنها تجلب له الكثير من الالعاب لتنمية عقله وزيادة تركيزه دون جدوي .‏

التغير المفاجئ لسلوك الطفل .. بداية المشكلة‏

للاطلاع على كيفية معرفة الأهل بالمشكلات السلوكية لأطفالهم في وقت مبكر لمساعدتهم على معالجتها والسيطرة عليها لحظة وقوع الطفل في مصيدتها ..؟.. التقينا الدكتورة منى كشيك الاستاذة في كلية التربية بجامعة دمشق التي قالت : إن اكتشاف وقوع طفلنا في مصيدة السلوكيات الغريبة يبدأ منذ لحظة التغير المفرط والمفاجئ لسلوكيات الطفل الذي يخرجه عن الحدود الطبيعية له مقارنة مع أقرانه ، لافتا انتباه الأشخاص المحيطين من حوله كأفراد أسرته ومعلمته وأقرانه في الروضة .‏

وعن أهم المشكلات السلوكية التي يعاني منها بعض أطفالنا وكيفية معالجتها أوضحت الدكتورة كشيك أن أهم المشكلات السلوكية التي يشكو منها الأهل بشكل دائم هي « سلوك التخريب » التي تتمثل بقيام الأطفال بتخريب وتفكيك لعبهم أو العبث بأثاث المنزل أو اللجوء إلى الكتابة على جدران المدرسة وعلى المقاعد ، مشيرة إلى أن أهم الأسباب التي تدفع الطفل إلى القيام بهذا السلوك هو اكتشافه للأشياء المحيطة به .‏

وأضافت كشيك أن هناك بعض الأطفال يكون نشاطهم الجسدي أكثر من المألوف ويقبلون على العبث بشكل حاد مشيرة إلى سبب ذلك هو إما إفرازات في الغدة الدرقية أو أن مصدره أسباب انفعالية مرتبطة بعوامل أسرية ومدرسية وعن كيفية تعامل الأهل مع «سلوك التخريب » الذي يقوم به الأبناء قالت كشيك : انه من الصعوبة منع الطفل من القيام بفعل تخريبي في هذه المرحلة ولكن هذا لا يعني إهمال التعامل مع مشكلته بل مواجهتها بأساليب تساعده على تنظيم حركته مضيفة انه يجب توجيه الطفل إلى قراءة القصص المحببة أو اللعب بالماء بطريقة تفرحه ، وتخصيص ركن للطفل ليلعب فيه ويمارس نشاطه ومساعدته على تفريغ النشاط الجسدي من خلال ممارسة الطفل للألعاب الرياضية - الحركية التي تناسب عمره وقدرته ، ولكن الإفراط في نشاطه تتطلب مراجعة الطبيب واستشارته .‏

اضطهاد الكبار ينمي شجار الأطفال‏

وعن «سلوك الشجار» الذي نراه بشكل ملفت بين الأطفال أوضحت أن هذه المشكلة كبيرة لأنها تظهر في المراحل الأولى من عمر الطفل ، حيث يقوم الأطفال بالعراك مع بعضهم البعض واستخدام الكلام والأيدي ، والضرب ، فالأخ الكبير يحاول السيطرة على باقي أخوته الصغار ، والأطفال الذكور يحاولون عادة السيطرة على الإناث ، والطفل الناجح يلجأ عادة إلى تعيير الطفل غير الناجح وكثيراً ما يتشاجر الأطفال على الألعاب والأشياء في المنزل أو في المدرسة، وأضافت كشيك إن هناك أسباباً كثيرة للشجار كالغيرة والشعور باضطهاد الكبار ، والشعور بالنقص وعدم الإحساس بالأمن والشعور بالقلق ، والرغبة في إثبات الذات والقسوة في معاملة الأبناء أو معاملة التلميذ في المدرسة .‏

وعن كيفية تصرف الآباء والمعلمات تجاه شجار الاطفال لخصت الدكتورة كشيك ذلك بعدة نقاط بدءاً من إعطاء الفرصة للطفل لحل مشكلاته بنفسه والتدخل من قبل الأهل عند الضرورة للتوجيه وكذلك تدخل المعلمة والآباء متبعين المرونة والتوجيه في التعامل وليس القسوة والعنف ... مروراً بمساعدة الأطفال على التنفيس عن مشاعرهم المكبوتة وانتهاء بإحاطة الطفل بالجو والتعاون والتسامح‏

تسلط الأهل سبب رئيسي لعناد الطفل‏

وبالنسبة لمشكلة العناد التي تتمثل بتمسك الطفل برأيه والإصرار عليه مهما بذل الكبار من محاولات لإقناعه بتغييره قالت الدكتورة كشيك أن هناك أسباباً عديدة لعناد الطفل كتحكم الوالدين أو المعلمات بتصرفات الطفل والأوامر والفروض على الطفل مثل الذهاب إلى الفراش وتنظيف الأسنان وغسل الأيدي قبل وبعد الطعام ... اضافة الى الأجواء العائلية غير المستقرة والتوترات الأسرية ، وأسلوب التربية الذي يتبعه الوالدان كالتدليل والإهمال وما إلى ذلك .‏

وعن كيفية التعامل مع عناد الطفل وغضبه أوضحت كشيك أن الطفل ينتقل من مرحلة العناد إلى مرحلة التقبل والتكيف خلال السنوات الرابعة والخامسة والسادسة ، وكلما كان الأبوان على درجة كبيرة من الصبر والتعاون والفهم لطبيعة وخصائص هذه المرحلة كلما ساعدهم ذلك على تجاوز هذه الفترة ، وأضافت كشيك إن التعامل مع الطفل العنيد يتم بداية من خلال دراسة الحالة الصحية للطفل لانه قد يكون سبب غضب الطفل أو عناده هو النقص في إفرازات الغدة الدرقية أو زيادة الطاقة الجسدية نتيجة مؤثر جسدي أو نفسي أو أسري ، كما أن سوء التغذية وغيرها من الأسباب الجسمية التي قد تؤدي إلى العناد الحاد .‏

الأسرة المتحابة تخلص الطفل من الكذب‏

وعن مشكلة الكذب التي تتمثل بعدم قول الأطفال للحقيقة والتي غالباً ما تكون سلوكا ظاهرا يرتبط بدوافع الطفل وشخصيته ، أوضحت الدكتورة كشيك أن كذب الطفل يبدأ من عمر 3 إلى 4 سنوات ويزداد إذا استمرت أسبابه وأغفلت معالجته حيث يخلف أثاراً سلبية تؤثر على العلاقات الاجتماعية للطفل مع المحيطين معه من أصدقاء وأقرباء ..‏

وأوضحت كشيك ان هناك أشكالاً كثيرة وعديدة للكذب ، كالكذب الالتباسي الذي لا يمكن للطفل أن يميز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي في أمور متعددة مثل الحكايات التي تقصها الأم عليه « قصة الغولة » وما يشاهده على شاشة التلفزيون من أفلام خيالية ، ولكن هذا النوع من الكذب يزول مع نضج الطفل ، وكالكذب الخيالي الذي يعتمد على خيال الطفل والكذب الادعائي وفيه يدعي الطفل القيام بأعمال هامة أو بطولية وعظيمة وهناك الكذب الاستحواذي والكذب الدفاعي والكذب الانتقامي والكذب الوقائي والكذب التقليدي وكذب التقليد والكذب العنادي .‏

وأضافت كشيك أن هناك «الكذب المرضي» الذي يدفع بالطفل إلى الكذب في الكثير من المواقف ليتغلب على حالة أو موقف مكبوت وهذا الأمر يؤدي بالطفل للقيام بما يريده وإخفاء ذلك عن والده واستخدام الكذب لتغطية ما يقوم به .‏

وعن كيفية التصدي لظاهرة الكذب عند الأطفال قالت كشيك : إن ذلك يكون بمعرفة أسباب الكذب والعمل على تلافيها في المنزل ومعالجة كل حالة من حالات الكذب لأن لكل نوع الخصائص والأسباب الخاصة به ، كما يكون ذلك من خلال إشاعة الأجواء الأسرية المحببة للأطفال وتلبية حاجاتهم الأساسية وعدم إرهاقهم بالواجبات المدرسية كثيراً وكذلك بالابتعاد عن العقوبات ومساعدة الطفل على فهم المواقف الحياتية‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية