|
معاً على الطريق وتسمح الصداقة بين البشر بحالة من الانكشاف المتبادل بحيث يتحول الصديق إلى مخزن أسرار الصديق ، وتصير الهموم مشتركة إلىالحد الذي يصل لحالة من الاتحاد في كثير من الأحيان. فضلاً عن ذلك ، فإن الصديق يعمل كل ما من شأنه أن يرضي صديقه.وهذه أمور معروفة جداً، كما أنه من المعروف أن خيبة الأمل التي تعتري صديقاً من سلوك صديقه موجعة ومؤلمة،فتكون القطيعة بين الأصدقاء بسبب سلوك ما يطعن الصداقة قطيعة مطلقة أو شبه مطلقة أو يطول الزمن عليها قبل أن يلتئم الجرح الذي خلفه الصديق. ولشدة أهمية الصداقة وندرتها قالت العرب قديماً المستحيلات ثلاثة:الغول والعنقاء والخل الوفي. غير أن مايلفت النظر في علاقات الصداقة عربياً عدم مراعاة الأصول مع الصديق على أساس أن «علاقة الخوش بوش» العامية تسمح للصديق أن يتجاوز حدود اللياقة مع صديقه. ويغدو الأمر غير قابلٍ للاحتمال : إذا كان طرف يلتزم بأصول الصداقة والآخر لا بحجة أن الصداقة تلغي كل ما له علاقة باللياقة . وهذه ظاهرة غير محمودة أبداً.وقد تؤدي إلى انفراط عقد الصداقة. ها أنت ترسل لصديق دعوة ما لحضور أمسية أو وليمة أو عرس .. أو ماشابه ذلك . الصديق لم يأتِ ولم يعتذر بل وتمضي أيام من دون أن يأسف لعدم مجيئه. إن لم يأت لظروف هو يقدرها فهذا حقه، لكن ألايخبرك بعدم مجيئه وهو قادر على ذلك ، ولايقدم لك أي شكل من أشكال الاعتذار ، فهذا سلوك لايليق بالصداقة . بل ولايليق بأي علاقة أدنى من الصداقة، فكيف بعلاقة الصداقة. أن يأتي صديق ليعيدك في المشفى من دون باقة ورد، لأنك صديقه فهذا عيب. أن تتكلم بكلام نابٍ مع صديقك أمام الآخرين فهذا إهانة للصديق. ألاتقدّر ظروف صديقك الحساسة أحياناً، أو إن لم تقدّر مواقف لن تحتاج منك إلى نوع من التصرف المسؤول فهذا يحرج الصديق جداً. الصداقة أخيراً أقول - حب متبادل ، ولاتكون من طرف شديد الحب والآخر قليله. ولهذا فالحفاظ على الصداقة أمر في غاية الإهمية للشخص ، وأمر في غاية الحساسية، ويتطلب حذراً شديداً من أن تودي بالصداقة، من خلال سلوك قد لايكون قصدك منه إيذاء صديقك ، ولكن يؤذي شعوره وإحساسه ويسبب له ألماً يطيح بالصداقة. |
|