تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النووي الإسرائيلي..حقائق مردخاي فعنونو

موقع GLOBAL RESEARCH
ترجمة
الأربعاء 6-1-2010
ترجمة: ريما الرفاعي

أنا لست خائناً لكنني رجل صاحب ضمير لا يفعل شيئاً إلا بعد تفكير طويل وعميق عرفت أنه يجب علي فعل ذلك، ولم يكن لدي خيار آخر .علي أن اعترف أمام الناس وقد فعلت ذلك لكن السؤال ماذا حصل لي بعد ذلك؟

لقد أغلقوا فمي بزجي سنوات عديدة في السجن.‏

أطلق صراح مردخاي فعنونو من سجن أشكلون في القدس في 21 نيسان 2004 بعد 18 عاماً قضاها في السجن في عام 1986، خطف جهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) مردخاي فعنونو من روما لأنه قال الحقيقة وقدم وثائق مصورة عن المنشأة النووية السرية في النقب.‏

في قضية فعنونو يحتاج الأميركيون إلى معرفة أن القوانين التي قادته إلى السجن مستمدة من قرارات الدفاع الطارئة التي فرضتها بريطانيا خلال انتدابها على تلك المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية ووصف المدعي العام آنذاك ياكوف شابيرو- الذي أصبح فيما بعد وزير العدل الاسرائيلي - قوانين الدفاع الطارئة بأنها لا مثيل لها في أي مجتمع متحضر، مشدداً على أنه لم تكن هذه القوانين موجودة حتى إبان حكم النازية.‏

وقد سألت فعنونو في إحدى زياراتي للقدس لماذا استعانت اسرائيل بهذه القوانين، فكان جوابه لأن اسرائيل دولة غير ديمقراطية وخاصة إذا لم تكن يهودياً، هذه الحكومة طلبت مني عدم التحدث مع الأجانب والصحافة والعالم لكنني تكلمت لأثبت إنسانيتي الحقة للعالم. محاكمتي الثانية جرت في 25 كانون الثاني 2006 بسبب حديثي مع الصحافة وكان ذلك للمصادفة في اليوم نفسه الذي جرت فيه الانتخابات الفلسطينية ..اليوم الذي قررت فيه أن أفضح حقيقة ما يجري في اسرائيل وأجنب العالم هولوكوست نووية.‏

في عام 1963 قال شمعون بيريز وكان وقتها نائباً لوزير الدفاع ، للرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي عندما سأله عن الجهود النووية الاسرائيلية «أود إعلامك بأننا لن ننتج أسلحة نووية في المنطقة وبالتأكيد لن نكون الأوائل أبداً».‏

وفي عام 2005 قال لي فعنونو: «الرئيس كينيدي حاول ثني اسرائيل عن بناء سلاح ذري ، وقد أجبر عام 1963 رئيس الوزراء بن غوريون على الاعتراف بأن ديمونة مفاعل نووي، لكنه ادعى أنه للأغراض السلمية فقط، كينيدي طالب بن غوريون بفتح المفاعل للتفتيش لمعرفة ماهيته وكان الفرنسيون مسؤولين عن البناء الفعلي للمفاعل بينما الألمان يقومون بالتمويل لأنهم يشعرون بالذنب عما يسمى المحرفة النازية لليهود.‏

كل شيء كان مكتوباً بالفرنسية قبل عشرين عاماً عندما كنت موجوداً هناك.‏

وفي 1955 التقى بن غوريون وبيريز مع الفرنسيين للموافقة على بناء المفاعل مقابل أن يحاربوا ضد مصر للسيطرة على سيناء وقناة السويس، وكانت حرب 1956 وقد طالب ايزنهاور اسرائيل بالانسحاب من سيناء لكن اتفاقية بناء ديمونة لم تتأثر عندما جاء جونسون اتفق مع الاسرائيليين على أن يقوم عضوان من مجلس الشيوخ بزيارة المفاعل كل عام للتفتيش ، وطلب مع الاسرائيليين بناء جدار فاصل من أجل منع إظهار الادراج والطوابق السفلية السبعة وكان ذلك بين 1963-1969 حيث كان الأعضاء يأتون ولا يعرفون شيئاً عن هذا الجدار. نيكسون أوقف التفتيش والتحقيق بسبب عدم العثور على شيء في عمليات التفتيش السابقة وهو ما أتاح لاسرائيل زيادة الإنتاج حتى استطاعت مع حلول عام 1986 إنتاج أكثر من 200 قنبلة نووية ،واليوم لديهم من البلوتونيوم ما يكفي لإنتاج عشر قنابل نووية سنوياً.‏

في 25 كانون الثاني 2006 حوكم فعنونو بتهمة التحدث مع غير الاسرائيليين وهو انتهاك للقانون العسكري الاسرائيلي فضلاً عن محاولته الخروج من اسرائيل عندما أخذ سيارة أجرة من القدس إلى بيت لحم لحضور عشية رأس السنة في كنيسة المهد في 2004 ،وتضمنت الدعوى ضده 22 انتهاكاً استطاع التخلص من أربعة منها وقد منع التحدث مع الأجانب على الانترنت أو عبر الفيديو والماسنجر.‏

لقد أخبرني فعنونو أن العديد من الصحفيين حضروا إلى المستعمرة الأميركية المسماة اسرائيل للحديث معي وخاصة من شبكة cnn الاخبارية وصحيفة نيويورك تايمز، لكن المسؤولين لديهم رفضوا عرض هذه اللقاءات تجنباً للمشكلات المتوقعة مع المسؤولين الاسرائيليين .وهو ما حصل مع محطة BBC البريطانية التي امتنعت أيضاً عن البث للأسباب ذاتها ، في 2 تموز حكم على فعنونو بالسجن لمدة ستة أشهر جديدة بسبب ادلائه بتصريحات للصحافة الأجنبية في 2004 ثم خفف الحكم إلى ثلاثة أشهر، وسمحوا له لاحقاً بالحديث مع الأجانب شرط ألا يتحدث عن الأسلحة النووية.‏

وقد أبلغني فعنونو أن جميع الأسرار التي كانت لديه نشرت عام 1989 في كتاب مهم بعنوان «سباق الأسلحة النووية في الشرق الأوسط» للعالم النووي فرانك برانباي، كما أنه خطف من روما، وهذا يخالف الميثاق الدولي للحقوق السياسية والمدنية مشيراً أيضاً إلى أن الخيانة في القانون الاسرائيلي لا تنطبق عليه باعتبار أنه لم يقدم معلومات خلال الحرب لدولة أو جهة عدوة .‏

إن المعلومات التي يملكها فعنونو عن مفاعل ديمونة تعتبر قديمة ليست ذات أهمية في الوقت الحاضر، وكان فعنونو قال للمحكمة: «أردت أن أؤكد ما يعرفه الكثيرون لم أرغب أن تستمر اسرائيل بانكارها للسلاح النووي لديها ولم أحب أن يكذب شمعون بيريز على الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان وأردت أن تستخدم ضوابط ضد إنتاج تلك الأسلحة».‏

وكان صحفي الصندي تايمز بيتر هونام الذي نشر قضية فعنونو من بين شهود الدفاع في محاكمته حيث قال: إننا لم ندفع له أي نقود وإنما تكلم معنا لأسباب تتعلق بعقيدته ومبادئه معرباً عن اعتقاده بأن محاكمته ليست لأنه نشر أسرار اسرائيل حول القنبلة النووية، بل لأنه حاول أن يكون مسيحياً حتى العظم.‏

كما كتب الصحفي وندي روبنسون في نفس الصحيفة مقالاً قال إن فعنونو لم يطلب أي أموال مقابل معلوماته أي إنه لم يبع أسرار اسرائيل وخلال محاكمته منع فعنونو من الكلام ولم يسمح للجمهور أو الصحافة أو المراقبين حضور جلسات المحاكمة.‏

لقد استعانت اسرائيل بشركة ميكروسوفت من أجل تزويدها بمعلومات عن البريد الالكتروني لفعنونو، بعد أن صادرت أجهزة الكمبيوتر الخاصة به، فتم رصد جميع الرسائل الالكترونية الواردة والصادرة في هذا البريد بعد أن استجابت الشركة لهذا الطلب.‏

ويبدو من الغريب أن تقدم شركة مثل ميكروسوفت معلومات شخصية عني وتتيح سماع محادثاتي الخاصة قبل محاكمتي، وهذا يعني أنهم عبثوا بمراسلاتي بمساعدة من أجهزة المخابرات في اسرائيل وتمكنوا بذلك من تضليل القضاة لإصدار مذكرة توقيف بحقي مثلما ضللوا شركة ميكروسوفت كي تقدم معلومات سرية في قضية ادعوا أنها قضية تجسس وتخريب.‏

يجب أن يعلم الأميركيون أن فعنونو تعرض لمحاكمة ظالمة وصودرت ممتلكاته الخاصة واقتيد إلى السجن دون أن يفعل أي جرم وعندما يواجه فعنونو المحكمة الاسرائيلية العليا مرة أخرى، سيعرف العالم أكثر عن الديمقراطية الاسرائيلية.‏

 بقلم:ايلين فليمينغ‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية