تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مواصلة الحرب على الإرهاب.. مقاربة اليّد الممدودة

موقع MONDIALISATION.CA
ترجمة
الأربعاء 6-1-2010
ترجمة: حسن حسن

رسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ملامح استراتيجيته الجديدة في أفغانستان التي تطالب بنشر 30 ألف جندي إضافي بحلول منتصف العام المقبل بتكلفة 30 مليار دولار إضافية،

بهدف تعزيز القوات الأفغانية وتأمين المدنيين ومحاربة حركة طالبان التي اعترف أوباما بتوسع نفوذها وتنظيم «القاعدة» الذي اعترف بأنه لا يزال يمثل خطراً على أمن الولايات المتحدة والعالم كله.‏

وقد شدد الرئيس الأمريكي في كلامه على أن الحرب التي تقودها بلاده في أفغانستان لا تخص أمريكا وحدها بل تخص العالم كله، لأنه في خطر وأضاف: إن الحرب على الإرهاب ليست سهلة ولن تنتهي بين عشية وضحاها وأكد أن قراره بتعزيز قوات بلاده في أفغانستان يمثل مصلحة قومية أمريكية حيوية وأنه يجب حرمان (طالبان) من الملاذ الآمن.‏

هذه الحملة على الإرهاب ليست وليدة اللحظة فقد بدأت عقب أحداث 11 أيلول2001 التي اتهم تنظيم «القاعدة» فيها، وتمكن جورج بوش الابن من استثمار تلك الحادثة لشن حملاته على الصعيدين الداخلي والعالمي وشكلت هذه الحرب تحولات خطيرة وتوسعت لضرب كل ما تراه آلة الحرب الأمريكية عدواً لها أو لمصالحها ولتحقيق أطماع ومكاسب بلا حدود. ومسلسل تلك الحرب مستمر من العراق إلى أفغانستان إلى الحصار والمحاسبة للأنظمة التي يسهل على السياسة الأمريكية إلباسها تهمة الإرهاب أو دعم الإرهاب من أجل ضمان تسويغ ممارساتها وإحكام قبضة مصالحها على حساب الشعوب ومن أجل حبك خيوط مصالحها عرّفت الإرهاب على النحو التالي:‏

أي عملية عنف تشكل خطراً على حياة الإنسان والتي تنافي القوانين الجنائية للولايات المتحدة وحدثت إما داخل حدود الولايات المتحدة أو خارجها مستهدفة مصالح أمريكية ويكون غرض العملية ترهيب المدنيين والتأثير على الحكومة لتغيير سياستها.‏

وضمن حدود هذا التعريف الذي سمح لها بانتهاكات لا محدودة لحقوق البشر والدول تجاهلت الإرهاب على الطرف الآخر أو بالتحديد حليفتها الأولى في المنطقة العربية إسرائيل ،بما تمارسه من عدوان وقتل وتدمير على الأراضي المحتلة وبناء المستوطنات والتهجير وحرب غزة وتقرير غولدستون المدين لإسرائيل كظاهرة استثنائية ورفض إسرائيل لمحتواه كاعتراف واضح مسبق بالإدانة.‏

ولنلحظ بالتالي أن الإرهاب لا يكون عند أمريكا إرهاباً إذا خالف القانون الدولي بل إذا خالف القانون الأمريكي فقط.‏

وكما يشير نعوم تشومسكي نفسه في مقالة له عن تعريف الإرهاب، هذه النقطة بالتحديد ما برحت تحكم السلوك السياسي الأمريكي دولياً كما في غزو أفغانستان 2001 مثلاً، حيث تجنبت أمريكا الحصول على تفويض من مجلس الأمن مع أنها كانت قادرة على ذلك بحكم دعم روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا لها بسبب كراهيتها لجعل أي قانون أعلى شأناً من القانون الأمريكي، وهي واحدة من أهم عصبيات الجمهوريين والديمقراطيين الجدد.‏

ولكن لو أزلت شرط الالتزام بالقانون الأمريكي ستجد أمريكا تمارس الإرهاب حتى بأضيق معانيه كعنف مدفوع سياسياً يستهدف المدنيين عمداً خارج إطار الحروب الرسمية، هذا دون الإشارة للسياسات العدوانية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فمن عصاباتها الإرهابية بالوكالة في أمريكا اللاتينية إلى تدمير مصنع الشفاء في السودان 1998 إلى عمليات التخريب خلال سنوات الحصار على العراق وغيرها تمارس أمريكا الإرهاب حتى بتعريفها هي سوى أنه يتم بغطاء رسمي أمريكي.‏

النقطة الأساسية هنا أن خطاب «مكافحة الإرهاب» و«الدفاع عن الحضارة الغربية» إن كان يدل على شيء فإنه يدل على أن هذه الحرب كما نظرية «صراع الحضارات» التي ازدهرت في ظل المحافظين الجدد جاءتا نتاجاً لعاملين مترابطين.‏

1- حاجة أمريكا للخروج من عقدة فيتنام بعد سبع سنوات من التقوقع منذ عام 1976 وهو تاريخ هزيمتها في فيتنام.‏

2- حاجة قوى العولمة الرأسمالية التي بدأت تنفلت من عقالها وحدودها القومية في الثمانينات لتدمير كل العوائق الجغرافية والقومية والسيادية أمامها وتدمير كل النماذج الحضارية التي تقف عائقاً في وجه تمدد العولمة.‏

وإذا تحولت «الحرب على الإرهاب» في ظل إدارة بوش الابن إلى المسطرة التي تقيس عليها أمريكا علاقاتها الدولية وخاصة منذ ضربات 11 أيلول أو بذريعتها بالأحرى فإن ذلك أصبح يعني عملياً: أولاً: توسعة النفوذ الأمريكي دولياً تحت وطأة تهديد الدول والجماعات والشخصيات الممانعة بدعم «الإرهاب» كما حدث مع السودان وليبيا مثلاً.‏

وثانياً: إعطاء أمريكا ذريعة للتدخل بكل مكان على مختلف الأصعدة بأية طريقة تراها مناسبة لمصالحها حتى دون مراعاة التوازنات الإقليمية أحياناً، ما جعل «الحرب على الإرهاب» نفسها أحد عوامل عدم الاستقرار العالمي.‏

أما ربط «الحرب على الإرهاب» بالحركات الإسلامية بالذات فيظهر فقط أهمية النفط واللوبي الصهيوني والجغرافيا السياسية للمنطقة العربية والعالم الإسلامي في استراتيجية النخب الأمريكية الحاكمة والشركات المتعدية الحدود للهيمنة على العالم.‏

وعليه فـ «الحرب على الإرهاب» هي الإرهاب والمقاومة المشروعة هي المعنى الحقيقي لمكافحة الإرهاب، إذ أضحى في زمن اختلال ميزان العلاقات الدولية والعولمة المحور الأساسي للسياستين الداخلية والخارجية الأمريكية، هذا عندما لا تتغطى السياسات الأمريكية بقناع حقوق الإنسان الذي يفتقد أيضاً إلى تعريف موحد عالمياً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية