تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تاريخ الحرم القدسي في مهبِّ الأهواء والميول...

كتب
الأربعاء 6-1-2010
فيصل خرتش

في هذا الكتاب « تاريخ الحرم القدسي « يبيّن الكاتب « عارف العارف « كيف انّ المؤرخين اتبعوا أهواءهم ، فمنهم من تناول الناحية الدينية ، ومنهم من تناول الناحية الهندسية،

ومنهم من دمج بين الناحية الدينية والتاريخية والعمرانية ، وعلى ذلك فإن الكاتب يجد الفرصة مواتية لإكمال الحلقة الناقصة في ردّ الحقّ إلى نصابه بان يقوم بدراسة الموضوع دراسة مستفيضة ، فبدأ بدراسة مسجد الصخرة الذي بناه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ورصد لبنائه خراج مصر لسبع سنين . شرع البناؤون في بنائه سنة 66 هـ /691 م ، فبنوا في بادئ الأمر قبّة السلسلة الكائنة شرقي الصخرة لتكون انموذجاً ، ثم بنوا المسجد نفسه . « ولقد حُفت الصخرة يومئذ بدرابزين من الساسم ( شجر يشبه الأبنوس ) ، ومن خلف الدرابزين ستور من الديباج مرخاة بين العمد ، وأقيم عليها عدد من السدنة ، نقش اسم عبد الملك بن مروان على قناطر التثمينة الوسطى في الناحية الجنوبية الشرقية من الداخل وبالخط الكوفي المذهب ، مكتوب عليها : « بنى هذه القبّة عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبّل الله منه ورضي عنه آمين ». ثم رمّمت عدّة مرات على مرّ التاريخ .‏

وبعد ان بنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة بنى المسجد الأقصى سنة 74 هـ/693 م . وهناك من يقول إن باني المسجد هو الوليد بن عبد الملك الذي انتهى إليه الحكم سنة 86 هـ/705 م ، ويميل الكاتب إلى الاعتقاد بانّه قد شرع فيه زمن عبد الملك بن مروان ( 74 هـ/693 م ) وتمّ في عهد ابنه الوليد ( 86 هـ/705 م ) ومهما كان الأمر فمّما لا شك فيه انه هو الذي غشّى قبّة الأقصى بالنحاس ، وهذا أخذه من كنيسة في بعلبك ، وكان في الموضع الذي يقوم عليه الأقصى الآن ، مسجد بناه الخليفة عمر بن الخطاب سنة 14 هـ/635 م . لم يبق المسجد الأقصى على حاله الأوّل ، بل طرأت عليه مع الزمن تغييرات كثيرة بسبب الزلازل والانقلابات السياسية . ويؤخذ من وصف المقدسي ( 385 هـ/985 م ) انه كان يتكوّن من رواق أوسط كبير يمتدّ من الشمال إلى الجنوب ، يغطيه جمالون ، وينتهي من الجنوب بقبّة عظيمة ، وتكتنف الرواق الأوسط من كل جانبيه سبعة أروقة موازية لـه وأقل ارتفاعاً منه ، محمولة عقودها جميعاً على أعمدة اسطوانية ، ويتوسط الواجهة الشمالية باب كبير كان يسمى ( باب النحاس الأعظم ) يؤدي إلى الرواق الأوسط رأساً . وعلى كل من يساره ويمينه سبعة أبواب يؤدي كل منها إلى رواق من الأروقة الجانبية المتقدم ذكرها . والمعتقد انّ القبّة الحالية والأبواب السبعة التي في شمال المسجد هي من صنع الظاهر لإعزاز دين الله . وتحتوي الفسيفساء الذهبية التي تحلّي الواجهة الشمالية للعقد الذي يحمل القبة .‏

يقوم مسجد الصخرة في وسط فناء مربع الشكل ، فرش بالبلاط الأبيض سنة 693 هـ/1293 م ، في أيام المنصور قلاوون ، طوله من القبلة إلى الشمال أكثر من عرضه من الشرق إلى الغرب .‏

إنّ هذا الفناء واسع ، تبلغ مساحته من القبلة إلى الشمال مائتي2 ذراع وثلاثة وعشرين ذراعاً ونصف الذراع ، ويصعد إليه بأدراج من الجهات الأربع ، وفي أعلى كل درج قنطرة قائمة على أعمدة من رخام ، وكلها من المنشآت الإسلامية وفي الحرم مزولتان شمسيتان لمعرفة الوقت ، واحدة غربية ، وهي على رخام مسجد الصخرة من الناحية القبلية ، والثانية زوالية وهي على واجهة القنطرة الكائنة في الجنوب الغربي من سطح الصخرة بين مسجد الصخرة والأقصى ، وفي فناء الصخرة نجد المنشآت الآتي ذكرها : قبّة السلسلة وقبّة المعراج ومحراب النبي وقبّة يوسف والقبّة النحوية وقبّة الشيخ الخليلي وقبّة الخضر وقبّة موسى وقبّة سلمان وجامع المغاربة ، وهناك في فناء الصخرة وفي ساحة الحرم القدسي عدّة مصاطب أعدت للصلاة والتدريس ، نذكر منها: مصطبة الكرك ومصطبة علاء الدين البصيري ومسطبة العشاق . وفي فناء الصخرة ست عشرة غرفة ، خمس منها في طرفه الأقصى من الغرب ، وعشر في طرفه الأخير من الشمال ، وواحدة في الجهة الشرقية . وقد انشئت ليجلس فيها سدنة المسجد ورجاله من أئمة وخطباء ومؤذنين ومدرسيين حتى الجند الذين تقيمهم السلطة لأجل الحراسة .‏

وللحرم القدسي أربع مآذن ، هي : مئذنة باب المغاربة ، وتقع غرب الحرم إلى الجنوب ، وتسمّى المنارة الفخرية ، ومئذنة باب السلسلة ، وقد سمّيت « منارة المحكمة » ، وتقع غرب الحرم ومئذنة باب الغوانمة ، وقع شمال الحرم إلى الغرب ، وتسمّى أيضاً منارة قلاوون ، مئذنة باب الأسباط و تقع شمال الحرم إلى الشرق ، وقد تصدّع القسم العلوي لهذه المئذنة بسبب الزلزال الذي حدث سنة 1346 هـ . فأعاد بناءه المجلس الأعلى الإسلامي على نمط جميل.‏

ولكل من هذه المآذن مؤذنا ، والمسؤول عن المؤذنين كلهم هو شيخ الحرم .‏

وللحرم القدسي عشرة أبواب مفتوحة وهي على التوالي : « الأسباط، حطّه، شرف الانبياء ، الغوانمة ، الناظر ، الحديد ، القطانين ، المتوضأ ، السلسلة ، المغاربة » . وأربعة معلقة ، وهي : « السكينة ، الرحمة ، التوبة ، البراق ».‏

ومن أي باب دخلت رأيت أمامك المباني العظيمة والقباب الشامخة والأروقة الجميلة والأعمدة المختلفة الأشكال والألوان ، وإنها لآثار بديعة تدل على ما وصل إليه الفن المعماري من الكمال والذوق العربي من الجمال في العصور الإسلامية الفائتة .‏

تاريخ الحرم القدسي - عارف العارف - وزارة الثقافة الهيئة العامّة السورية للكتاب دمشق 2009. - عدد الصفحات : 170 صفحة – قطع متوسط.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية