|
مجتمع يقول العالم التربوي جان جاك روسو احترموا الطفولة ولا تتسرعوا أبداً في الحكم عليها، خيراً كان أم شراً إننا نرعى النبات بالحراثة، ونبني الإنسان بالتربية. وهذا يعني أن لكل طفل في كل مرحلة خصائص وميزات تحتم على الوالدين والمربين معرفتها، وأخذها في الحسبان من أجل التعامل مع الطفل، بحيث يندفع إلى النشاط والعمل في حدود قدراته مع التوجيه الواعي دون إهانة أو تحقير، أو اتخاذ أي موقف يقلل من شأنه، ويضعف من بناء شخصيته. لذلك لا بد من القول: إن تربية لا تقوم على احترام عالم الطفولة وفهم هذا العالم الخاص، وكيفية التعامل معه بصورة إيجابية تكون تربية خاطئة أو مشوهة لا تعطي نتائج مثمرة ولا تحقق الأهداف المتوخاة. مواقف محرجة: إن المواقف التي تنم عن عدم احترام الأطفال وتؤدي إلى شعورهم بالإهانة، وإلى أنهم أقل شأناً من الكبار كثيرة ومتعددة الأشكال نمارسها نحن الكبار في حياتنا اليومية داخل وخارج الأسرة من دون أن نقدر نتائجها ومنعكساتها السلبية على نفسيات الأطفال ومشاعرهم تجاه ذواتهم وتجاه الآخرين... وعن هذه المواقف تقول مايا 12 سنة إن أكثر ما يزعجها عندما تكون في أحد المجالس أو الحفلات العامة مع أسرتها فتتعرض هي والصغار من جيلها للإهمال ويهتم الكبار ببعضهم... فتشعر بالدونية وعدم احترام الآخرين لها... أما سام 9سنوات فيقول أكثر ما يثير غضبي أنني عندما أدخل غرفة الضيوف، ويكون بزيارتنا أحد الأصدقاء أو الأرقارب فألقي التحية عليهم لكن غالباً لا يعيروني أي اهتمام فأشعر بالخجل وأنسحب محبطاً. وتقول لارا- 13 سنة عندما كنت صغيرة وفي حالات السفر كانت والدتي تجلسني في حضنها أو في حضن والدي فكنت أشعر أنني مهملة وأدنى منزلة من الأطفال الذين يجلسون في مقاعد مخصصة لهم- أما علي وعمره عشر سنوات فيقول أحياناً أبدي رأيي في بعض المناقشات الأسرية وربما يكون صائباً إلى حد ما لكنه يسفه من قبل والدي ويقومون بمنعي من المشاركة بحجة أن الأمر لا يخصني عندها أشعر بعدم الثقة بالنفس. إن هذه الحالات والمواقف السلبية من قبل الكبار تولد لدى الطفل ردود فعل مضادة، قد تكون فورية في معظم الأحيان، فيغضب أو يتأفف... أو ربما يبكي ويتألم، وفي كلا الحالتين تتشكل لدى الطفل نواة لعقدة نفسية تؤدي في حال استمرت إلى اضطراب في شخصيته فيعيش في أزمات وصراعات قد تلازمه مدى الحياة. دراسات وبحوث نفسية لقد دلت البحوث والدراسات النفسية والتربوية إلى أن 90٪ ممن يعانون من عقدة الدونية تعود في أسبابها إلى مراحل الطفولة وما لاقته من معاملة الوالدين وهذا يوجب على الكبار عامة وعلى الوالدين خاصة أن يسكلوا في تعاملهم مع الأطفال أساليب وطرائق مناسبة بحيث يشعر الأطفال من خلالها أن لكل منهم شخصية مستقلة مميزة تحترم وتقدر ذاتها كغيرها. فيعطى الطفل حقوقه النفسية والاجتماعية بما يسهم في تنمية شخصيته وتعزيز ثقته بنفسه والتزامه المسؤول تجاه الآخرين. ومن جهة أخرى نجد أن عقدة النقص عند الكبار أو الصغار ليست موروثة وإنما هي نتيجة لممارسات تربوية خاطئة تلقاها الفرد من والديه أولاً ومن المربين ثانياً ،ولا سيما في مراحل طفولته مما ولد لديه الشعور بالنقص والسبب الرئيسي في ذلك هو عدم تقدير قدراته والتعامل معه على أساسها. |
|