|
فضائيات دون أن نتذوّق السمّ الكامن ما بين الفقرات والبرامج الفتنوية التي تقدمها وتطرحها مازالت تراهن على أنها في المقدمة بالرغم من كل الأكاذيب التي قدمتها والتي بات المواطن العادي يلاحظها ويتندّر عليها !
أحد هذه الشعارات هي أن تعرف أكثر ولو بحثت عن تلك المعرفة التي تقدمها لك تلك المحطات لوجدت أنها ( تنكش ) في ما أماته الزمن وقضى عليه لأسباب تجعل منه مادة خلافية. وقد يسيل الدماء فيما لو عادت تلك المسائل وطفت على السطح !. «أن تعرف أكثر» عمّا لا علاقة لك به ولا يقدم أي جديد يخدم مسيرة حياتك ويرفع من سويتك المعرفية. فقد تروّج تلك الفضائيات لدولٍ تتغنى بالديمقراطية والحرية وتتباكى على حقوق الإنسان في الوقت الذي تتسابق فيه تلك الدول إلى ابتكار أشد أنواع الأسلحة فتكاً ودماراً وقد تفاجئك تلك الفضائيات بتسليط الضوء على إنقاذ حوت جنح على شاطئ ما أو إدخال كلب إلى العناية المركزة أو تقديم وجبات طعام لمجموعة من الكلاب الشاردة في الوقت الذي يموت به سنوياً آلاف الأطفال جوعاً وغرقاً ناهيك عن الألوف الذين يموتون جراء الحروب التي تقوم بها تلك الدول أو التي تساهم بتغطيتها تسليحاً وذخيرة!! وعلى فضائية أخرى تجد شعار الرأي والرأي الآخر ولو تابعت هذه الفضائية ومثيلاتها ممّن يتبنون بشكل ظاهري الرأي والرأي الآخر لعلمت أن تلك الشعارات كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء في صحراء جفت ينابيعها ونضبتْ. الرأي الذي تتبناه تلك المحطات هو الرأي السائد وهو الرأي الذي يهلل له ويؤتى بالخبراء والمستشارين وأصحاب القرار كي يتم تثبيته حتى ولو كان باطلاً.. وحتى لا يحتج علينا من يتابع تلك المحطات لعلّة في استقراره المعرفي والنفسي فسأعترف بأن تلك الفضائيات قد تأتي بالرأي الآخر ولكن مالفائدة من حوار بين رجلين الأول أكاديمي في العلوم السياسية والثاني هو من هواة الطبخ والنفخ..أو الرقص عند مناقشة وضع سياسي معين. أو كيف لتلك المحطات الفضائية أن تقنع من يتابعها عندما تتبنى وجهة نظر واحدة وتتحاور مع من يؤيدها ويتبنى موقفها ويدعم وجهة نظرها على أساس أنه يمثل الرأي الآخر؟! لا يقف الحد عند طرح الشعارات فبعض المحطات الفضائية اتخذت لنفسها أسماء توحي بحياديتها وبموضوعيتها وباستقلال القرار فيها ولكن عند متابعتك لما تقدمه تلك الفضائيات تجد أنها أكثر تزمتاً وأكثر انحيازية من غيرها من الفضائيات!! ما نشهده هذه الأيام من تطورات تتسابق بعض المحطات لركوب موجة الشهرة من خلال تبني تضخيمه وفبركة ما يمكن أن يهوّل هو وقوع في وحل عدم المصداقية وعدم الثقة في تلك التغطية ولو كانت تلك المحطات تحترم عقول من يتابعها لنقلت ما يجري بشكل مستقل ومتوازن ودقيق . ولو سحبنا هذا الكلام على ما تشهده منطقتنا العربية هذه الأيام لبات لنا هذا جلياً بما لا يدع مجالاً للشك. إذ كيف لفضائية تتبنى وجهة نظر قلّة قليلة من الأفراد المختبئين في جحورهم وهم يفبركون لها الصور والمشاهد ويقبضون المال في حين أنها تهمل الأعداد الكبيرة من المواطنين الشرفاء الذين غطّوا ساحات هذا الوطن الأبي ؟!. كيف لتلك الفضائيات التي تتذرع بالبحث عن الحقيقة أن تبث وتنقل أخباراً ملفقة تأتيها من مصادر مجهولة وترفض في الوقت عينه الأخبار الموثقة بالصوت والصورة والمكان والزمان من مصادر الدولة؟!. طبعاً لا لشيء إلاّ لأنها وضعت نصب عينيها الابتعاد عن الحقيقة والنكش في الفتن والتحريــض علـــى المزيــد من القتل والمزيد من الدماء؟!! ولنتساءل بعد هذا كله : هل تنقل هذه الفضائيات وتتبنى رأي العاملين فيها والمشرفين على إدارتها أم أنها أداة رخيصة في يد من يمولونها؟!. في ظاهر الأمر وكما تروج تلك المحطات وتدّعي فإنها مستقلة تماماً ولا سلطة لأحد عليها إلاّ سلطة الحق والحقيقة ولكن بقليل من البحث والدراية في المواضيع والأفكار والبرامج التي تطرحها والأشخاص الذين تستضيفهم وتستنير بآرائهم نجد أنها تبتعد كلياً عمّا تدّعيه. فالحقيقة التي تتغنى بها غائبة تماماً والحق الذي تجتره ما هو إلاّ هراء زائف لا أساس له من الصحة والمصداقية. ولنتساءل مرة أخرى : هل تستطيع تلك الفضائيات الرخيصة المرتهنة للمال ولأشياء أخرى أن تتهجّم على بعض الممارسات والعادات والتقاليد التي مازالت سائدة في ربوع من يمولونها وتفضح تلك الممارسات؟!. وهل يمكن لها أن ترصد لنا الممارسات اللاأخلاقية التي تمارس ضد المرأة مثلا أو تتحدث عن أعداد المعتقلين في سجون الأنظمة التي ترعاها؟!. الأخبار والأسرار التي عرفناها من خلال أصحاب الضمائر الحيّة الذين تركوا تلك المحطات تدلنا على زيف هذه المحطات الفضائية وعمالتها وارتهانها لأجندات خبيثة تهدف إلى تفتيت أواصر تلاحمنا وترابطنا وعوامل استقرارنا وتجعل من يتابعها يغرق أكثر في وحل الخديعة والتضليل.. والكذب أيضاً !! |
|