تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المــــوت المشـــــــتهى

رؤيــة
الأربعاء 4-4-2012
سوزان إبراهيم

افتتح متحف ضخم مكرس لسفينة تايتانك في بلفاست قبل أيام قليلة من الذكرى المئوية الأولى لغرق هذه السفينة خلال رحلتها الأولى بين ساوثمبتون في بريطانيا ونيويورك،

بعدما اصطدمت بجبل جليد ليل 14-15 نيسان 1912.. وقضى في غرق السفينة أكثر من 1500 شخص من أصل 2200 راكب كانوا على متنها.‏

في كل يوم يموت آلاف البشر, ولأسباب كثيرة بعضها أكثر مأساوية مما جرى لركاب تايتانك, لكن أحداً لا يهتم لذكراهم, أو لآلامهم, ولا يخصصون متاحف تبقي مآسيهم حيّةً.. كعبرة!!‏

حين عُرض فيلم تايتانك لأول مرة في باريس نامت حشود الناس على أبواب صالات السينما بانتظار مقعد شاغرٍ! واليوم يعود الفيلم بتقنية الـ «3D» فما سرها هذه التايتانك!‏

بلفاست بلد منشأ التايتانك لا تزال تحمل آثار ثلاثين عاماً من أعمال العنف بين (الكاثوليك والبروتستانت) لكن أحد لم يفكر –على ما أعتقد- بإقامة متحف لضحايا ذاك الجنون!‏

  ‏

المكان في روايات الكاتب الإيطالي (أليساندرو باريكو) هو بلد بين الخرافة والسوريالية, يتواشج مع شعرية وكوميديا سوداء وجودية. وضعته رواية (حرير) عام 1997 على قائمة الكتّاب العالميين. أما روايته (دون دماء) 2002 فتبين عودته إلى الإيجاز والبساطة في الشكل الذي اتبعه في (حرير) وجعلها ساحرة وجميلة.‏

تبدأ القصة في (دون دماء) في نهاية حرب استمرت لأربع سنوات, لكن النزاع لا يسمى, ولا تقدم الرواية أي تواريخ, تاركة القصة مفتوحة على احتمالات المجاز.‏

إنها الحرب- توأم الموت- التي تسعى في كل بقعة على الأرض, فبتنا نشتهي زمناً (لا يموت الناس فيه إلا بسبب الموت) أي ليس قتلاً, أو تحت أنقاض, أو غرقاً, أو احتراقاً.....‏

نشتهي موتاً بسبب الشيخوخة وتلكؤ الجسم في استقبال طاقة الحياة الأقوى من قدرته على الصمود فيها! نشتهي موتاً يأتي تتويجاً لرحلة نستنفد فيها كل طاقتنا في الحياة!‏

suzan_ib@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية