|
مجتمع .. بالإضافة إلى كل تلك الأهداف الاستعمارية التي تختبئ خلف نيران تلك الحرب المستعرة التي لا تزال ألسنة لهيبها تحرق الأخضر واليابس وكل ماهو جميل في حياتنا و وعينا وذاكرتنا، فإن من أهم وابرز أهدافها كان و لا يزال هو استهداف أطفالنا الذين يشكلون وقود وخميرة هذه الأمة وخزانها العروبي والوطني والأخلاقي والثقافي الزاخر بالقيم والمبادئ والانجازات والانتصارات. وهنا يكمن السبب الرئيس وراء هذا الاستهداف الممنهج والمنظم لبراعمنا بهدف خرق واختراق حصن الوطن المنيع الذي سيشكل أبناؤنا وأطفالنا قاعدته وركيزته الأساسية في المستقبل. وتحت هذا العنوان ( استهداف الطفولة ) لا يزال أعداء الوطن يواصلون محاولاتهم البائسة والمحمومة لنشر وبث السموم بمختلف أشكالها وألوانها وعلى مختلف الأصعدة والمستويات في مستقبل هذا الوطن بهدف محو ذاكرته بالكامل التي يشكل أطفالنا الحضن الأمين والحصن المتين لحفظها وحمايتها وإحلال مكانها ذاكرة جديدة مفرداتها وعناوينها الأساسية تقوم وترتكز على ثقافة القتل والتدمير والتمييز والتعصب والتطرف، تلك الثقافات التي تشكل رأس حربة دول الاستعمار الجديد التي يمكنهم من خلالها طعن جسد الوطن والتسلل عبرها إلى جسم الوطن والأمة والتموضع فيها إلى ما لانهاية بهدف الحفاظ على إضعافه وشله و إفشاله ككيان قائم يمتلك كل شروط الحياة والبقاء والتلاحم والوحدة مهما فرقته وقسمته الحدود والخيانات والطعنات من الداخل أو من الخارج. وانطلاقا من فهم هذه الحقيقة (حقيقة استهداف دول الاستعمار لأطفالنا كونهم مستقبل هذه الأمة وتاريخها) فإنه يتوجب علينا جميعا أفرادا ومؤسسات مدنية وحكومية الاضطلاع بكامل مسؤولياتنا لمواجهة هذا الاستهداف والتصدي له عبر الولوج إلى دواخل ونفوس أطفالنا وملامسة كل الجوانب والزوايا المتصدعة والمنكسرة والمنهارة بداخلهم والعمل على ترميمها وإعادة بناؤها من جديد قبل الوصول إلى مرحلة لا يمكن معها المعالجة أو الترميم، حيث يكون فيها وعي الطفل قد تشكل على ما تعلمه وشاهده وسمعه بقصد أو غير قصد من تلك الثقافة السوداء التي يحاول أعداء الوطن نشرها وتعميمها في نفوس أطفالنا. ومن هنا تكمن أهمية المسارعة في معالجة ومواجهة تلك الثقافات التي يصدرها لنا الإرهاب قبل أن يتشكل وعي أطفالنا، حيث يمكن النفاذ إلى ذلك الوعي ومعالجة كل مواطن الخوف والرعب والوجع وإعادة تشكيله مجددا على قواعد تربوية ومجتمعية وأخلاقية ووطنية من شأنها أن تعيد بناء ذلك الدرع الواقي لهم من كل تلك السهام التي تحاول إصابتهم في مقتل كل ساعة وكل لحظة، وصولا إلى تشكيل حصانة دائمة بداخلهم ضد كل تلك الفيروسات المدمرة التي تحاول الولوج إلى كل ما تعلموه وحفظوه عن آبائهم وأجدادهم من قيم ومبادئ وطنية وقومية وضربها ومحوها من ذاكرتهم وتفاصيل حياتهم. إن حماية أطفالنا من تلك الثقافات المدمرة للإنسان والأوطان أمانة في أعناقنا جميعا وهي واجب وطني وضرورة أخلاقية و وطنية في هذه الظروف العصيبة التي تعيشها سورية حيث تكالبت علينا الوحوش من كل حدب وصوب. إن حماية أطفالنا تكون بجملة من الإجراءات والمشاريع والأنشطة التي تعالج وترمم دواخل ونفوس أطفالنا وتحتضن وجعهم وحزنهم وتحملهم إلى دروب الأمل والفرح والسعادة والتفاؤل الذي يمكنهم من الاستمرار والصمود والمواجهة، خاصة ونحن على أبواب العطلة الصيفية التي تفتح فيها لالتهام أبنائنا وهي المتخمة بالمغريات والأخطار السلبية التي من شانها أن تزيد من تداعيات وآثار الأزمة على نفوس أبنائنا إن لم نحسن كأسرة ومؤسسات حكومية استغلالها واستثمارها على أكمل وجه من خلال النشاطات التربوية والتثقيفية والترفيهية الهادفة والمدروسة شكلا ومضمونا والتي من شانها أن تعيد الفرحة والبسمة إلى شفاه أطفالنا وان تبني وترمم ما تصدع وانهار بداخلهم. |
|