|
بقلم : بيب اسكوبار وسيسجل التاريخ ربما أن كل شيء بدأ من سوتشي , حينما التقى بائعهم المتجول وزير الخارجية جون كيري مع وزير خارجية روسيا لافروف وفيما بعد مع الرئيس بوتين. القرط الذي وضعه أسياد الكون في أذنهم هو بالتأكيد مشهد جنود جيش التحرير الشعبي الصيني يمرون جنباً إلى جنب مع الجنود الروس في استعراض الساحة الحمراء خلال الاحتفال بعيد النصر على النازية. مع العلم أننا لم نشهد على الإطلاق استعراضاً للجيش الصيني في الساحة الحمراء , حتى في عهد التحالف بين ستالين وماو. إنها بمثابة دعوة إلى النظام , جدير بها نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-500.. وعلى الأرجح أن الصبية في مكاتب واشنطن أعادوا حساباتهم المفروضة عليهم وخلصوا إلى أن موسكو يمكن أن تكون إلى جانب بكين قد وقعتا بروتوكولا عسكريا سريا مماثلا إلى الاتفاق الألماني - السوفييتي ( مولوتوف ريبنتروف ). أي إن لدى لعبة الكراسي الموسيقية الجديدة ما يثير غضب مهندس رقعة الشطرنج الدكتور زبيغينو بريجنسكي , الذي جعل من منطقة أوراسيا هاجسه. والآن فجأة , وبدلاً من السعي المستمر لشيطنة روسيا واحتجاجات الناتو الشديدة اللهجة ضد العدوان الروسي كل عشر ثوان. لدينا الآن كيري الذي يقول إن الالتزام باتفاق مينسك 2 هو الحل الأمثل للخروج من أزمة أوكرانيا إلى جانب تحذيره الرئيس الأوكراني بوروشينكو من تنفيذ وعيده بقصف مطار دونتسك ومحيطه من أجل الاندماج في حضن الديمقراطية الأوكرانية. ومن جهته وصف سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا اللقاء مع كيري بالرائع. بينما وصف من جانبه المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف التفاهم الروسي – الأميركي بالإيجابي للغاية. وعلى هذا النحو , يبدو أن المؤيدين لسياسة معلنة تدعو إلى تفادي هراء إدارة أوباما قد خلصوا إلى إدراك , ولو كان ظاهراً على الأقل , أن عزل روسيا لا طائل منه وأن موسكو لن تنسحب بالمطلق من جبهتين : لن تقبل بانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي الناتو ولن تقبل بأن يتم سحق جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك من قبل كييف أو الناتو أو من قبل أي قوة أخرى. إن الذي جرى حقاً في مدينة سوتشي ( ولم يخرج إلى العلن ) هو تحديد طريقة لخروج إدارة أوباما من المستنقع الجيوسياسي الذي أغرقت نفسها فيه على الحدود الغربية الروسية مع حفظ ماء وجهها. وحيث أن أوكرانيا باتت دولة فاشلة انضوت كمستعمرة لدى صندوق النقد الدولي , فإن الاتحاد الأوروبي لن يقبل ضمها كعضو أو أن يدفع لها فواتيرها الخيالية. لأن التحدي الحقيقي لكل من واشنطن وموسكو هو إيران. ولذلك ليس من قبيل المصادفة أن يكون كبير المفاوضين الأميركيين المثير للريبة ويندي شيرمان في المحادثات مع إيران ومجموعة 5 + 1 من ضمن الوفد المرافق لكيري. وأي اتفاق شامل مع إيران لا يمكن أن يتم دون تعاون رئيسي مع موسكو في كل الأمور. من التخلص من الوقود النووي المستنفد إلى رفع العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة على إيران. وتلعب إيران دوراً محورياً في المشروع الصيني المتعلق بدروب الحرير الجديدة. واضطر الأسياد الحقيقيون للكون إلى إدراك أن كل ما يدور حول منطقة اوراسيا , هو متوقع وسرق الأضواء خلال استعراض موكب النصر في التاسع من أيار. فقد غادر الرئيس الصيني شي جينغ بينغ موسكو بعد توقف فيها لها دلالتها إلى كازاخستان وبيلاروسيا للتوقيع على اتفاقيات. وطريق الحرير الجديد ينطلق من بكين إلى موسكو عبر دول الأمن الجماعي ( دول الاتحاد السوفييتي السابقة ) ومن شنغهاي إلى الماتري وميسنك وإلى ما هو أبعد منها , من آسيا الوسطى إلى أوروبا الغربية. مع العلم الآن أن تلك المغامرة التجارية والجيوسياسية التي تسير بوتائر متسارعة أصبح لا مفر منها مع دخول البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية , بإدارة بكين وبدعم من موسكو , وكذلك بنك التنمية لمجموعة دول البريكس على الخط. وحتماً سوف ينجذب إلى هذا الفضاء التجاري والجيوسياسي منطقة آسيا الوسطى ومنغوليا وأفغانستان ( حيث الناتو خسر الحرب فيها ) بحيث يشمل الوسط والشمال والشرق من منطقة أوراسيا. ولا نجافي الحقيقة إن قلنا إن ما يمكن أن ندعوها « آسيا الكبرى « على وشك أن تأخذ شكلها , وليس فقط في بكين وموسكو , وإنما أيضاً في الوسط التجاري والذي يمتد من شنغهاي إلى بوابة أوروبا في سانت بطرسبورغ. وتعتبر تلك نتيجة حتمية لمسار معقد وهو الالتقاء بين الحزام الاقتصادي لطريق الحرير والاتحاد الاقتصادي الاوروآسيوي الذي تقوده موسكو والذي وصفه الرئيس بوتين بأنه مثل « نوع جديد من الشراكة. « وربما لاحظ الأسياد الفعليون للكون أيضاً المباحثات المفصلة الجارية بين سيرغي شويغو وزير الدفاع الروسي وبين الجنرال فان شانغلونغ , نائب اللجنة العسكرية المركزية للصين. هذا وتخطط كل من روسيا والصين لإقامة مناورات بحرية في البحر المتوسط وفي بحر اليابان , مع إبلاء الأهمية الكبرى لموقفهم المشترك فيما يتعلق بالدرع الصاروخي الأميركي. يضاف إلى ذلك نقطة لا يمكن التغافل عنها وهي اكتشاف البنتاغون أن الصين تمتلك مخازن صواريخ بالستية عابرة للقارات قادرة على ضرب كامل الأراضي الأميركية , باستثناء فلوريدا. والنقطة الأخيرة والتي لا تقل أهمية عن غيرها هي نشر روسيا نظام صاروخي متطور للغاية S-500 من شأنه حماية الأراضي الروسية من الضربة العالمية السريعة. ويمكن لكل صاروخ اعتراض عشرة صواريخ بالستية عابرة للقارات. وتقول موسكو إن هذا النظام سيوضع في الخدمة في عام 2017. أسياد الكون الحقيقيون أعادوا حساباتهم بالتأكيد. روسيا لا يمكن أن تختزل إلى غبار. والنظام العالمي الجديد ( طريق الحرير ) لا يمكن أن يتغير ويتبدل. |
|