تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حروب الظل الأميركية في افريقيا

عن: Common dreams
ترجمة
الأثنين 3-9-2012
ترجمة: خديجة القصاب

هل صحيح ان القوات الامريكية سجلت مؤخراً أعلى نسب تواجد لها في دول متفرقة من العالم اكثر مما كانت عليه ايام الحرب الباردة؟ يجيب توم انغلهارد مؤسس «مشروع الامبراطورية الامريكية »

وصاحب العديد من المؤلفات على غرار « حروب الطائرات بدون طيار بين الاعوام 2001 و 2050 « وقصة الحرب الباردة وما بعدها على هذا السؤال المثير للاستغراب يقول توم:‏

بات واضحاً للعيان قيام الولايات المتحدة بتقليص قواتها وقواعدها الضخمة في اوروبا الغربية وانسحاب فرقها العسكرية التي كانت مرابطة في العراق من ارضيه باستثناء المنطقة الخضراء حيث شيدت سفارتها في بغداد ومن جهة ثانية لا يزال هناك تواجد عسكري امريكي كثيف في منطقة الخليج العربي هذا في حين حركت ادارة اوباما سفنها وقواتها البحرية باتجاه جنوب شرق آسيا لتقيم ما يسمى قواعد خاصة بالطائرات الامريكية التي تحلق بدون طيار في منطقة شرق المحيط الهندي كذلك توجهت اساطيلها البحرية باتجاه امريكا اللاتينية لتشيد قاعدة عسكرية جديدة في تشيلي دون ان تنسى القارة السمراء حيث لم يكن للبنتاغون اي وجود عسكري يذكر فيها قبل مطلع هذا القرن لكن اليوم تغيرت تلك المعطيات لتنشر على امتداد الدول الافريقية الواقعة بين مدار السرطان وخط الاستواء قوات تابعة لوحداتها الخاصة ومدرجات لطائراتها التي تحلق بدون طيار وموانئ لبوارجها الحربية ليكتشف الرأي العام في الولايات المتحدة اثر مقتل ثلاثة من عناصر الكوماندوز الامريكيين في مالي خلال نيسان الماضي ان وحدات خاصة تابعة للبنتاغون تنفذ هجمات سرية في تلك المناطق الافريقية بعد ان قام كابتن من الجيش المالي سبق له وخضع لتدريبات في الولايات المتحدة بانقلاب عسكري فتح امامه الطريق ليقتطع جزءاً من السلطة هناك ليسهم البيت الابيض في تفتيت مالي وتقسيمها افتراضياً في البداية على يد من يدعون انهم ثوار من الطوارق ومن المتمردين الاصوليين ليتساءل الكاتب مرة اخرى من قرر عام 2007 حث قيادة البنتاغون « فرع افريقيا » للعمل على تحويل قارة افريقيا الى شبكة للقواعد العسكرية الامريكية ؟ ومن اصدر اوامر تفيد ان كل مجموعة اسلامية مسلحة في افريقيا تشكل خطراً على الولايات المتحدة مما يستدعي رد فعل عسكري امريكي ضدها ؟ بالطبع ليس الشعب الامريكي صاحب تلك الاوامر والقرارات فالشارع في الولايات المتحدة يجيب انغلهارد لا يعلم اي شيء حول هذا الموضوع والرأي العام الامريكي لم يستفسر عن المهام التي تقوم بها قوات بلاده في افريقيا او سواها ولم يستمع الى أي مناقشات حول تلك القضايا ولم تصدر واشنطن اية اشارة تتعلق بهذا الموضوع او ذاك لان تلك التحركات العسكرية مرتبطة بشكل وثيق بما يسمى حروب الظل الامريكية حروب هي أعد لها في البيت الابيض منذ وصول المحافظين الجدد الى السلطة اجندات عدة ابرزها ما تؤججه الافريكوم (القيادة الامريكية في افريقيا ) من معارك ومواجهات مسلحة على امتداد قواعدها المنتشرة في دول تقع بين السرطان والاستواء تصل مالي بالقرن الافريقي مروراً بأوغندا واثيوبيا وجيبوتي .‏

ففي كينا على سبيل المثال شيدت واشنطن قاعدة ممباسا وفي اوغندا تملك قاعدتين الاولى في كمبالا والثانية في عينتاب وفي جمهورية افريقيا الوسطى هناك بنفي وجيمار وفي اثيوبيا هناك ديرداوا .‏

اما قاعدة كامب لومونيه في جيبوتي فتعتبر اهمها على الاطلاق في قارة افريقيا ففي المنطقة الشرقية من تلك القارة وضع البنتاغون ثقله العسكري بزج المئات من الجنود الامريكيين المزودين بأحدث العتاد الحربي لتزويد قواتهم المتجهة من والى القرن الافريقي اضافة الى طائراتهم وسفنهم هناك ويرفد اكثر من عشرين مكتباً خاصاً بالتعاون الامني الملحق بالسفارات الامريكية في افريقيا تلك القواعد بالمعلومات والأنشطة التجسسيه التابعة الى الاستخبارات الامريكية المركزية ومهامها السرية عملياتها المرتبطة بقلب انظمة الحكم في تلك الدول الافريقية او سواها فعلى سبيل المثال تمت برمجة الحرب الليبية انطلاقاً من قواعد جوية امريكية متواجدة فوق اراضي جيبوتي واثيوبيا وجزر السيشل حيث تنتشر اكثر من ثلاثين باخرة حربية تابعة للبنتاغون عملت على تنسيق عملياتها بين قاعدة اشهر ارخبيل في المحيط الهندي « سيشيل « وبين طائرات الناتو كذلك الامر بالنسبة للحرب الاهلية الدائرة في الصومال وقد نجحت ال CIAفي زعزعة الاوضاع الداخلية لتلك الدول لتصبح عرضة لطائرات الكومندوز والمرتزقة التابعة للافريكوم .‏

ليصل صاحب هذه المقالة الى نتيجة مفادها انه منذ احداث الحادي عشر من ايلول تحركت القوات الامريكية وفق ثلاثة محاور المحور الاول باتجاه جنوب آسيا لتحط في افغانستان قبل عقد من الآن المحور الثاني باتجاه الشرق الاوسط فاحتلت العراق والمحور الثالث باتجاه القرن الافريقي حيث اندلعت حروب اقليمية لا تعرف نهايتها لتغدو القارة الافريقية اليوم الفرصة الذهبية المنتظرة بالنسبة لواشنطن حيث بيئة تلك القارة حاضنة لحروب الظل التي يخترقها البنتاغون ووكالات الاستخبارات الامريكية ويزيد عددها عن عشرين وكالة بجهوزيتها العالية.‏

 بقلم: توم انغلهارد‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية