تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قمة عدم الانحياز انتصار لإيران ولحقوق الشعوب

شؤون سياسية
الأثنين 3-9-2012
محرز العلي

حققت قمة طهران لحركة عدم الانحياز التي حضرتها 120 دولة وعلى مستوى عال من التمثيل انتصاراً كبيراً للسياسة الإيرانية ودقت مسماراً في نعش السياسة الأمريكية التي سعت جاهدة لفرض عزلة على طهران

والضغط عليها والانتقاص من دورها الإقليمي حيث مثل الحضور الكبير فشلا لهذه السياسة العدوانية التي انتهجها البيت الأبيض إرضاء للكيان الصهيوني وشكلت القمة نجاحا للدبلوماسية الإيرانية التي أدارت جلسات القمة وساهمت بتقريب وجهات النظر بين الأعضاء المشاركين تمثّل ذلك في التوافق على وثيقة طهران بالإجماع ولاسيما المتعلق بالأزمة السورية وضرورة حلها بالطرق الدبلوماسية ورفض أي تدخل خارجي بالشأن السوري.‏

لقد أعادت قمة طهران الروح للجسد حيث شكلت وبما صدر عنها من نتائج مرحلة مفصلية في تاريخ هذه الحركة نتيجة المواضيع التي بحثتها ومن أهمها دعم الشعوب في امتلاك التقنية النووية ورفض استخدام حقوق الإنسان كذريعة للضغط على الدول ورفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلدان الأعضاء ورفض التمييز العنصري وكل أشكال الحظر الأحادي الجانب وبحث القضايا والأزمات التي تواجه المنطقة كجرائم الكيان الصهيوني والتهديدات التي يطلقها بين الحين والآخر وكذلك دعم حقوق الشعب الفلسطيني وغيرها من المواضيع التي تحقق السلام والأمن والتنمية والعدالة والمساواة وبناء عالم خال من هيمنة القوة والتهديد وبذلك أعادت الأضواء إلى هذه المنظمة عبر تفعيل دورها في القضايا التي تهم شعوب دولها.‏

لقد أحيت هذه القمة المبادئ التي قامت عليها حركة عدم الانحياز مثل مكافحة الاستعمار والاستغلال السياسي والاقتصادي والثقافي وعدم الانصياع للأحادية القطبية في العالم ورفع مستوى التضامن والتعاون بين البلدان الأعضاء وهذا يشكل انتصارا لهذه الحركة ودافعا لبدء مرحلة جديدة والقيام بدور فاعل لتحقيق أحلام الإنسانية في الانعتاق من نير النظام الحالي والهيمنة الأمريكية على القرار الدولي والتأسيس لنظام متعدد الأقطاب تترك فيه أقطاب القوة التقليدية الحالية مكانها لمجموعة من البلدان والثقافات والحضارات المتنوعة ذات المنابت الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة، الأمر الذي يوفر الأرضية المناسبة لإدارة عادلة ومشتركة للعالم.‏

إن قمة طهران أكدت على أن سياسة القطب الواحد إلى أفول وأنه آن الأوان لتغيير الوضع الراهن، حيث يدار العالم بدكتاتورية عدة بلدان غربية عبر مجلس الأمن وبمفاهيم مغلوطة حيث تفرض هذه القوى الاستعمارية المهيمنة على المنظمات الدولية تعسفها على العالم بلبوس المفاهيم النبيلة مثل حقوق الإنسان والديمقراطية ومحاربة الإرهاب وهي في حقيقة الأمر تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعوب الأخرى وتحاول التدخل في شؤون الدول والسيطرة على قرارها السيادي ويستهدفون بأسلحتهم المتطورة ودعمهم للمجموعات الإرهابية المسلحة المواطنين الآمنين العزل وتفرض مصالحها باسم القوانين الدولية وتستخدم الإعلام للترويج لأكاذيبها وتضليلها وخداعها، الأمر الذي أعطى هذه القمة أهمية بالغة لجهة العمل الجاد على ضرورة تغيير الوضع الدولي المقلوب وتحقيق تطلعات الشعوب في إعادة الحقوق المشروعة لأصحابها وبما يحقق العدل والمساواة في العالم.‏

الانتصارات التي حققتها قمة طهران لم تؤثر عليها أصوات بعض من كان يمثل القوى الاستعمارية بما حمله من أفكار تتناقض مع مبادئ حركة عدم الانحياز والذي تمثل في موقف الرئيس المصري محمد مرسي، لاسيما فيما يتعلق بالأزمة السورية حيث أعلن انحيازه للمجموعات الإرهابية المسلحة التي ترتكب الجرائم بحق المدنيين الأبرياء وتقوم بترويع المواطنين وبث الفوضى تنفيذاً لأجندات عدوانية تستهدف إضعاف سورية والنيل من مواقفها وهذا الموقف بالطبع نال رضا الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، الأمر الذي يشير إلى التنسيق بين مرسي وواشنطن في هذا السياق ويؤكد أن هذا الموقف لا يعبر عن آراء الشعب المصري وإنما عن فئة قليلة تمثل حزبه الإخواني.‏

إن قمة طهران أعادت الأمل للشعوب المستضعفة في استرجاع حقوقها والحفاظ على استقلالها وسيادة قرارها وذلك من خلال الدور الذي ستلعبه حركة عدم الانحياز برئاسة إيران على الساحة الدولية والذي من شأنه إزالة الصورة السوداوية التي تحاول أمريكا والصهيونية العالمية رسمها للمنطقة وشعوبها عبر أذنابهما من المجموعات المتطرفة في المجتمعات الإسلامية التي ركبت موجة الثورات العربية لتثير الرعب والقلق وعدم الاستقرار في المنطقة، وبذلك تترجم حركة عدم الانحياز شعار القمة الذي تمثل في السلام العادل والحوكمة المشتركة للعالم.‏

mohrzali@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية